Skip to main content

مباحث المجتهدين

المبحث الأول حتى الثالث - شهادة الآثار

الصفحة 4 من 6: شهادة الآثار

 

الفصل الرابع

إذا وجد التاريخ من يجرح شهادة له ،فشهادة العاديات - الآثار القديمة - لا تُجرح.

كانت الأسفار المقدسة ولم تزل عرضة لسهام المنتقدين وغرضاً تلطمه نبال الكفرة الملحدين ،لأنها تخالف أهواءهم الشهوانية وآراءهم الصبيانية وفلسفتهم الجهنمية. لذلك بحث كثير منهم في الآثار القديمة ،في فلسطين وبابل وأشور ومصر ،بغية أن يجدوا فيها ما يسفّه أقوال الوحي الإلهي إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ،كي يبرهنوا للعالم أن الكتاب المقدس خلط أقاويل وتقاليد منحرفة. لكن الله أحبط مسعاهم فطاش سهمهم وخاب ظنهم ،لأن ألسنة تلك العاديات التي اكتُشفت أعربت عن موافقة تامة لما جاء في أسفار الوحي ،مع أن الذين كتبوها - الكتابات التي وُجدت على الآثار - هم من الوثنيين.

ولما وجد إخواننا المسلمون أن أسفار التوراة والإنجيل تخالف تعاليم قرآنهم الجوهرية ،رشقوها بتهمة التحريف ،وادعوا عدم صحتها. ولكن دعواهم لم يؤيدها البرهان الصحيح. وبما أن شهادة الآثار القديمة قد أقنعت كثيرين من الملاحدة الباحثين ،قصدت أن أشير إلى بعض هذه الآثار ،لعلها تفيد إخواننا المسلمين ،كما أفادت أولئك من قبل.

إن انتقاد الكفرة للكتاب والريب فيه راجع إلى أمرين ،أولهما الظن أن الكتابة كانت مجهولة ،أو أنها كانت قليلة الاستعمال في فلسطين حتى قُبيْل الجلاء البابلي - نحو سنة 540 ق.م - ولذلك يظنون أنه لا يُعقل أن موسى وغيره كتبوا في ذلك الوقت. وثانيهما أن التوراة قد غالت بوصف حضارة الشرق القديم إلى حدٍّ يفوق التصديق ،لمغايرته أقوال المؤرخين القدماء. على أن الاكتشافات الجديدة قد أيدت صحة أقوال الكتاب ،وتمثل لدينا تمدن مصر وبابل وأشور بجلاء ،وظهر لنا سنحاريب وتغلث فلاسر ونبوخذنصر يقصّون علينا أخبارهم وحضارتهم والمعارك التي اشتركوا فيها. وصار يمكننا أن نرى رسم الحروف التي كتب بها إشعياء وإرميا بل موسى ،والحجارة قد نطقت شاهدة لأقوال الله. وقد أثبتت هذه الآثار أن صناعة الكتابة كانت متقنة في عهد حزقيال وموسى وإبرهيم منذ 2234 سنة ق.م كما هي متقنة في أيامنا هذه.

وها أنا أذكر الأشياء المهمة والحوادث العظيمة المذكورة في التوراة التي أثبتت صحتها الآثار القديمة كما ترى :

إن الصفائح الأشورية الأصلية المعروضة الآن في المتحف البريطاني ،تثبت بأجلى بيان تفصيلاً قصة الخلق - المذكورة في بدء التوراة - بصورة مدهشة ،ولولا الاختصار لنقلت للقارئ ترجمتها. وهي وإن كانت ممزوجة بالخرافات ،فالحقيقة ظاهرة فيها ،وقد أثبتت هذه الصفائح عينها وجود زوجين أصليين من البشر ،إذ قيل فيها ·أن يكون اثنان خلقهما الرب ذو الوجه الشريف وترى في معرض المتحف المذكور آنفاً صورة على عمود بابلي قديم تمثل آدم وحواء أبوينا الأولين والشجرة بينهما والحية خلف حواء ،طبقاً لما ذكر عن سقوطهما في الأصحاح الأول من التوراة.

