تاريخ كتابة إنجيل برنابا
1 - من الناحية الإسلامية:
أ - لو فرضنا أن هذا الإنجيل كان هو إنجيل المسيحيين في أول الأمر، أو بالحري قبل ظهور الإسلام، لما أشار القرآن إلى وجود اختلاف بينه وبين إنجيلهم، كما جاء في العنكبوت 29: 46. ولما أشار أيضاً إلى وجود القسوس لدى المسيحيين، كما جاء في المائدة 5: 80 لأن إنجيل برنابا لم يورد أي كلمة عن هؤلاء. ولو فرضنا أن إنجيل برنابا المذكور كان موجوداً مع إنجيل المسيحيين (لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا) لحرَّضهم القرآن على التمسُّك به دون الب اقين، بل وشهّر بالباقين! وبما أنه لم يفعل هذا أو ذاك، فلا بد من التسليم بأن الإنجيل المنسوب إلى برنابا، لم يكن له وجود لغاية القرن السابع الذي ظهر فيه الإسلام.
ب - لو كان هذا الإنجيل موجوداً بين القرنين الثامن والرابع عشر، التي ظهر فيها قدامى المفسرين المسلمين مثل الطبري وابن كثير، لما اختلفوا معه من جهة الشخص الذي قالوا إنه صُلب بدل المسيح، بل لأجمعوا كلهم على أنه يهوذا الإسخريوطي، كما جاء في الإنجيل المذكور. فلا جدال في أن هذا الإنجيل لم يكن له وجود لغاية القرن الرابع عشر.
ج - سجَّل كل المؤرخين المسلمين الذين عاشوا لغاية سنة 790 ه (آخر القرن 14م) أن إنجيل المسيحيين هو المكتوب بواسطة متى ومرقس ولوقا ويوحنا - إقرأ مثلاً مروج الذهب لأبي الحسن المسعودي ج1 ص 161 والبداية والنهاية للإمام عماد الدين ج2 ص 100 والقول الإبريزي للعلامة أحمد المقريزي ص 18 والتاريخ الكامل لابن الأثير ج1 ص 128. وهذا يدل على أن الإنجيل المنسوب إلى برنابا لم يكن له وجود لغاية القرن الرابع عشر كما ذكرنا.
د - وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن بعض هؤلاء المؤرخين سجلوا لنا أسماء تلاميذ المسيح، كما وردت في الإنجيل الذي كتبه لوقا تماماً (6: 12-16) إنما باختلافٍ بسيط في هجاء بعضها، اقتضته ضرورة نقلها من اليونانية إلى العربية، فقالوا إنهم بطرس ويعقوب ابنا زبدا ويحنس أخو يعقوب، واندراوس وفيلبس، وبرثلما ومتى وتوماس، ويعقوب بن حلفيا وتداوس، وفتاتيا ويودا أكريابوط (البداية والنهاية لابن كثير ج2 ص92). وبالتأمل في هذه الأسماء لا نرى واحداً منهم يسمى برنابا أو اسماً مشابهاً له، كما يدَّعي كاتب الإنجيل الذي نحن بصدده في فصل 14: 12-17 وغيره. وهذا يبرهن كذبه وادعاءه.
ه - أخيراً نقول إن الأستاذ عباس محمود العقاد، الذي درس الكثير من الكتب الإسلامية والمسيحية قال في كتابه عبقرية المسيح ص126 إن الأناجيل (أناجيل المسيحيين) هي العمدة الوحيدة التي اعتمد عليها قومٌ هم أقرب الناس إلى عصر المسيح. وليس لدينا نحن بعد قُرابة ألفي عام عمدة أحق منها بالاعتماد . وبناءً على قوله هذا يكون الإنجيل المنسوب إلى برنابا، هو كتاب حديث مزيف كما ذكرنا.
- عدد الزيارات: 20178