Skip to main content

لزوم كفارة المسيح

الطرق البشرية للحصول على الغفران - الشفاعة وعلاقتها بالغفران

الصفحة 6 من 6: الشفاعة وعلاقتها بالغفران

5 - الشفاعة وعلاقتها بالغفران

1 - عدم قدرة الأنبياء على الشفاعة أمام اللّه: بما أن هؤلاء الأنبياء وإن كانوا أفضل من غيرهم من الناس، غير أنهم في ذواتهم خطاة مثلهم، إن لم يكن بالفعل، فبالقول والفكر كما ذكرنا في الباب الأول، لذلك فإنهم من تلقاء أنفسهم لا يتوافقو مع اللّه في صفاته السامية، كما يقعون من جهة استحقاقهم الذاتي تحت طائلة قصاصه الأبدي، فلا يستطيعون أن يتشفَّعوا لأجل خلاص أحدٍ من قصاص خطاياه أو تأهيله للوجود مع اللّه، لأنهم أنفسهم يحتاجون إلى هذا وذاك. والكتاب المقدس بإعلانه أن القديسن خطاة مثل باقي الناس (جامعة 7: 20) لا يقصد التشهير بهم، بل يعلن حقيقة أمرهم حتى لا يعتمد عليهم أحد في أمر الخلاص من الخطية ونتائجها.

2 - عدم قدرة الملائكة على الشفاعة لدى اللّه: كما أنَّ الملائكة وإن كانوا في نظرنا كائنات سامية طاهرة، لكنهم ليسوا كذلك في نظر اللّه الكلي الكمال. فقد قال الوحي إنه تعالى ينسب إلى الملائكة حماقة (أيوب 4: 18). فإذا أضفنا إلى ذلك أن لملائكة كائنات محدودة، والكائنات المحدودة لا تستطيع أن تفي مطالب عدالة اللّه وقداسته غير المحدودة، أدركنا أن شفاعة الملائكة (إن كانت لهم شفاعة) لا تجلب لنا الغفران أو تقربنا إلى اللّه، لأنه لا سبيل إلى ذلك إلا بعد إيفاء مطالب عدالته وقدسته.

أما الاعتراضات التي تُوجَّه ضد الحقائق السابقة، ففيما يلي بيانها والرد عليها:

1 - إذا كانت شفاعة القديسين لا تُجدي، فلماذا أراد اللّه أن يعفو مرة عن الأشرار الذين كانوا في سدوم وعمورة، لو كان بينهم عشرة أبرار (تكوين 18: 32)؟

الرد:لا يُراد بالأبرار هنا، أشخاص خالون من الخطية، بل أشخاص كانوا يخافون اللّه ويحاولون جهد الطاقة أن يعملوا بوصاياه، كما كانوا يقدمون له الذبائح الكفارية عن الخطايا التي يأتونها، كما سبقت الإشارة في الباب الأول، وكما سيتَّضح باتفصيل في الباب التالي. ولا شك أن للقديسين مقاماً خاصاً لدى اللّه، لكن لا شك أيضاً أنَّ هذا المقام لا يطغى على مطالب عدالته وقداسته. فإذا أمعنا النظر في حادثة سدوم وعمورة نرى أنَّ وجود بعض الأبرار فيها، لم يكن لرفع القصاص الأبدي عن الأشرر الذين كانوا معهم، أو ليمنحهم طبيعة روحية تهيِّئهم للتوافق مع اللّه في قداسته وصفاته الأدبية السامية إلى الأبد، بل كان ليرفع عنهم فقط قصاصاً وقتياً دنيوياً، وهذا من الممكن حدوثه كما ذكرنا في حديثنا عن الصلاة.

