في التوراة وأسفار العهد القديم - الإعلان التاسع
الإعلان التاسع: في العهد القديم عن وحدانية الله في ثالوث عظيم جاء أيضاً في سفر المزامير.
ففي المزمور المئة والعاشر يقول داود النبي:
قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ * مزمور 110: 1 .
ونقول مكررين أن وجود هذه الآية في هذا المزمور تؤكد تأكيداً باتاً أن الكتاب المقدس لم يحرفه أو يعبث بمحتوياته أحد.. لأنه لو أن اليهود حرفوا العهد القديم لكانت أولى الآيات التي حذفوها هي هذه الآية. فداود النبي، وهو يهودي يؤمن بوحدانية الله، يكتب بوحي الروح القدس فيقول قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك
كان داود النبي ملكاً ثيوقراطياً، لا تعلوه سلطة أرضية فعن من يقول قال الرب لربي ومن هو ذاك الذي يدعوه داود الملك ربي ؟
الجواب نجده في حوار المسيح مع الفريسيين:
وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟ قَالُوا لَهُ: ابْنُ دَاوُدَ . قَالَ لَهُمْ: فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً، فَكَيْفَ يَكُونُ ابنَهُ؟ * متى 22: 41-45 .
هذه الآيات المضيئة تعلن وحدانية الله الجامعة.. وتقرر أن المسيح ابن الله قد صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ * رومية 1: 3 ومع أنه صار من نسل داود، لكنه أصل داود .. لأنه خالق داود... وقد قال المسيح عن نفسه:
أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ * رؤيا 22: 16 .
ولأنّ المسيح هو ابن الله الأزلي.. يدعوه داود بالروح القدس ربّي
قال الرب الآب الأزلي
لربي الابن الأزلي
والكلام نطق به داود النبي بالروح الأزلي .
هذه هي إعلانات كتاب العهد القديم عن الله.. لم يبتدعها اليهود أو المسيحيون، بل أوحى بها الروح القدس إلى أنبياء الله..
والمسيحيون يقبلون إعلان الله عن ذاته بكل إيمان ويقين.. ومن يتهم المسيحيين بالشرك جاهل.. لا يعرف المسيحيّة الحقيقية، ولا ما يقوله الكتاب المقدس الكريم - كتاب المسيحيين - عن الله الواحد في ثالوثه العظيم.
ونرى لزاماً علينا ونحن في ختام الحديث عن إعلان الله عن ذاته في العهد القديم أن نذكر هنا كلمتين وردتا باللغة العبرية في كتاب العهد القديم للتعبير عن الوحدة...
الكلمة الأولى هي كلمة يَحَد وهي تعني الواحد البحت.
الكلمة الثانية هي كلمة احَد وهي تعني الوحدانية الجامعة.
ففي سفر التكوين نقرأ:
وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً وَاحِداً * تكوين 1: 5 .
وكلمة واحداً المذكورة في الآية هي كلمة احَد وهي تعني أن المساء والصباح وهما متميزان لكنهما يكونان يوماً واحداً.. فكلمة احَد لا تعني هنا الواحد البحت.. بل تعني الوحدانية الجامعة . وفي سفر التكوين نقرأ أيضاً:
لِذ لِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً * تكوين 2: 24 .
وكلمة واحداً هي هنا أيضاً كلمة احَد وهي ترينا بصورة بارزة أنها تعني وحدانية جامعة .. فالرجل والمرأة متميزان الواحد عن الآخر لكنهما بالزواج يكوّنان وحدة جامعة...
أما الواحد البحت يحَد فقد ذكر في سفر التكوين في هذه الكلمات:
فَقَالَ: خُذِ ابنَكَ وَحِيدَكَ الذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الذِي أَقُولُ لَكَ * تكوين 22: 2 .
وكلمة وحيدك في العبرية في هذه الآية هي كلمة يحَد التي تعني الواحد البحت.. كان اسحق هو الابن الوحيد الذي بقي مع إبراهيم بعد ذهاب إسماعيل.
عندما قال موسى لبني إسرائيل:
اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ * تثنية 6: 4 .
جاءت كلمة واحد في العبرية احَد التي تعني الوحدانية الجامعة..
ولعل القرآن حين ذكر في سورة الإخلاص قل هو الله أحد استعار ذات اللفظ العبري احَد .. فالأرقام في العربية تبدأ بواحد وليس بأحد.. وقد استعار القرآن لفظ التوراة وهي كلمة عبرية.. كما استعار كلمة الإنجيل وهي كلمة يونانية، وفي القرآن كلمات كثيرة ليست عربية.
- عدد الزيارات: 21241