ما هي الخطية؟
اختلف الناس في أمر الخطية لاختلاف أفكارهم وميولهم. فلنتحقق من ماهيتها دعنا نفكر على سبيل المثال في العبارة المألوفة أخطأ الهدف ومعناها: لم يُصِب الهدف أو انحرف عنه . فمنها يتَّضح لنا أن الخطية ليست هي الشر الشنيع فحسب كما يظن بعض الناس، بل إنها أيضاً الانحراف عن حق اللّه باعتباره القاعدة التي وضعها لسلوكنا في العالم الحاضر. ولما كان حق اللّه ينهى عن الشر ويأمر بالخير، فالخطية لا تكون بالانحراف إلى الشر فحسب، بل وبالانحراف عن الخير أيضاً.
أما قول السفسطائيين ليس هناك خير أو شر، وما يراه الإِنسان خيراً فهو خير، وما يراه شراً فهو شر ، فلا نصيب له من الصواب. لأن ما يراه إنسانٌ شراً قد يراه آخر خيراً، والشيء الواحد لا يكون شراً وخيراً معاً، وإلا ما كان هناك مقياس للأخلاق أو قانون لمعاقبة المجرمين، ولسادت الفوضى كل العالم تبعاً لذلك.. نعم إن الصدق قد يعود علينا أحياناً في العالم الحاضر بالخسارة، وقد يعود الكذب علينا فيه بالربح، لكن مع ذلك ي ظل الصدق خيراً والكذب شراً، لأن الخير لا يُقاس بما نحصل عليه من ربح، والشر لا يُقاس بما نتعرض له من خسارة، لأن الخير والشر يُقاسان بالنسبة إلى الكمال، والكمال لا شأن له بالربح أو الخسارة. ولقد صدق ولتير في قوله: الواجب واحد في كل مكان. سواء على أعتاب عرش اللّه، أو في قرار الهوة السحيقة . فالحكم على تصرفاتنا لا يكون لشعورنا أو لضمائرنا، كما يقول بعض الناس، بل لكلمة اللّه دون سواها، لأنها الثابتة الراسخة إلى الأبد.
- عدد الزيارات: 40222