شبهات شيطانية حول سفر الخروج - قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 31: 16
قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 31: 16 فيحفظ بنو إسرائيل السبت ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً ولكن جاء في كولوسي 2: 16 فلا يحكم عليكم أحد في أكلٍ أو شربٍ أو من جهة عيدٍ أو هلالٍ أو سبتٍ . وهذا تناقض .
وللرد نقول بنعمة الله : الصعوبة القائمة هنا هي أن إحدى الآيتين تظهر كأنها تفيد دوام بقاء وصية السبت، بينما الأخرى تفيد صريحاً إبطالها في العهد الجديد. ولكن كل الذين يتخيلون وجود صعوبة هنا فاتهم أن النص الوارد في سفر الخروج يفيد أن وصية السبت أُعطيت لشعب إسرائيل، وأن الغرض منها هو أن يكون السبت علامة عهد بينهم وبين الله إلى الأبد. فإسرائيل كان شعب الله الخاص المفرز له من سائر الشعوب، ولكن في العهد الجديد تغيرت الحال فلا يوجد شعب بين الأمم يعتبره الله شعباً خاصاً له، لأن العهد الجديد الذي أسسه الله على الفداء بدم المسيح يشمل كل الأمم والشعوب (انظر يوحنا 4: 21-24 وأعمال 10: 15 و25). فمن هنا يتضح أن خروج 31: 16 معناه طالما كان بنو إسرائيل محتفظين بالعهد المقطوع بينهم وبين الله يجب حفظ السبت إلى الأبد . فالعبارة إلى الأبد الواردة في النص عبارة نسبية، فشريعة موسى تفيد أن الإنسان في ظرفٍ وأحوال خاصة كان يبقى عبداً إلى الأبد (خروج 21: 6). ولكن المعنى أن يبقى الإنسان عبداً كل مدة حياته أو إلى سنة اليوبيل التي كان فيها إطلاق المأسورين. ولا يمكن أن يُفهم من الشريعة أن يبقى الإنسان عبداً حتى بعد موته! فالله بقوله السبت يكون علامة عهد بيني وبين إسرائيل إلى الأبد قصد أن يكون هكذا طالما كان هذا الشعب باقياً في علاقة العهد الكائن بينه وبين الله. وهذا التفسير عينه ينطبق على شريعة الختان، والذبائح، وسائر الفرائض والطقوس الخارجية (انظر تكوين 17: 7 وخروج 12: 14 ولاويين 3: 17 و6: 13و18). على أن الكنيسة المسيحية ليست مرتبطة بهذه الفرائض على الإطلاق. وليس المراد من كل ما تقدم أن الله قد نبذ شعبه، فإن شعبه هم كل من آمن بالمسيح وقبله مخلّصاً (رومية 2: 28 و29).
قال المعترض الغير مؤمن: جاء في خروج 31: 17 هو بيني وبين بني إسرائيل علامةً إلى الأبد. لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح . ولكن جاء في إشعياء 40: 28 أما عرفتَ أم لم تسمع؟ إله الدهر الرب، خالق أطراف الأرض، لا يكلّ ولا يعيا. ليس عن فهمه فحص . فكيف تتفق الآيتان؟
وللرد نقول بنعمة الله : الآية الواردة في إشعياء تتفق مع كل ما يقوله الكتاب المقدس عن الله في أنه روح قدير غير محدود غير متغيّر، فليس له جسد قابل للتعب والضعف. فالقول المتكرر في الكتاب عن الله (ولا سيما ما جاء في الآية المقتبسة أعلاه من الخروج) يظهر كأنه يتعارض مع ما لله من السمو والعظمة كما هو واضح في إشعياء ومواضع أخرى كثيرة في الكتاب.
وللإيضاح نذكر حقيقتين:
(1) استراح الله في العبرانية يفيد أن الله كفّ عن العمل. فالكلمة العبرانية المترجمة استراح هي شاباث التي منها اشتُقَّت كلمة سبت . والمعنى الأصلي الوارد لهذه الكلمة في القاموس العبراني هو الوقوف والكف. والنص الذي استشهد به هذا القاموس في إيضاح معنى هذه الكلمة هو تكوين 8: 22 حيث يُقال مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد، وبرد وحر، وصيف وشتاء، ونهار وليل لا تزال فالعبارة لا تزال الواردة هنا هي ترجمة الكلمة العبرانية شاباث . فليس من المعقول أن تقول استراح في هذه القرينة، إذ لا يمكن أن يُقال إن الليل والنهار يستريحان. فلا جدال في أن الكلمة العبرانية شاباث تفيد في الأصل الكف أو الوقوف. وهذا هو معناها في خروج 31: 17. فالصعوبة الموهومة إذاً زالت.
(2) ولكن ماذا تقول عن الجزء الأخير من خروج 31: 17 إن الله يتنفس . العبرانيون كغيرهم من الشعوب لهم كنايات واستعارات يُكسِبون بها لغتهم البلاغة وحلاوة التعبير، فليس المراد بها المعنى الحرفي لهذه الاستعارة الواردة هنا. ولكن معناها الحرفي يمكن أن يُترجم: الله قد تنفس بارتياح كما يتنفس الإنسان عندما يفرغ من عمل شاق. وواضح أن هذه مجرد استعارة بديعة كما هي عادتنا نحن الشرقيين في التعبير عندما نتكلم عن الله بعبارات نستعملها في الكلام عن الناس، وكل مدلول العبارة هو أن الله قد أكمل العمل الذي قصد إتمامه. فإذا حفظنا هذا في أذهاننا نجد أن خروج 31: 17 وما يشبهها من آيات أخرى لا تتناقض مع الآيات العديدة التي تفيد أن الله روح غير قابل للتعب والضعف.
- عدد الزيارات: 17883