Skip to main content

الخطية والكفارة

الخطية والكفارة في الإسلام والمسيحية - القرآن يعلم بوجود الخطية الأصلية

الصفحة 3 من 17: القرآن يعلم بوجود الخطية الأصلية


ولكن قبل أن أنهي الحديث عن الخطية يجب أن أذكر أن القرآن يعلم بوجود الخطية الأصلية، ويقر بأنها كانت سبباً لسقوط آدم وحواء، وذريتهما. وقد أفرد لها آيات كثيرة نكتفي بذكر أوضحها وأسهلها تناولاً على أفهامنا: ·وَقُلْنَا يَا آدَمُ ا سْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ا هْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ ْعَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - سورة البقرة 2:35-38.

اختلف علماء المسلمين في المكان الذي كان فيه آدم وحواء قبل السقوط. قال أبو قاسم البلخي، وأبو مسلم الأصفهاني إن الجنة كانت في الأرض. وفسرا الإهباط بالانتقال من بقعة إلى بقعة، كما في قول القرآن اهبطوا مصر.

أما الجبائي فقال إن تلك الجنة كانت في السماء السابعة والدليل قوله ·اهبطا منها.

ويتفق القرآن مع نص سفر التكوين، من حيث أن معصية آدم كانت أكل ثمر الشجرة التي في وسط الجنة. إلا أن العلماء اختلفوا في نوعية الشجرة، ولهم في ذلك عدة روايات مدعمة كلها بالأسانيد، منها:

 

عن إسحاق، عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة وابن المبارك عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة.

وعن ابن حميد، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبه اليماني أنه كان يقول: هي البر، ولكن الحبة منها في الجنة ككلى البقر، ألين من الزبد وأحلى من العسل.

وروي أن أبا بكر الصديق، سأل رسول الله عن الشجرة فقال: هي الشجرة المباركة السنبلة.

وعن سلمة، قال حدَّثني محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، أنه حدَّث أنها الشجرة، التي كانت تحتكّ بها الملائكة للخلد.

وعن ابن وقيع، قال: حدَّثني عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عمن حدَّثه، عن ابن عباس قال هي الكرمة.

وعن مجاهد، وعن قتادة أنها شجرة التين.

وقال الربيع ابن أنس: كانت شجرة من أكل أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث.

ويتفق القرآن أيضاً مع سفر التكوين في أن آدم وحواء أقدما على الأكل بغواية الشيطان، إذ يقول: ·فأزلَّهما الشيطان.

وقال ابن جريج، عن ابن عباس، أنه قال في تأويل كلمة ·فأزلهما الشيطان أنه أغواهما.

ولما كان آدم في نظر القرآن نبياً، والأنبياء حسب تعليم الإسلام معصومون عن الخطأ، فقد قام إشكال في حادث سقوط آدم. فقام المفسرون بمهمة الخروج من الإشكال، فقالوا: إن آدم حالما صدرت عنه تلك الزَّلّة ما كان نبياً، ثم بعد ذلك صار نبياً. ولكن هذا الرأي لم يحصل على الإجماع، فقد قال فريق من المفسرين إن آدم كان نبياً منذ البدء. وإنما وقع في زلَّته، وهو ناسٍ. ومثَّلوه بالصائم الذي يشتغل بأمر ما يستغرقه ويغلب عليه. فيسهو عن الصوم، ويأكل في أثناء ذلك السهو لا عن قصد. وجاء في إحدى الروايات إنّ حواء سقته خمراً، حتى سكر ففعل ذلك أثناء السكر.

ولست أدري كيف يمكن أن يقبل مثل هذا التفسير، والقرآن يقول في الآية التالية: ·فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - سورة البقرة 2:37. فكلمة تاب هنا تدل على أنه وقع في الخطية فعلاً باختياره، وإن يكن حاول إلقاء المسؤولية على حواء، كما يخبرنا الكتاب المقدس.

وقد جاء في آراء لفيف من العلماء ما يؤكد أن آدم تعمَّد الأكل من الشجرة، فقد أخرج أبو جعفر الطبري عن يونس بن عبد الأعلى، عن وهب، عن ابن زيد في تفسير: ·فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَات... فقال: لقَّاهما هذه الآية: ·رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ - سورة الأعراف 7:23.

