الخطية والكفارة في الإسلام والمسيحية - الشهادتان والغفران
الشهادتان والغفران: قال أبو هريرة: سأل أبو ذر الغفاري محمداً: يا رسول الله كيف يخلص المسلم؟ فقال محمد إنه يخلص بالقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
مشيئة الله والغفران: ورد في سورة آل عمران 3:129: ·وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ.
قال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية: إن أصحابنا يحتجّون بهذه الآية، على أنه سبحانه له أن يُدخل الجنة بحكم ألوهيته جميع الكفار والمردة. وله أن يُدخل النار بحكم ألوهيته جميع المقربين والصديقين. وأنه لا اعتراض عليه في فعل هذه الأشياء.
ولا يعترض الرازي على هذا الفكر بل لعله يؤيده، إذ يقول: إن دلالة الآية على هذا المعنى ظاهرة. والبرهان العقلي يؤيد ذلك أيضاً، لأن فعل العبد يتوقف على الإرادة. وتلك الإرادة مخلوقة لله. فإذا خلق الله تلك الإرادة أطاع. وإذا خلف النوع الآخر من الإرادة عصى. فطاعة العبد من الله ومعصيته أيضاً من الله. وفعل الله، لا يوجب على الله شيئاً البتة. فلا الطاعة توجب الثواب، ولا المعصية توجب العقاب. بل الكل من الله بحكم ألوهيته وقهره وقدرته.
هذا الفكر يتعارض مع فكر الكتاب المقدس، الذي يحتم ذبيحة كفارة للغفران. وقد عرف هذا الوجوب منذ البدء. إذ نرى خيطاً قرمزياً في كل الكتاب المقدس يقطر دماً، لأنه ·بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لَا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ - عبرانيين 9:22.
الواقع أن الله لكونه كاملاً، لا يصح لمشيئته أن تغفر لإنسان ذنبه على حساب حقه وعدله، الذي قال: ·النفس التي تخطئ هي تموت وإذا غفر لنفس خاطئة، وجب أن يكون هناك سبب للغفران، يكون فيه ترضية للعدل. وهذه الترضية كانت في العهد القديم تقدم بذبائح حيوانية: تيوس وعجول وخراف، وكان الله يقبلها لأنها كانت ترمز إلى ذبيحة المسيح، التي قدمها في عهد النعمة، فوفت العدل الإلهي إلى الأبد وأكملت كل المقدسين. فتم ما قيل في المزامير: ·ا لرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ التَقَيَا. البِرُّ وَالسَّلَامُ تَلَاثَمَا - مزمور 85:10.
- عدد الزيارات: 45621