Skip to main content

لزوم كفارة المسيح

الفداء أو الطريق الإِلهي للغفران - نشأة الفداء

الصفحة 2 من 7: نشأة الفداء

 

2 - نشأة الفداء

ذكرنا في الباب الأول أن آدم عندما أكل من الشجرة المنهي عنها ومات موتاً أدبياً، لم ينفذ اللّه فيه وقتئذ حكم الموت الجسدي، الذي أنذره به في حالة العصيان، بل أنقذه من هذا الموت، وأنقذه أيضاً من الموت الأبدي الذي هو العقاب الذي كان سيعرض له في العالم الآخر، وذلك بتوقيع الموت على حيوان عوضاً عنه. وإن كانت هذه الذبيحة الحيوانية في حدّ ذاتها غير كافية للفداء، لكن لأنها كانت رمزاً إلى ذبيحة عظمى في نظر اللّه، لذلك اكتسبت وقتئذ شرعاً قوة الفداء - ولبيان هذا نقول:

 

سجَّل الوحي أنَّ اللّه بعدما اقتاد آدم وحواء للاعتراف بعصيانهما والندم عليه، صنع لهما أقمصة من جلد وألبسهما (تكوين 3: 21). وبما أنَّ الوحي لا يستعمل كلمة إلا في معناها الصحيح، لذلك لا بدّ من التسليم بأنَّ اللّه لم يخلق هذه الأقمصة من العدم بل صنعها. ولما كانت صناعتها تستلزم وجود جلد وقتئذ تُصنع منه، واللّه لم يخلق جلداً بمفرده، بل خلق حيوانات يكسوها الجلد، إذاً فمن المؤكد أنه بوسيلة ما تمَّ ذبح حيوانين، ومن جلدهما صُنعت هذه الأقمصة.

لكن إذا تأملنا الظروف المحيطة بهذا الموضوع، يتضح لنا أن الغرض من ذبح الحيوانين المذكورين لم يكن مجرد الحصول على الجلد، بل التكفير بهما (أو بالحري التعويض بهما) عن آدم وزوجته، وذلك للأسباب الآتية:

إن اللّه الذي خلق العالمين بكلمة، لم يكن من العسير عليه أن يخلق أقمصة من الجلد بكلمة أيضاً، بدلاً من ذبح حيوانين لاستخدام جلدهما في صنع الأقمصة المذكورة.

لم ينتفع آدم وحواء بلحم هذين الحيوانين في شيء ما، ومن ثم فلم يكن هناك مبرر لذبحهما لولا أن اللّه قصد به أول فدية عن آدم وامرأته. أما أول من أكل اللحم فهو نوح وأولاده (تكوين 9: 3)، أما من سبقوهم من البشر فكانوا يأكلون النباتات فسب. وعلماء التاريخ الطبيعي يؤكدون هذه الحقيقة، فهم يقولون إن الإِنسان لم يعرف أكل اللحوم إلا بعد فترة طويلة من وجوده على الأرض.

قدم هابيل بن آدم عن نفسه (كما سنرى فيما بعد) ذبيحة حيوانية للّه، وطبعاً ما كان من الممكن أن يعرف كيفية تقديمها أو ضرورة تقديمها من تلقاء ذاته (لأنه لم يكن يأكل لحماً حتى يعرف كيفية ذبح الحيوان، أو يدرك استحقاقه للموت بسبب أي خية يرتكبها، حتى يقدم هذا الحيوان كفارة عن نفسه)، بل لا بد أنه عرف هذين الأمرين من أبيه. وطبعاً ما كان أبوه ليعرفهما، لولا أنه أدرك أنَّ اللّه قصد بذبح الحيوانين (اللذين لم ينتفع هو بشيء منهما سوى الجلد)، أن يكونا كفارة عنه وعن امرأته.

مما تقدم يتضح لنا: (أ) أنَّ الموت الذي كان يجب أن يحل بآدم وحواء بسبب عصيانهما، رتب اللّه أن يحل بحيوانين بريئين عوضاً عنهما، رحمةً بآدم وحواء من جهة، وإيفاءً لمطالب عدالة اللّه على النحو الذي ارتضاه من جهة أخرى. (ب) إنَّ اللّه سر عري آدم وحواء الذي ترتب على عصيانهما، أو بالحري غطى نتائج خطيتهما، بجلد هذين الحيوانين، فيكون اللّه قد جعل الفداء أساس الخلاص من قصاص الخطية ونتائجها السيئة، التي كان يشار إليها بالعري وقتئذ.

الفداء في عصر الآباء
الصفحة
  • عدد الزيارات: 25315

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.