عدم كتابة إنجيل برنابا بالوحي الإِلهي - خلطه بين موضوعات الإنجيل
حادي عشر - خلطه بين موضوعات الإنجيل:
يخلط كتاب برنابا بين الموضوعات الواردة في الإنجيل، ويضيف ما ارتآه من أمور إليها، ليثبت دعواه، فقال في فصل 72: 10 إن يسوع قال: أما من خصوصي، فإني قد أتيت لأهيئ الطريق لرسول الله (أي لمحمد)، الذي سيأتي بخلاصٍ للعالم . وأنه قال أيضاً إنه ليس أهلاً أن يحل سيور حذاء محمد (فصل 97: 1). وقال في 42: 15 و72: 13 و198: 15 و206: 2 إن المسيا (أو المسيح) هو محمد. وقال في 43: 31 و191: 5 إن عهد الله مع إبراهيم (من جهة النبوة والكتاب) محصور في إسماعيل وذريته. وقال إن الله خلق العالم لأجل محمد في 43: 9 و82: 17 و97: 15 و122: 26.
ومن هذه الأقوال يتضح لنا ما يأتي:
أ - نفي مؤلف كتاب برنابا وجود يوحنا المعمدان (المعروف في الإسلام باسم يحيى) لأن يوحنا هو قائل العبارتين الأولى والثانية عن المسيح (ملاخي 3: 1 ومتى 3: 1-12 ولوقا 3: 2-6).
ب - وأنه جعل نبي الإسلام هو المسيا (أو بالحري المسيح) مع أن القرآن يشهد في آيات كثيرة أن المسيح هو عيسى ابن مريم (النساء 4: 171).
ج - وأنه نفى النبوة إطلاقاً عن إسحق وذريته، وبذلك ينقض ما جاء في القرآن عن إسحق ويحيى والمسيح ومحمد جميعاً. فضلاً عن ذلك، فقد نقض الحقيقة اللغوية الثابتة الخاصة بمدلول اسم (يسوع) والتي يقرّها علماء المسلمين والمسيحيين. فقد جاء في الجزء الملحق بكتاب (الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ص281): عيسى بالعبرية: يسوع أي المخلص، إشارة إلى أنه سبب لتخليص كثير من آثامهم وضلالهم . والغرض الوحيد من الخلط الذي قام به كاتب إنجيل برنابا هو طبعاً، رغبته في تجريد المسيح من مقامه الفريد وفدائه المجيد. لكن الحق يبقى حقاً إلى الأبد مهما اعتدى عليه الناس أو قاوموه.
د - وأنه قال أن يسوع أعلن عن مجيء نبي الإسلام بعده. مع أن المسيح أعلن في الكتاب المقدس أن الذي يأتي بعده هو الروح القدس. فقد قال: وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم (يوحنا 14: 16 و17).
والكلمة المترجمة المعزّي ترد في الأصل اليوناني باراكليتوس ومعناها المعزي أو المرشد أو المؤيِّد . كما أن أوصاف هذا المعزي لا تنطبق على إنسان ما، للأسباب الآتية: (1) أنه روح لا جسم له، ولذلك لا يمكن للعالم أن يراه. (2) أنه كان ماكثاً مع تلاميذ المسيح في أثناء وجود المسيح معهم، وأنه سيكون فيهم (أو بالحري في نفوسهم) بعد ذلك. (3) أنه سيمكث معهم إلى الأبد، أو بالحري لن يموت على الإطلاق. (4) أن المسيح طلب من تلاميذه أن ينتظروا مجيء هذا المعزي إليهم، وفعلاً انتظروه بالصلاة، فحلّ عليهم بعد صعود المسيح عنهم بعشرة أيام (أعمال 1: 4و5 و2: 1-5).
فهذا الروح هو الروح القدس أو روح الله، الذي يحل في المؤمنين الحقيقيين ليعلمهم ويرشدهم ويمدّهم بالقوى الروحية التي يحتاجون إليها، حتى يستطيعوا التوافق مع الله في صفاته السامية، والقيام بكل ما يأمرهم به في العالم الحاضر (يوحنا 15: 26 و16: 7). وقد أشار دجلان في كتاب (إنسان العيون 3: 339) إلى هذه الحقيقة، بعد أن استعمل كلمة ربي بدلاً من كلمة الآب ، وأضاف إلى أقوال المسيح كلمة النبوة . فقال: وفي الإنجيل عن عيسى عليه السلام أنه قال، إني أطلب من ربي فارقليط يكون معكم إلى الأبد. فارقليط روح القدس الذي يرسله ربي باسمي، أي بالنبوة يعلمكم جميع الأشياء ويذكركم ما قلته (عن كتاب: المسيح في الكتب الإسلامية للدكتور ميشال حايك ص 459)
- عدد الزيارات: 25216