شبهات شيطانية ضد سفر صموئيل الثاني - قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 23: 8
قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 23: 8 يوشَيْب بشَّبث التحكموني رئيس الثلاثة هو هزَّ رمحه على ثمانمائة قتلهم دفعة واحدة وورد في 1أخبار 11: 11 يشبعام ابن حكموني رئيس الثوالث هو هزَّ رمحه على ثلثمائة قتلهم دفعة واحدة . هنا ثلاثة أخطاء .
وللرد نقول بنعمة الله : يجوز أن يكون الاسم العَلَم مركباً من اسم فاعل وجار ومجرور، فإن معنى بشّبث الرابض أي الجالس في مكانه .
(1) هذا جائز في كل لغة، فالعَلم يكون مركّباً من مضاف ومضاف إليه مثل عبد الله ، ومن فعل وفاعل مثل جاد الحق ، ومن اسم فاعل وغيره مثل الحاكم بأمر الله و المعتصم بالله .
(2) ظن أن كلمة هزّ رمحه هي علَم فقال إنها خطأ.
(3) العدد، فأحد النبيين اقتصر على ذكر الذين قتلهم فسقطوا صرعى، أما النبي الآخر فنظر إلى الذين قتلهم وجرحهم وولّوا الأدبار، فإنه إذا قتل 300 لابد أن يكون جرح وهرب 500 أيضاً. وكل منهما صادق ومصيب فيما قال. هذا إذا كانت الوقعة واحدة. فإذا كان كل نبي ذكر واقعةً غير الأخرى، فتكون هاتان الحادثتان مختلفتين، لا يَصْدق عليهما تعريف التناقض، لاختلاف الموضوع والزمان والمكان.
قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 24: 1 أن الله ألقى في قلب داود أن يعد بني إسرائيل، ويُؤخذ من 1أخبار 21: 1 أن الشيطان أغوى داود على ذلك. ولمَّا لم يكن الله خالق الشر عندهم لزم الاختلاف .
وللرد نقول بنعمة الله : نعتقد أن الله هو الفاعل الحقيقي، ونسبة الإغواء والإغراء والتضليل إلى الشيطان مجاز عقلي، فإننا نعتقد أنه لا يحدث شيء إلا بإذن الله. وقد ورد صريحاً أن الله هو فاعل الخير بإرادته، وفاعل الشر بإذنه والسماح منه. وقد ورد في رسالة يعقوب 1: 13: لا يقُلْ أحدٌ إذا جُرِّب إني أُجرَّب من قِبَل الله، لأن الله غير مجرَّب بالشرور، وهو لا يجرِّب أحداً. ولكن كل واحد يُجرَّب إذا انجذب وانخدع من شهوته . وهذا يعني أن الإنسان يُعاقب ويُثاب بالنظر إلى ما يختار. ومع ذلك يقول الله إنه خالق الخير والشر (إشعياء 45: 7). فالإغواء والإغراء يُنسَب إلى الشيطان مجازاً عقلياً لعلاقته السببية، فإنه لمَّا كان هو السبب في الشر والخطايا، نُسب إليه الإغواء، وإلا فالفاعل الحقيقي هو الله. فإذا قال النبي مرة إن الله ألقى في قلب داود أن يعدّ بني إسرائيل كان جارياً على الحقيقة، وإذا نُسب ذلك في محل آخر إلى الشيطان كان مجازاً عقلياً.
