هل البارقليط نبوة عن محمد؟ - الله يسمع ويتكلم
4 - الله يسمع ويتكلم
قال د. بوكاي يبدو أنه من غير المعقول أن ننسب إلى الروح القدس سلطان أن يتحدث وأن يقول ما يسمع.. الفعلان اليونانيان يعنيان فعلين ماديين لا يمكن أن يخصّا إلا كائناً يتمتع بجهاز للسمع وآخر للكلام. وبالتالي فإن تطبيق هذين الفعلين على الروح القدس أمر غير ممكن (ص 128).
واتّخذ د. بوكاي من هذا دليلاً على أن الفِعلين يدلان على رجل أو نبي آخر آتٍ.
ولكن بالرجوع إلى قاموس للغة اليونانية نرى أن الفعل يسمع يحمل معنى الفهم وقبول العقل لفحوى ما سُمع. كما أن العهد الجديد تحدث عن أن الله يسمع. جاء في يوحنا 9:31 وَنَعْلَمُ أَنَّ اللّه لَا يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَل كِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللّه وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ فَلِه ذَا يَسْمَعُ . وجاء في يوحنا 11:41 و42 فَرَفَعُوا الحَجَرَ حَيْثُ كَانَ المَيْتُ مَوْضُوعاً، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ: أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لِأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي . وجاء في لوقا 1:13 فَقَالَ لَهُ المَلَاكُ: لَا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لِأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا .
وواضح من هذه الآيات أن الله يسمع. وأول آيتين اقتبسناهما أعلاه هما من إنجيل يوحنا، الإنجيل الذي جاء فيه الحديث عن البارقليط.
وهناك آيات كثيرة تقول إن الله يتكلم مثل يوحنا 9:29 وأعمال 7:6 وعبرانيين 1:1 و 5:5 ومرقس 13:11 وأعمال 28:25. وإليك ثلاثة اقتباسات تقول إن الله يتكلم: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ اللّه (يوحنا 9:29).
اَللّهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ (عبرانيين 1:1).
حَسَناً كَلَّمَ الرُّوحُ القُدُسُ آبَاءَنَا بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ (أعمال 28:25).
وقد استخدمت ترجمة العهد القديم إلى اليونانية (المعروفة بالسبعينية) الفعلين سمع وتكلم عن الله. وقد أتمَّ هذه الترجمة علماء دين يهود عام 200 ق م. وكمثال لهذا لنقرأ الآيات التالية:
ثُمَّ قَالَ اللّه لِمُوسَى: أَنَا الرَّبُّ. وَأَنَا ظَهَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الإِله القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ (خروج 6: 2 و3).
أَصْنَامُهُمْ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلَا تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلَا تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلَا تَسْمَعُ. لَهَا مَنَاخِرُ وَلَا تَشُمُّ (مزمور 115: 4 - 6).
وَيَقُولُونَ: الرَّبُّ لَا يُبْصِرُ، وَإِله يَعْقُوبَ لَا يُلَاحِظُ. الغَارِسُ الأُذُنَِ أَلَا يَسْمَعُ؟ الصَّانِعُ العَيْنَ أَلَا يُبْصِرُ؟ (مزمور 94:7 - 9).
فهذه الآيات تسخر من الأوثان لأنها لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، بينما الله الواحد الأحد يرى ويسمع ويتكلم. وهذا يخالف افتراض د. بوكاي أن الروح القدس لا يسمع ولا يتكلم.
وقد ذكر القرآن أن الله يسمع ويتكلم. وإليك أربعة أمثلة على ذلك:
وَقَالَ رَبُّكُمُ ا دْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (سورة غافر 40:60).
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (سورة البقرة 2:30). ولاحظ هنا أن الله الكائن الروحي يكلم الملائكة، وهي كائنات روحية.
قَالَ لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (سورة طه 20:46).
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (سورة آل عمران 3:38). ونلاحظ أن فكرة سمع الله لزكريا جاءت أيضاً في الإنجيل كما رواه القديس لوقا 1:13.
واضح من هذه الآيات التوراتية والإنجيلية والقرآنية أن فعلي السمع والكلام وردا عن الله الذي هو روح غير منظور، فيكون هجوم د. بوكاي على كلام وسمع الروح القدس هجوم على كل الكتب المقدسة.
- عدد الزيارات: 22976