هل توجد مشاكل علمية في القرآن؟ - عِلم التشريح، وعِلم الأجنَّة، وعِلم الوراثة
(ب) عِلم التشريح، وعِلم الأجنَّة، وعِلم الوراثة
5 - مكان إنتاج المَنيّ:
ذكر لي أحد أصدقائي المسلمين ما جاء في سورة النساء 4:23 (وترجع إلى عام 5 أو 6 هـ ) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ (للزواج).. حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ (بخلاف أبنائكم بالتبنّي). وقال لي إن هذه معرفة سابقة بعلوم الطب الحديث، فإن خصية الذكر تتدلى من منطقة الكلى أثناء التطور الجنيني.
ولا نستطيع منطقياً أن نرفض هذه الفكرة، ولكني كطبيب أتساءل: لماذا يشير الله إلى حقيقة مبهمة كهذه في آيةٍ لا تناقش علم التشريح كبرهان على قوة الله الخالقة! لا شك أن الآية تستخدم تعبيراً لغوياً، فالقول إن الأبناء من الأصلاب يشير إلى مكان القوة. ونحن نستخدم التعبير ابن صُلبه كاستعارة ومجاز.
وهناك آية قرآنية أخرى في سورة الأعراف 7:172 (من العهد المكي المتأخر) تقدم استعارة أخرى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ.. والظهور في سورة الأعراف، كالأصلاب في سورة النساء إشارة إلى مكان القوة. ويقول علماء اللغات إن هذين تعبيرين معروفان في الحضارات القديمة بالشرق الأوسط.
ولئن وجد المسلم في هذه الآية دليلاً على سبق القرآن العلمي، فليعلم أن الفكرة موجودة بالتوراة، فالكلمة العبرية chalats هي نفسها الكلمة العربية أصلاب بمعنى مكان القوة. يقول النبي إشعياء تَنَطَّقْنَ عَلَى الأَحْقَاءِ chalats (32:11) ويقول النبي إرميا كُلَّ رَجُلٍ يَدَاهُ عَلَى حَقَوَيْهِ chalats (30:6) (بمعنى ظَهْر، أو وسط). وقال الله ليعقوب مُلُوكٌ سَيَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِكَ chalats (تكوين 35:11) ويقول لداود ابْنُكَ الخَارِجُ مِنْ صُلْبِكَ chalats هُوَ يَبْنِي البَيْتَ لا ِسْمِي (1 ملوك 8:19).
وفي العهد الجديد نجد كلمة يونانية تحمل نفس المعنى هي osphus استخدمها الرسول بطرس وهو يقتبس وعد الله للملك داود حلف له بقَسَمٍ أنه من ثمرة صُلبه osphus يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه (أعمال 2:30).
وهناك مشكلة ثالثة: يستخدم القرآن (بخلاف الكتاب المقدس) كلمة صُلب في آية لا تسمح بتقديم تفسير يلطّف التعبير، وذلك في سورة الطارق 86:5-7 (وهي من العهد المكي المبكر) فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ .
وتتحدث هذه الآيات عن وقت التزاوج. فهي لا تتحدث عن زمن التطور الجنيني، بل عن خلق الإنسان من ماءٍ منصبّ باندفاع، يخرج من بين صلب الرجل (أي ظهره) وترائب المرأة (أي عظام صدرها) (التفسير لمحمد فريد وجدي، في كتابه المصحف المفسّر). والآية تقول إن المني يجيء من ظهر الرجل، أي منطقة الكلى، وليس من الخصية!
- عدد الزيارات: 25130