الخطية والكفارة في الإسلام والمسيحية - الكفارة في المسيحية
5 - الكفارة في المسيحية
الكفارة كلمة تعني الستر أو التغطية، وهي في المسيحية تعني عمل المسيح بطاعته الكاملة، لأجل خلاص البشر من لعنة الشريعة ومصالحتهم مع الله بدم صليبه. وفي هذا يقول الرسول: ·فَإِنَّ المَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الآثمة، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ - 1 بطرس 3:18. وقيمة كفارة المسيح مبنية على كونه ابن الله الأزلي.
ويصح أن ننظر إلى كفارة المسيح من أوجه مختلفة، باعتبار نسبتها إلى الله، من جهة محبته وقداسته وعدله. وباعتبار نسبتها إلى الإنسان، من جهة فعلها فيه، ولأجله. لذلك قيل إن كفارة المسيح تكفير عن خطية الإنسان، وإنها تعبير واضح عن مفعول ذبيحة المسيح في خلاص الخاطي من لعنة الشريعة، ورفع الدينونة عنه، وقيل أيضاً إن كفارة المسيح ترضية لله وإيفاء لعدله، أي واسطة إرضائه واستعطافه. وهذا تعبير عن مفعول ذبيحة المسيح في إزالة غضب الله وعن رضاه بقبول الخاطي للمصالحة.
وقيل إن الكفارة، هي ستر النفس المذنبة بدم المسيح، حتى لا يُطالب المذنب بالقصاص. لأن القصاص رُفع عنه بوضعه على المسيح، الذي مات لأجله. وهذا ما أشار إليه الرسول يوحنا بقوله: ·فِي ه ذَا هِيَ المَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا - 1 يوحنا 4:10.
وقيل إن الكفارة فتحت باب المصالحة بين الله والإنسان بدون إهانة شريعة الله المقدسة. وهذا ما عناه بولس بقوله: ·إِنَّ اللهَ كَانَ فِي المَسِيحِ مُصَالِحاً العَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعاً فِينَا كَلِمَةَ المُصَالَحَةِ - 2كورنثوس 5:19.
لقد تفلسف البشر كثيراً في طبيعة الله ونسبته إلى خلائقه الخطاة، ولم يصلوا البتة إلى نتيجة مرضية. ولكن ما عجزت فلسفات العالم عن تبيانه، أوضحه الكتاب المقدس، إذ يقول إن الله عادل، وعدله يطلب قصاص المذنب، فلا يمكن أن تكون مصالحة بدون تكفير. وانطلاقاً من هذه الحقيقة قام عهد الذبائح لستر الخطية. وقد بدأ في الفردوس، حين صنع الله أقمصة الجلد لآدم وحواء. لأن تحضير الجلد للستر استلزم ذبح بعض حيوانات الجنة.
ونعلم من الكتاب العزيز أن ذبيحة هابيل التي تقبلها الله وتنسم منها رائحة الرضى، لم تكن إلا ظلاً للفداء العتيد الذي يتفق مع فكر الله.بل إنها كانت من وحيه وإلهامه - تكوين 4:4.
وكذلك الكبش الذي أرسله الله لإبراهيم، ليفدي به ابنه، لم يكن إلا رسماً لذبيحة الكفارة، التي أعدها الله منذ الأزل، بيسوع المسيح - تكوين 22:1-14.
وأيضاً خروف الفصح، الذي أمر الله الشعب أن يقدموه في مصر - خروج 12:1-42- لم يكن إلا رمزاً بارزاً لفصح العهد الجديد، الذي ذُبح فيه حمل الله، بدليل شهادة بولس القائلة: ·لِأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضاً المَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لِأَجْلِنَا. إِذاً لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلَا بِخَمِيرَةِ الشَّرِّ وَالْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ الْإِخْلَاصِ وَالْحَقِّ - 1كورنثوس 5:7، 8.
- عدد الزيارات: 45622