ومن مواضع أخرى في الكتاب المقدس، يتضح لنا أن وجود الأبرار في العالم لا يحمي الأشرار من مثل هذا القصاص، إذا كان مكيال شرهم قد طفح أمام اللّه. فقال: «إِنْ أَخْطَأَتْ إِلَيَّ أَرْضٌ وَخَانَتْ خِيَانَةً، فَمَدَدتُ يَدِي عَلَيْهَا وَكَسَرْتُ لَهَا قِوَامَ الْخُبْزِ، وَأَرْسَلْتُ عَلَيْهَا الْجُوعَ، وَقَطَعْتُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، وَكَانَ فِيهَا هَؤُلاءِ الرِّجَالُ الثَّلاثَةُ: نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَإِنَّهُمْ إِّنمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ (فحسب) بِبِرِّهِمْ»(حزقيال 14: 13 ، 14).

وهكذا الحال من جهة الأبدية، فإنه ليس هناك قديس مهما كان شأنه، يستطيع أن ينقل، على أساس مكانته السامية لدى اللّه، خاطئاً من الهاوية إلى الفردوس. وكفى على ذلك دليلاً أنَّ الرجل الغني الذي عاش على الأرض بعيداً عن اللّه، لما نادى وهو ي الهاوية إبراهيم أبا المؤمنين قائلاً له: «يَا أَبِي إِبْرَاهِيمُ ارْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هاذَا اللَّهِيبِ. فَقَالَ إِبْراهِيمُ: يَا ابْنِي اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذالِكَ لِعَازَرُ الْبَلايَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَّزَى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. وَفَوْقَ هاذَا كُلِّهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُّوَةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ هاهُنَا إِلَيْكُمْ لا يَقْدِرُونَ، وَلا الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا...»(لوقا 16: 24 - 26).

2 - إن كان القديسون خطاة بطبيعتهم وأعمالهم مثل غيرهم من الناس، فكيف غفر اللّه لهم وقربهم إليه كما نؤمن جميعاً؟!

الرد:لا شك أنه تم إيفاء مطالب عدالة اللّه وقداسته التي لا حد لها من جهتهم بوسيلة خاصة، من جانبه وليست طبعاً من جانبهم، لأنهم لا يستطيعون بكل تقواهم وأعمالهم الصالحة أن يعيدوا إلى حق اللّه كرامته بالدرجة التي يصبح معها كأنه لم يُتدَ عليه، أو يعيدوا إلى أنفسهم حياة الاستقامة التي كان عليها آدم قبل السقوط في الخطية - والوسيلة التي على أساسها خلّص اللّه هؤلاء القديسين من خطاياهم ونتائج خطاياهم، هي التي على أساسها يخلص كل الخطاة في كل زمان ومكان، كما سيتضح من الأبوب الآتية إن شاء اللّه.

3 - إذا كان الأمر كذلك، ألا يوجد شفيع بيننا وبين اللّه؟

الرد:نعم هناك شفيع أو بالحري محام، معيّن من لدن اللّه، قادر على الوقوف بيننا وبينه، لأن هذا ما تتطلبه محبته لنا وعطفه علينا. لكن قبل أن نعرف من هو هذا الشفيع أو المحامي، لنسأل أنفسنا: إذا كان إنسان قد ارتكب خطايا أو خطية واحدة، وفي الوقت نفسه لم يعمل كل البر الذي أمر اللّه به، وكان بطبيعته عاجزاً عن الإحاطة بمطالب عدالة اللّه وقداسته التي لا حدّ لها، وبالتبعية كان عاجزاً عن إيفائها جميعاً، فهل يمكن أن يقبل اللّه شفاعته؟ طبعاً كلا.

وإذا كان الأمر كذلك، أدركنا أنّ الجدير بالشفاعة يجب أن يكون شخصاً لم يعمل أية خطية على الإطلاق، وفي الوقت نفسه يكون كاملاً من جهة البر كل الكمال. كما يجب أن يكون قادراً على الإحاطة بمطالب عدالة اللّه وقداسته التي لا حدّ لها، وقادرً أيضاً على إيفائها جميعاً، بالدرجة التي تُرضي اللّه تماماً. فمن هو هذا الشخص يا ترى؟

للإِجابة على هذا السؤال، اقرأ الباب التالي بإمعان.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 17741

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.