Skip to main content

لزوم كفارة المسيح

الطرق البشرية للحصول على الغفران - التوبة وعلاقتها بالغفران

الصفحة 4 من 6: التوبة وعلاقتها بالغفران

3 - التوبة وعلاقتها بالغفران

1 - ماهية التوبة: التوبة ليست الندم على فعل الخطية فحسب، بل هي أيضاً الانصراف الكلي عنها، إكراماً لله ومحبة فيه. أما الامتناع عن الخطية لمجرد الخوف من نتائجها، أو الامتناع عنها مع بقاء التفكير فيها واشتهائها، فلا يُعتبر في نظر الّه توبة على الإطلاق، بل يُعتبر في الحالة الأولى خدمة للصحة والذات، وفي الحالة الثانية خداعاً للنفس وتضليلاً لها. ولذلك قال الوحي عن الخطاة إنهم يجب أن يتوبوا عن خطاياهم، وليس هذا فقط بل وأيضاً أن يرجعوا إلى اللّه، «عَامِلِينَ أَعْمَالاً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ»(أعمال 26: 20). كما قال لهم: «تُوبُوا وَ ارْجِعُوا عَنْ كُلِّ مَعَاصِيكُمْ، وَلا يَكُونُ لَكُمُ الإِثْمُ مَهْلَكَةً... وَ اعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ قَلْبا جَدِيداً وَرُوحاً جَدِيدَةً»(حزقيال 18: 30 و31).

2 - توبتنا في ضوء الحقيقة: بما أننا مهما تُبنا عن الخطية إكراماً للّه ومحبة فيه، قد نخطئ أحياناً بالقول والفكر، إن لم يكن بالفعل أيضاً. وبما أنَّ الخطأ أيّاً كان نوعه، يحرم النفس من التوافق مع اللّه في صفاته الأدبية السامية. إذاًفليست هناك في الواقع توبة كاملة لأحد منا أمام اللّه.

3 - أثر التوبة من جهة الغفران والقبول أمام اللّه: لنفرض أنَّ إنساناً اختلس مبلغاً من المال من الهيئة التي يعمل فيها. وكانت الضرورة تقضي بسداد هذا المبلغ إليها، وإلا فُصل من عمله وقُدم للمحاكمة. ولكن بدل أن يسعى لسداد المبلغ المذكر، أخذ يبكي على جريمته ويعلن توبته عنها، فهل يستطيع بتصرفه هذا أن يمحو ما لحق به من وزر، أو يصبح أهلاً للبقاء في عمله! طبعاً كلا. وإذا كان الأمر كذلك، ألا يكون بكاؤه وتوبته بدون جدوى، إلا إذا أشفق عليه إنسان كريم، وقام بسداد المبلغ المختَلَس للهيئة المذكورة نيابة عنه؟!

وعلى هذا النسق نقول: بما أننا بارتكاب الخطية نتعدى على حق اللّه ونفسد أنفسناً أيضاً، وبما أنَّ التوبة مهما صدقت لا تعيد إلى حق اللّه قدسيته بالدرجة التي يصبح معها كأنه لم يُعتَد عليه (لأن أثر هذه التوبة محدود، وحق اللّه غير محدود والشيء المحدود لا يفي مطالب أمر ليس له حدود)، أو تعيد إلى نفوسنا حياة الاستقامة التي كانت لآدم قبل السقوط في الخطية (لأن التوبة مهما بلغت أسمى درجات الإخلاص والأمانة، لا تجعلنا كاملين في كل ناحية من النواحي)، لذلك لا نستطيع بالتوبة أن نال غفراناً من اللّه أو قدرة على التوافق معه والتمتع بحضرته، إلا إذا وُفِّيت أولاً مطالب عدالته وقداسته من نحونا بوسيلة إلهية خاصة، كما ذكرنا.

أما الاعتراضات التي تُوجَّه ضد هذه الحقائق، ففيما يلي بيانها والرد عليها:

1 - كيف لا تكون التوبة الحقيقية، أو بالحري بدء صفحة جديدة في الحياة، وسيلة للصفح عما مضى من الخطايا؟!

الرد:إذا تاب إنسان توبة حقيقية عن الخطية في كل مظهر من مظاهرها (وإن كان هذا من المتعذر على الإِنسان القيام به من تلقاء ذاته، كما ذكرنا)، فإنه لا يكون قد فعل أكثر مما يجب عليه، أو بالحري لا يكون قد أتى جميلاً يمكن أن يكون تعويضاًعن خطاياه الماضية. حقاً قد ينسى الإنسان هذه الخطايا، وقد ينساها الناس أيضاً، لكن اللّه لا ينساها، فالماضي والحاضر والمستقبل حاضر أمامه. ولذلك قال الحكيم « الله يَطْلُبُ مَا قَدْ مَضَى»(جامعة 3: 15). التوبة مهما كان شأنها، ليست كافية للصفح عما مضى من خطايا - ولإِيضاح هذه الحقيقة إلى حد ما، لنفرض أن الموظف السابق ذكره تاب عن جريمته بعد ارتكابها، ولكن بعد مدة من الزمن، فحص مفتش دفاتره واكتشف ما فيها من اختلاس، فهل يعتبر هذا الموظف أمياً في عمله ولا يجوز معاقبته؟ الجواب: طبعاً كلا. وإذا اعتذر الموظف بأن الاختلاس حدث من مدة طويلة، وأنه كان أميناً بعد ذلك كل الأمانة، فهل يقبل المفتش اعتذاره ويقرر براءته؟ طبعاً كلا. وهكذا الحال من جهتنا أمام اللّه بالنسبة إلى الخطاي السالفة، على فرض أننا عشنا بعدها دون أن نعمل خطية على الاطلاق.

2 - ألم يصفح اللّه عن أهل نينوى عندما صاموا وتابوا (يونان 3: 5 - 10)، فكيف لا تكون التوبة هي الوسيلة للغفران والقبول أمام اللّه؟!

الرد:لم يكن غرض الصفح عن أهل نينوى تقريبهم إلى اللّه أو إعطاءهم طبيعة روحية يتوافقون بها معه إلى الأبد، بل كان الغرض الأول والأخير من هذا الصفح (كما يتضح من سفر يونان)، هو فقط رفع الكارثة التي كان اللّه مزمعاً أن يصبّها عليهم بسب فداحة آثامهم - وقد ذكرنا فيما سلف أن اللّه يسمع للخطاة عندما يطلبون منه بكل قلوبهم أن ينجيهم من ضيقة ما.

3 - هل يستوي عند اللّه من يتوب ابتغاء مرضاته تعالى، ومن يتوب لأغراض شخصية، أو لا يتوب على الإِطلاق؟!

الرد:طبعاً لا يستويان، بل من المؤكد أن اللّه يعطف على الأول ويفتح أمامه المجال للغفران والقبول لديه، إذا تم إيفاء مطالب عدالته وقداسته من جهة هذا الإِنسان بوسيلة إلهية خاصة كما ذكرنا، لأن اللّه بقدر ما هو رحيم رؤوف هو عادل قدوس.

الصدَّقة وعلاقتها بالغفران
الصفحة
  • عدد الزيارات: 17752

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.