شبهات شيطانية حول إنجيل يوحنا - اعتراض على يوحنا 1: 18
اعتراض على يوحنا 1: 18
انظر تعليقنا على تكوين 32: 30
قال المعترض الغير مؤمن: ورد في يوحنا 1: 20 أن اليهود أرسلوا من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوا المسيح: من أنت؟ فسألوه أأنت إيليا؟ فقال: لست أنا. وورد في متى 11: 14 قول المسيح في حق يوحنا: وإن أردتم أن تقبلوا، فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي . وفي متى 17: 10 وسأله تلاميذه: فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟ فأجاب يسوع: إن إيليا يأتي أولاً ويردّ كل شيء. ولكني أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك ابن الإنسان أيضاً سوف يتألم منهم. حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان .
وللرد نقول بنعمة الله : لما كان اليهود متعلّقين بالأرضيات، فهموا أغلب أقوال النبوات بالمعنى الحرفي، فكانوا يتوهّمون أن المسيح يكون ملكاً جباراً يفتح البلاد ويُظهر قوته وبأسه، ويخلع عن أعناقهم نير الرومان، ويوظفهم في وظائف مُلكه، فيجعل منهم الوزراء والولاة. ولم يخطر ببالهم أن ملكوت المسيح هو ملكوت روحي بمعنى أنه يحكم بالمحبة والسلام والبر. فلما رأوه وديعاً متواضعاً ازدروا به لخيبة آمالهم.
وعلى هذا القياس فهموا ما ورد في نبوة ملاخي من أنه سيأتي إيليا نفسه بالمعنى الحرفي قبل المسيح. فلما أرسل اليهود كهنة ولاويين ليسألوا يوحنا: هل هو إيليا الحقيقي أم لا؟ أنكر أنه إيليا الحقيقي، ولكنه لم ينكر أنه هو إيليا الذي تنبأ عنه النبي ملاخي، فإنه أوضح (في آية 23) أنه أتى ليمهد طريق الرب، فكانت غايته من قوله إنه ليس إيليا أن يزيل أوهامهم وأغلاطهم عن إيليا، ويبيّن لهم حقيقة الأمر، ويوضح لهم أنه أتى بروح إيليا.
فالنبي ملاخي شبَّهه بإيليا، فقال إنه إيليا لأن أوجه الشبه بين يوحنا وإيليا كثيرة. وقوله: سيأتي إيليا هو من التشبيه، فيوحنا هو مثل إيليا في تقشّفه وزُهده وغيرته، وهو مثله في شهامته في توبيخ الأمراء والوجهاء وذوي الشأن. فإيليا أنذر الملك أخآب وزوجته إيزابل، وقال إن الله سيقطع نسلهما وتلحس الكلاب دمهما عقاباً لهما على ظلمهما (1ملوك 21: 17 - 24). وكذلك فعل يوحنا المعمدان، فإنه وبخ عظماء اليهود على قسوتهم وغلاظة قلوبهم. وورد في لوقا 1: 17 أنه أتى بروح إيلياوقوته، فالمسيح قال إنه إيليا، وإنه أدّى مأموريته، وهي تمهيد الطريق أمام المسيح.
فلا منافاة بين قول يوحنا وقول المسيح، فيوحنا نفى أوهام اليهود من أن إيليا الحقيقي الذي صعد إلى السماء حياً سيأتي بنفسه. ولم يكن المعمدان إيليا الحقيقي، ولكنه أتى بروح إيليا.
انظر تعليقنا على لوقا 1: 17
- عدد الزيارات: 32142