امتحنوا كل شيء تمسَّكوا بالحسن - بوذا والمسيح
بوذا والمسيح
جاء في مزاعمك : ثم هناك مقارنة بين بوذا والمسيح في اثنين وعشرين موضوعاً. . من ناحية المولد والأحداث المختلفة ولولا خوف الإطالة لنقلنا الكثير .
وأنا لم يكن في وسعي المرور بهذه الإشارة دون إجراء بعض المقارنات بين الرجلين في المرحلة الأولى من حياتهما :
بوذا وبشارته
جاء في كتاب بوذا الأكبر ، ما ترجمته : كانت الملكة مايانا ترتعش وهي تحكي لزوجها الملك سودهوادانا قصة الحلم الغريب ، الذي رأته في ليلة من ليالي صيف 568 قبل الميلاد. ففيما هي مستلقية على الفراش إذا بأربعة من الملائكة بثياب بيض يتقدمون منها ، ويحملونها بكل محتويات حجرة نومها ويطيرون بها إلى أعلى قمة في جبال الهمالايا ، حيث تقوم شجرة باسقة ويضعونها تحت ظلها ولا تكاد الملكة تطل حولها ، حتى تقترب منها أربع ملكات يدخلنها الحمام ويلبسنها ثياباً جميلة ويدهنها بعطور رائعة الرائحة. ثم يحملنها إلى منزل آخر مصنوع كله من الفضة. وتضعها الملكات على فراش آخر مقدس وهناك يهبط فيل أبيض من فوق جبل ذهبي ويتقدم منها وفي خرطومه غصن من نبات البشنين ويدور الفيل حول الفراش ثلاث دورات. ثم يمس جانب الملكة الأيمن ويدخل في رحمها. . .
لم تكد الملكة تنتهي من قصة الحلم حتى أرسل الملك يدعو أربعة وستين حكيماً من حكماء بلاده فجاء هؤلاء الحكماء إلى قصر الملك واستمعوا إلى قصة حلم الملكة. فقالوا للملك : لا يشغلن شيء بالك أيها الملك ، ولكن أبشر فالملكة حملت بغلام ، سيصبح ملكاً على كل البلاد ، لو هو استقر في قصره. وإن هو غادر داره هائماً على وجهه ، فعندئذ سيصبح هو بوذا كاشف نقاب الجهل عن وجه العالم.
وبعد أيام قصيرة تحقق ما قاله الحكماء ، وأحست الملكة بحقيقة الحمل. وكان هناك شيء عجيب ، فقد كان الجنين يبدو واضحاً وهو جالس القرفصاء في رحم أمه. وظل على هذه الصورة حتى اقترب موعد الوضع ، فطلبت الملكة مايانا من الملك أن تسافر إلى أهله التضع مولودها هناك. وإذ هي في الطريق شعرت بالمخاض وهي تحت شجرة سال ، في بستان توبيني.
وتحت الشجرة الوارفة الظلال جلست القرفصاء بعد أن حجبها الخدام عن الأنظار بستار خاص. ولما أرادت النهوض مدت يدها إلى غصن الشجرة فانحنى من تلقائه حتى قارب كفها.
ولم تكد تنهض حتى كان تحتها طفل تلقفته أيدي أربعة من البراهمة في شبكة خيوطها من أسلاك الذهب.
ووقف المولود فجأة ، وتقدم إلى الأمام سبع خطوات ثم صاح في صوت عذب : أنا سيد هذا العالم ، وهذه الحياة هي آخر حياة لي.
وانطلقت أنباء مولد الأمير العظيم لتعم كل مملكة الساكية. ومن كل مكان جاءت الأفواج لتهنئة الملك.
حياة مترفة
عاش الأمير حياة مترفة في قرب أبيه ، وقد وصفها هو نفسه ، حين قال في أحد كتبه :
لقد كنت مترفاً كل الترف ، لقد حضرت في قصر أبي البرك المغطاة بالبشنين ، غطيت واحدة بالبشنين الأزرق ، والثانية بالبشنين الأحمر ، والثالثة بالبشنين الأبيض. وكلها حفرت لمتعتي وإسعادي.
وقد كان لي ثلاثة قصور واحد منها لفصل الشتاء ، والثاني لفصل الصيف ، والثالث للفصل المطير. وكنت أقضي في القصر المخصص للفصل المطير أربعة أشهر ، تحف بي فيها القيان والجواري ، فلا أغادره حتى تأتي أشهر الصيف.
قرر الأب الملك أن يشغل ابنه بحياة زوجية رائعة ويحيطه بمئات الحسان. ووقع اختيار الأمير على الأميرة يوسودهار ابنة عمه ملك كولي لتكون زوجته وهي فتاة رائعة الحسن بالغة الجمال.
وخلال حقبة من الزمن عاش الأمير وزوجته حياة سعيدة.
- عدد الزيارات: 22262