حسب العلماء غير المؤمنين سابقاً أن قصة التوراة عن الطوفان ليست إلا خرافة من أساطير الأولين ،وحادثة لا تقوى علىمعارضة الباحثين ،وخبراً تزيفه براهين العلماء المدققين. ولكنهم بعد المباحث الطويلة رجعوا خاسرين ،إذ دلت الآثار على غلطهم المبين ،فاعترفوا بصحة الطوفان وعرفوا الحق اليقين ،وأخصّ بالذكر منهم علماء الجيولوجيا ،لأنه وجد في أشور صفائح معروضة الآن في المتحف البريطاني ،كُتب عليها كيفية بناء الفلك ،وحفظ أنواع الحيوانات والناس ،ونزول الأمطار حتى غطّت وجه الأرض - حيث وجدت الأحياء - وأهلكت الإنسان والحيوان ،مع تفاصيل القصة.

وقد وجد في كل قارة من قارات الأرض كميات عظيمة من الأصداف البحرية متجمعة أو متفرقة في طبقات اليابسة في رؤوس الجبال وأعماق الأودية ،ومنها أصداف مختصة ببحار مخصوصة ،ومنها أجسام أسماك وأنواع نباتات بحرية متحجرة في وسط طبقات الجبال ،يمكن أن يطَّلع عليها كل إنسان في أي معرض كان. وهذه كلها تثبت صحة قصة الطوفان ،وإلا كيف وصلت تلك الأصداف والنباتات والأسماك إلى تلك الأماكن التي هي ليست بمواطنها؟

وقد اكتشف السيد سمث في أخربة نينوى صحيفة تُرى في المتحف البريطاني ،كُتب عليها ما يثبت بلبلة الألسنة في بناء برج بابل - تكوين 11 - وقد وجد المذكور لوحاً في أخربة أشور يصف خراب سدوم وعمورة بالنار والكبريت ،كما ذكر في التوراة - تكوين 19 - . والآثار قد أيدت صحة خبر غزوة كدرلعومر ملك عيلام وحلفائه لفلسطين ،ومن جملتهم امرافل ملك شنعار وبابل الجنوبية المذكورة في الأصحاح الرابع عشر من سفر التكوين.

وقد أنكر هيرودتس وبولترك على موسى النبي وجود الخمر واستعمالها في مصر ،ولكننا عرفنا من الأطلال المصرية أن المؤرخَينْ قد غلطا في زعمهما ،وأن المشترع موسى النبي كان مصيباً ،فقد وُجدت صور في قبور مصرية تصف عملية تدبير الكرم من غرسه إلى دوس العنب ،ومن استخراج العصير إلى حفظه في أوعية. وقد وجد زجاجات كُتب عليها - إرب - التي معناها خمر. وقد ثبت من الآثار حصول الجوع المذكور في التوراة على عهد يوسف - تكوين 41 :30 - .

وقد أظهرت الكتابات المصرية أن رعمسيس الكبير استخدم غرباء في بناء مدينيتن هما فيثوم ورعمسيس ،وهذا يطابق - خروج 1 :11 - وقد ظهر من الآثار التي اكتشفها المنقبون في أحد مدافن طيبة اسم الإسرائيليين وعبوديتهم وتسخيرهم.

ومن الشهادات الصامتة لصحة الكتاب قطعة من المرمر المعروفة بين علماء الآثار بالحجر الموآبي ،اكتشفها القس أوغسطس كلين - قس ألماني الأصل مكث مدة طويلة في فلسطين وقضى نحو عشر سنين في القاهرة وكيلاً للإرسالية الكنسية الإنكليزية ،وكان معروفاً بغزارة علمه وإتقانه لغات متعددة - شرقي الأردن داخل موآب القديمة. وتاريخ هذا الحجر 890 ق.م. وهو الآن في متحف اللوفر بباريس ،وهو يحتوي على ثلاثين سطراً من اللغة الفينيقية تخبر عن حروب ميشع ملك موآب مع عمري ملك إسرائيل والأدوميين ،كما هو مذكور في - 2 مل 3 :4 27 - ويخبر عن أشياء أُخرى دقيقة موافقة للكتاب المقدس ،ليس محل لذكرها.