وحدَّث موسى بن هرون، قال: حدَّثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي، في تفسير ·فتلقى آدم من ربه كلمات قال: ·رب ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى. قال: ونفخت فيَّ من روحك؟ قيل له: بلى. قال: وسبقت رحمتُك غضبَك؟ قيل له: بلى. قال: رب، هل كنتَ كتبت هذا عليّ؟ قيل له: نعم. قال: رب وإن تبتُ وأصلحت هل أنت راجعني إلى الجنة؟ قيل له: نعم. قال الله تعالى: ·ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى.

وفي رواية أخرى عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي. قال حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع. قال: حدّثني من سمع عبيد بن عمير يقول: قال آدم: يا رب خطيئتي التي أخطأتها، أشيء كتبتَه عليَّ، قبل أن تخلقني؟ أو شيء ابتدعتُه من قِبَل نفسي؟ قال بلى شيء كتبتُه عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبتَه عليَّ فاغفره لي. قال: فهو قول الله فتلقى آدم من ربه كلمات.

ولكن هذه التفاسير كلها لا يمكنها نفي الحقيقة التي يقرها المنطق، وهي أن آدم أخطأ باختياره. وهذا ما ذهب إليه الفخر الرازي بقوله: أما الآيات التي تمسكوا بها في الأفعال فكثيرة: أولها قصة آدم عليه السلام. تمسكوا بها من سبعة أوجه:

1 - إنه كان عاصياً، والعاصي لا بد وأن يكون صاحب الكبيرة لوجهين: الأول أن النص يقتضي كونه معاقَباً لقوله تعالى: ·ومن يعصى الله ورسوله فإن له نار جهنم. الوجه الثاني أن العاصي اسم ذم، فيجب أن لا يتناول إلا صاحب الكبيرة.

2 - في التمسك بقصة آدم أنه كان غاوياً، كقول القرآن فغوى، والغي ضد الرشد.

3 - إنه تاب والتائب مذنب. والتائب هو النادم على فعل الذنب، والنادم على فعل الذنب، مخبر عن كونه فاعلاً للذنب. فإن كذب في ذلك الإخبار فهو مذنب في الكذب، وإن صدق فيه فهو المطلوب.

4 - إنه ارتكب المنهيَّ عنه، في قوله ·ألم أنهكما عن تلكما الشجرة، ولا تقربا هذه الشجرة وارتكاب المنهي عنه عين الذنب.

5 - سُمي ظالماً، في قوله ·فتكونا من الظالمين. وهو سمى نفسه ظالماً في قوله: ·ربنا ظلمنا أنفسنا والظالم ملعون لقوله ·ألا لعنة الله على الظالمين. ومن استحق اللعن كان صاحب الكبيرة.

6 - اعترف بأنه لولا مغفرة الله له وإلا لكان من الخاسرين في قوله ·وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين وذلك يقتضي كونه صاحب الكبيرة.

7 - إنه أُخرج من الجنة بسبب وسوسة الشيطان، وإذلاله جزاء على ما أقدم عليه من طاعة الشيطان، وذلك يدل على كونه صاحب الكبيرة.

خلاف حول الكيفية التي دخل بها الشيطان إلى الجنة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 42265

راديو نور المغرب

تابعوا وشاركوا في برنامج مسيحي حواري مباشرة على الهواء من راديو نور المغرب، تواصلوا معنا عبر الواتساب أو اتصلوا بالرقم: +212626935457

شهادات صوتية

تعالوا معنا لنستمع إلى شهادات واختبارات لأشخاص آمنوا بالسيد المسيح من كافة أنحاء العالم العربي، وكيف تغيرت حياتهم عندما تقابلوا مع المسيح.

إستمع واقرأ الإنجيل

أستمع واقرأ الإنجيل مباشرة عبر موقعنا لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح ومميزة أفكار القلب ونياته.

شهادات بالفيديو

تعالوا معا نشاهد هنا قصص واقعية لأشخاص إنقلبت حياتهم رأسا على عقب وعبروا من الظلمة إلى النور بعدما تعرفوا على السيد المسيح مخلص العالم.