Skip to main content

في ضوء التاريخ والعقل والدين

تاريخ كتابة إنجيل برنابا - من الناحية الموضوعية

الصفحة 3 من 4: من الناحية الموضوعية

3 - من الناحية الموضوعية:

مما يدل على أن إنجيل برنابا إنجيل مزيف أن الآيات الواردة فيه ليست مقتبسة من التوراة العبرية التي كُتبت قبل الميلاد بمئات السنين، أو من الترجمة السبعينية اليونانية التي ظهرت في القرن الثاني للميلاد، بل مقتبسة (كما يقول العلماء) من الترجمة اللاتينية التي لم تظهر إلا في القرن الخامس للميلاد. وهذا يدل على أن الإنجيل المذكور إنجيل مزيف. ومن الأدلة على ذلك:

أ - جاء في فصل 82: 18 و83: 25 أن اليوبيل يقع كل مائة عام. مع أن اليوبيل كان يقع لغاية وجود المسيح على الأرض كل خمسين عام فقط (لاويين 25: 11). أما جعل اليوبيل كل مائة عام، فكان بأمر البابا بونيفاس الثامن سنة 1300م.

ب - وجاء في فصل 13: 19 عن فضل الزهد والتقشف أن المسيح لم تكن معه نقود. وفي 174: 2-11 بحث عما إذا كان سكان الفردوس يأكلون أو لا يأكلون. مع أن أهمية الزهد والتقشف لم تظهر في الشرق إلا في القرن الرابع، ولم تظهر في أوروبا إلا في العصور الوسطى. وكان ذلك في إيطاليا وأسبانيا بصفة خاصة (فجر الأندلس ص 28). وهكذا الحال من جهة البحث الخاص بنوع طعام سكان الفردوس، هل هو مادي أو روحي، فإنه لم يظهر إلا في هذه العصور، لأن الجهل كان يخيِّم عليها، حتى أنها سُمِّيت العصور المظلمة .

ج - وجاء في فصل 217: 88 أن نيقوديموس وضع مئة رطل من العطور على جثة يهوذا، ظناً منه أنها ليسوع. وجاء في 74: 16 أن المسيح قال إن الصيرفي ينظر في النقود ليرى هل هي من العيار المعهود. مع أن العثمانيين هم أول من استعملوا الرطل في القرن الرابع، عشر ثم نشروا استعماله في البلاد التي فتحوها، والبلاد التي كانت تربطهم بها علاقات تجارية، مثل إيطاليا وأسبانيا. كما أنهم هم أول من قال بمعايير الذهب، فأطلقوا على أجود أنواعه كلمة البندق . وكل من عاش في مصر حتى أوائل القرن العشرين يذكر أشياء كثيرة كانت توصف بأنها عثمانية.

د - جاء في فصل 105: 3 أن السماء تِسْع طبقات، عاشرها الفردوس (105: 7). وجاء في 59: 2 و135: 10 أن الجحيم مكّونة من سبع طبقات، كل طبقة لنوعٍ خاص من الخطاة، وأن الفَخور المتجبّر في قلبه يهبط إلى الدائرة السفلى، مارّاً بجميع الدوائر التي فوقها، فيعاني أقسى الآلام. وجاء في 135: 44 أن الله حكم على حواس الإِنسان بسبب شرها، ليس بالنار فحسب، بل وأيضاً بثلجٍ وجليد لا يُحتملان. مع أننا إذا رجعنا إلى الكتب الدينية والفلسفية القديمة، لا نرى واحداً منها قال بشيء من هذه الأمور. لكننا نراها مجتمعة في الكوميديا الإلهية التي كتبها دانتي شاعر إيطاليا في القرن 13م، وانتشرت بعد ذلك في القرون التالية له. وهذا يدل على أن كاتب الإنجيل الذي نحن بصدده عاش بعد هذا القرن. إذ لا يمكن أن يكون الاتفاق الموجود بين آرائه وبين آراء دانتي هو من باب المصادفة، لأن اتفاقهما ليس في أمرٍ واحد بل في أمور متعددة. كما أن هذه الأمور ليست منطقية أو علمية مما يتفق عليها بعض الناس، على الرغم من اختلاف أجناسهم والعصور التي يعيشون فيها، بل إنها أمور خيالية، إن خطرت ببال الواحد لا تخطر ببال الآخر.