واكتشاف الكتابة السلوامية مؤخراً في أورشليم أثبت صحة ما جاء في - 2 مل 20 :20،2اي 32 :30 ،اش 22 :9 و11 - . وهو أن حزقيا سد مخرجمياه جيحون الأعلى وأجراه تحت الأرض إلى الجهة الغربية من مدينة داود.

وقد وجد في أخربة نينوى أسطوانة كُتب عليها تاريخ حرب سرجون ملك أشور السنة 722 ق.م. مع أشوري ملك أشدود عندما كان حزقيا ملكاً - اش 2 :1 - وهذه الأسطوانة الآن في لندن.

وقد وُجدت أسطوانة مسدسة الشكل كُتب عليها قصة حصار أورشليم. حاصرها سنحاريب ملك أشور سنة 705 ق.م. كما هو مذكور في - 2 مل 18 :13 16 - وهي الآن في لندن. والحجة الدامغة أيضاً على صحة الكتاب هو نُسَخُهُ القديمة المحفوظة إلى الآن في مكاتب أوروبا الشهيرة.

وهذه النسخ كُتبت على رقوق من الجلد باللغة اليونانية لغة الإنجيل الأصلية وغيرها. ومنها ما يشتمل على التوراة والإنجيل برمتهما ،ومنها ما يحتوي على بعض أسفار منهما ،وها أنا أذكر لك بعضاً منها. - الأولى - النسخة المعروفة بالفاتيكانية ،تجدها الآن في قصر الفاتيكان في مدينة روما وقد نسخت قبل الهجرة بمئتين وخمسين سنة. - الثانية - النسخة السينائية نسبة إلى طور سيناء حيث وُجدت أولاً ،وهي الآن في المتحف البريطاني في لندن ،وهي تشتمل على التوراة والإنجيل ،وقد نُسخت قبل الهجرة بمئتي سنة. - الثالثة - النسخة الإسكندرية وهي الآن في مدينة لندن في مكتبة دار التحف ،وقد نُسخت قبل الهجرة بمئتي سنة وهي حاوية التوراة والإنجيل. - الرابعة - الأفرامية وهي الآن في باريس ،نُسخت قبل الهجرة بمئة وخمسين سنة ،وهي تحتوي على الإنجيل. هذا وفي عام 1947 أضحت القصة التالية من بين أهم الأحداث التاريخية : محمد الديب بدوي من التعامرة ،كان يرعى أغنامه بجانب البحر الميت. ولما تسلقت إحداها الجبل رماها بحجر ،فسمع الراعي صوت فخار يتهشم ،فأعاد الكرَّة. ثم صعد الجبل ودلف من فجوة ضيقة إلى كهف عله يجد كنزاً. وكان ذلك. ولكن ليس له ولقبيلته وحسب بل للعالم أجمع.

فهذا الاكتشاف يحتوي على مجموعة حزم من الكتابات المقدسة من بينها كتاب لسفر إشعياء النبي أحد أسفار الكتاب المقدس الذي يعود تاريخه إلى 700 قبل المسيح. وقد جاء شهادة ناطقة بسلامة أسفار الكتاب المقدس لمطابقته للنسخ الموجودة بين أيدينا الآن مما يبطل تهمة التحريف ويسفه مثل هذه الاتهامات والتخرصات الباطلة.

لقد صار بهذا الاكتشاف الثمين واضحاً أن أمانة النسخ والنقل لكتاب الله المقدس شهادة حية لقيادة الروح القدس لكنيسة المسيح مستودع أسرار الله. والآن عند النصارى كثير من النسخ القديمة عدا ما ذكر ،بعضها كُتب قبل الإسلام ،وبعضها في عصره ،وبعضها بعده ،لم نذكرها حباً للاختصار. فإذا قابلنا النسخ المتداولة الآن بين أيدي اليهود والنصارى بلغات تزيد على 300 بتلك النسخ القديمة ،نجدها مطابقة لها أشد المطابقة. وهي موجودة لفحص كل من يريد.

هل نسخ القرآن التوراة والإنجيل؟
الصفحة
  • عدد الزيارات: 36065
إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.
شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.
إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.
سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.