وأجمع علماء الإسلام على أنه لا مؤثر مع الله في فعل من الأفعال، بل هو الموجِد لأفعال العباد. ورد في القرآن والله خلقكم وما تعملون (الصافات 37: 96) فأفعال العباد كلها بإرادته ومشيئته وحكمه وقضائه وتقديره. وورد أيضاً قوله: بل طبع الله عليها بكفرهم (النساء 4: 155) وقوله: ختم الله على قلوبهم (البقرة 2: 7) وقوله: وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه (الأنعام 6: 25) وقوله: أم على قلوب أقفالها (محمد 47: 24). ومع ذلك فللعباد أفعال اختيارية يُثابون بها إن كانت طاعة، ويُعاقبون عليها إن كانت معصية، كقوله جزاء بما كانوا يعملون (السجدة 32: 17). وكقوله: ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (الكهف 18: 29). والحسن من أفعال العباد برضا الله تعالى (أي بإرادته) والقبيح منها ليس برضائه، ولا يرضى لعباده الكفر. ومع أنه ورد قوله والله تعالى يُضلّ من يشاء ويهدي من يشاء (إبراهيم 14: 4). إلا أنه قد تُضاف الهداية إلى النبي مجازاً بطريق التسبُّب. وقد يُسند الإضلال إلى الشيطان مجازاً، كما يُسند إلى الأصنام. ونُسب الإغواء والإضلال إلى الشيطان في القرآن.
فالله سبحانه موجد الأفعال كلها، غير أن اللائق أن ننسب له الخير، وننسب الشر للنفس تأدُّباً.
قال المعترض الغير مؤمن: ورد في 2صموئيل 24: 9 فدفع يوآب جملة عدد الشعب إلى الملك، فكان إسرائيل 800 ألف رجل ذي بأس مستل السيف، ورجال يهوذا 500 ألف رجل . وهو ينافي ما ورد في 1أخبار 21: 5 فدفع يوآب جملة عدد الشعب إلى داود، فكان كل إسرائيل مليون ومائة ألف رجل مستلي السيف، ويهوذا 470 ألف رجل مستلي السيف . فيوجد اختلاف بحسب الظاهر في نحو 330 ألف رجل .
وللرد نقول بنعمة الله : (1) من طالع 1أخبار 27 يرى أنه كان يوجد 12 ضابطاً، يترأس كل ضابط على الجيش شهراً كاملًا، وكان تحت رئاسة كل منهم ألف جندي. فمجموع عدد الجيش الذي كان تحت رئاسة أولئك القواد هو 288 ألف جندي. وذكر في هذا الأصحاح أيضاً أنه كان يوجد غير ذلك 24 ألف جندي لأمراء أسباط بني إسرائيل، فالمجموع هو ألف جندي، وهو الفرق بين الإحصائين. فصموئيل النبي لم يلتفت إلى الثلثمائة ألف جندي لأنهم كانوا معروفين عند الملك، فهم الجيش الذي كان تحت السلاح، ولم يكن داعٍ إلى إحصائهم. وأما في سفر أخبار الأيام فضمهم إلى الإحصاء، والدليل على ذلك تعبيره عن الإحصاء الكامل بما فيه الجيش، بقوله ما معناه أن كل إسرائيل مليون ومائة ألف، أما صموئيل النبي فلم يقل كل إسرائيل، بل قال: كان إسرائيل .
(2) كان الجيش الذي تحت السلاح نحو 30 ألف جندي كما في 2صموئيل 6: 1 محافظين على حدود فلسطين، وقد أدرجهم النبي صموئيل في الخمسمائة ألف جندي رجال يهوذا. أما في سفر الأخبار فلم يدرجهم، بل اقتصر على ذكر 470 ألف جندي. وسببه أنه لم يكن جميع الثلاثين ألف جندي من سبط يهوذا، ولذا لم يعبر في إحصاء هذا السبط بلفظة كل يهوذا كما فعل في إسرائيل بقوله كل إسرائيل ، بل كانوا من عدة أسباط. وعليه فلا يوجد اختلاف ولا تناقض.
(3) وليس هذا الحل تلفيقاً من عندنا، فإن هذه الأرقام جميعها مذكورة في التوراة. فذكر عدد الجيش الذي تحت السلاح وقواده المعتبرين، وذكر عدد الذين كانوا على الحدود. ولو لم يذكر النبي ذلك في الكتاب، لما رأى البعض هذا الاختلاف، ولما قالوا إنه يوجد تناقض واختلاف أو غلط.
- عدد الزيارات: 15581