شبهات شيطانية حول إنجيل يوحنا - قال المعترض الغير مؤمن: كان الإجمال والإبهام في كلام المسيح
قال المعترض الغير مؤمن: كان الإجمال والإبهام في كلام المسيح بحيث لا يفهمه معاصروه وتلاميذه في كثير من الأحيان، ما لم يفسره بنفسه، كقوله في يوحنا 2: 19-23 انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه . وهي نبوة عن موته، وكذا تشبيه تجديد القلب بولادة جديدة (يوحنا 3: 3-10) وكذا تشبيه نفسه بخبز الحياة (يوحنا 6) وكذا قوله في يوحنا 8: 21 و22 و51 و52 إنه يمضي وإنهم يموتون في خطيتهم لعدم إيمانهم، وكذا تعبيره في يوحنا 11: 11-14 عن موت لعازر بالنوم، وكذا تحذيره لتلاميذه عن خمير الفريسيين أي تعاليمهم (متى 16: 6 و8 و11 و12) وكذلك تعبيره عن موت الصبيَّة بالنوم (لوقا 8: 52 و53) وكذلك عدم فهم التلاميذ موت المسيح (لوقا 9: 44 و45 و18: 31-34) .
وللرد نقول بنعمة الله : أقوال المسيح في غاية الفصاحة والوضوح، وكان يطبع في أذهان سامعيه المعقولات من المحسوسات. وورد في مرقس 4: 33 و34 وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلّمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا، وبدون مثلٍ لم يكن يكلمهم . فسبب عدم فهمهم ليس لصعوبة الكلام، بل لعَمَى الأفهام.
(1) من أسباب عدم فهم اليهود صَلْب المسيح هو أنهم كانوا يتوقعونه ملكاً أرضياً يفتح البلاد ويزيل نير الرومان من أعناقهم. فلما أتى المسيح متواضعاً احتقروه، ولم يدروا أن مملكته روحية فإنه يملك على الأفئدة بالمحبة. ولما أوضح لهم وجوب صلبه (لوقا 18: 31) لم يفهموا ذلك، كما لم يفهموا قوله: انقضوا هذا الهيكل وأنا أقيمه مشيراً إلى جسده. فاستبعدوا موته ولاسيما أنهم رأوا معجزاته وكيف كان يفتح أعين العميان ويقيم الموتى، وكانوا متأكدين أنه قادر على ملاشاة العالم في طرفة عين، ولم يدروا أنه كان ينبغي أن يتألم.
(2) لما كان مطمح أنظار اليهود الطهارة الجسدية، لم يعرفوا معنى تجديد القلب وتغيير العواطف الداخلية، فانغمسوا في الآثام واقتصروا على الطقوس الخارجية من الغسلات وخلافها. وقد نبّههم المسيح إلى هذا الخطأ فقال: ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان... وأما الأكل بأيدٍ غير مغسولة فلا ينجس الإنسان (متى 15: 11 و20). ومع أن المسيح أوضح لنيقوديموس وجوب تجديد القلب، وشبّهه بولادة الإنسان الطبيعية، إلا أن نيقوديموس لم يفهم ذلك لتعلّقه (ككل يهودي) بالأرضيات، مع أن هذا التعليم ورد في مزمور 51: 10 و11 قلباً نقياً اخلُقْ فيَّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّدْ في داخلي. لا تطرَحْني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزِعْه مني . وكذلك في حزقيال 36: 26.
(3) تشبيه نفسه بخبز الحياة لأنه يعطي المؤمن الحياة، كما أن الخبز المادي يعطي حياة للجسد. (انظر تعليقنا على يوحنا 6: 55).
(4) النوم هو بمعنى الموت كما ورد في لسان العرب وأساس البلاغة، فالمسيح خاطبهم بالمتعارف. ووصف الموت بالنوم ليوضح لنا أن الموت ليس هو الفناء بل مجرد رقاد تعقبه القيامة. وكذلك إشارته إلى تعاليم الفريسيين بالخمير لئلا يسري تأثيرها إلى الغير.
اعتراض على يوحنا 3: 3-10
انظر تعليقنا على يوحنا 2: 19-23
- عدد الزيارات: 32163