ه - جاء في فصل 106 أن النفس تنقسم إلى حاسية وعقلية. وفي 17: 4-18 أن المسيح قال: الله صلاح، بدونه لا صلاح... الله حياة، بدونه لا أحياء. هو عظيم حتى أنه يملأ الجميع وهو في كل مكان. هو وحده لا ندَّ له، لا بداية ولا نهاية له. لكنه جعل لكل شيء بداية وسيجعل لكل شيء نهاية. لا أب ولا أم له، لا أبناء ولا إخوة ولا عشراء له. ولما كان ليس للّه جسم، فهو لا يأكل ولا ينام ولا يموت ولا يمشي ولا يتحرك، ولكنه يدوم إلى الأبد بدون شبيه بشري. لأنه غير ذي جسد، وغير مركب، وغير مادي. وأبسط البسائط... وبالاختصار أقول لك يا فيلبس إنه لا يمكنك أن تراه أو تعرفه على الأرض تمام المعرفة، ولكنك ستراه في مملكته إلى الأبد، حيث يكون قوام سعادتنا ومجدنا . وجاء في 43: 6-12 كل من يعمل، فإنما يعمل لغايةٍ يجد فيها غَناءً (أي غنى)، لذلك أقول لكم إن الله لما كان بالحقيقة كاملاً، لم يكن له حاجة إلى غَناء لأنه الغَنَاء عنده نفسه... وهل كان هذا هكذا، إلا لأن الله أراد ذلك ؟!

وبالتأمل في هذه العبارات نرى أنه لا يمكن أن تكون قد قيلت إلا بعد حدوث مباحثات ومناقشات من جهة النفس وخواصها، ومن جهة ذات الله وصفاته وأعماله. وأيضاً من جهة شخصية المسيح، وهل كان إنساناً عادياً أم كان هو ابن الله بمعنى المعلِنللّه أو الله مُعلَناً. كما نرى أن هذه العبارات مصاغة في أسلوب لم يكن معروفاً في البيئة التي عاش المسيح فيها، لأن هذه البيئة كانت تميل إلى الإيجاز، كما كانت تميل إلى البساطة في التفكير والتعبير. لكن بالرجوع إلى التاريخ نرى أن المباحثات الخاصة بشخصية المسيح ظهرت في أول الأمرفي القرن الخامس للميلاد. وأن المناقشات الخاصة بالنفس، وبذات الله والغرض من خلقه للعالم، واستعمال الاصطلاح أبسط البسائط عن ذاته تعالى، ظهرت في أول الأمر في القرن الثاني عشر للميلاد، وذلك على أثر انتشار كتب ابن سينا والفارابي وابن رشد وغيرهم ممن تثقّفوا بالثقافة اليونانية القديمة، واقتبسوا منها الشيء الكثير في شرح الموضوعات الدينية لديهم. وهذا يدل على أن كاتب الإنجيل الذي نحن بصدده عاش بعد القرن المذكور، واطّلع على ما كتبه هؤلاء الفلاسفة.

من الناحيتين العلمية والتاريخية
الصفحة
  • عدد الزيارات: 19287

راديو نور المغرب

تابعوا وشاركوا في برنامج مسيحي حواري مباشرة على الهواء من راديو نور المغرب، تواصلوا معنا عبر الواتساب أو اتصلوا بالرقم: +212626935457

شهادات صوتية

تعالوا معنا لنستمع إلى شهادات واختبارات لأشخاص آمنوا بالسيد المسيح من كافة أنحاء العالم العربي، وكيف تغيرت حياتهم عندما تقابلوا مع المسيح.

إستمع واقرأ الإنجيل

أستمع واقرأ الإنجيل مباشرة عبر موقعنا لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح ومميزة أفكار القلب ونياته.

شهادات بالفيديو

تعالوا معا نشاهد هنا قصص واقعية لأشخاص إنقلبت حياتهم رأسا على عقب وعبروا من الظلمة إلى النور بعدما تعرفوا على السيد المسيح مخلص العالم.