في اسفار العهد الجديد - إعلانات الله عن ذاته في أسفار العهد الجديد
والآن إلى إعلانات الله عن ذاته في أسفار العهد الجديد.
ظهرت إعلانات الله تبارك اسمه عن ذاته في التوراة وأسفار العهد القديم في الآيات التي ذكرناها في الفصل السابق.. وقد تدرج في سامي حكمته في إعلانه عن وحدانيته الجامعة بصورة مستترة.. وسبب ذلك هو أن الشعب الإسرائيلي الذي أعلن الله ذاته لأنبيائه عاش أربعمئة سنة في أرض مصر.. وكانت مصر وقتئذ مسرحاً لعبادة الأصنام.. كثرت تماثيلها وتعددت آلهتها. فلو أن الله جلَّ اسمه أعلن للإسرائيليين الخارجين من مصر عن وحدانيته الجامعة بكلمات صريحة لغلبت الأفكار والعقائد المصرية على تفكيرهم وشوهت الإعلانات الإلهية.. لهذا اقتضت حكمة الله أن يتدرج في إعلانه عن وحدانيته في ثالوثه العظيم بقدر ما رأى في حكمته وعلمه من استعداد البشر لتقبل إعلانه الكامل عن شخصه الكريم.
إن من يدرس الأديان البشرية.. ديانات مصر، وبابل، واليونان، والهند يسترعي انتباهه وجود الثالوث في هذه الأديان.
ففي مصر وجد ثالوث إيزيس، وأوزوريس، وحورس.
وفي بابل وُجد ثالوث براهما، وفشنو، وسيفا.
وفي اليونان علّم أفلاطون الذي عاش 400 سنة قبل الميلاد، بوجود ثالوث افترض فيه وجود العقل السامي على العالم، والعقل المتحرك الذي أخرج إلى الوجود التصور الإلهي، والروح العظيم الذي يحيي العالم ويحركه. وهو بحسب تعليمه جزء أزلي من الله متحد بالمادة...
وهنا يخطر في ذهننا سؤال: من أين جاء البشر بعقيدتهم عن الثالوث؟... وجوابنا: إن وجود الثالوث في الديانات القديمة يؤكد أن له أصل توارثته الأجيال قبل أن تتدهور إلى عبادة الأوثان.. يؤكد أن الإنسان عرف وحدانية الله الجامعة منذ وجوده... ثم بتدهوره وابتعاده عن الله الحي الحقيقي الذي أعلن ذاته لآدم.. ابتدع لنفسه ثالوثاً ليس هو المعلن في كلمة الله وعن هذا يقول بولس الرسول:
لِأَنَّ غَضَبَ اللّهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِا لْإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللّهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لِأَنَّ اللّهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، لِأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلَاهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِا لْمَصْنُوعَاتِ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلَا عُذْرٍ. لِأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللّهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِله، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلَاءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللّهِ الذِي لَا يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الْإِنْسَانِ الذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَحَّافَاتِ * رومية 1: 18-23 .
من هذه الكلمات المنيرة نرى أن الناس منذ خلق آدم عرفوا الله في وحدانيته الجامعة في ثالوثه العظيم.. ولكنهم في ظلام قلوبهم الغبية، أبدلوا الله الجامع في وحدانيته، بثالوث من ابتداع عقولهم المظلمة.. وهكذا حلَّ الاعتقاد الزائف الرذيل مكان الجوهر الأزلي الأصيل.
وعاد الله يعلن ذاته للبشر.. أعلن وحدانيته الجامعة في ثالوثه العظيم في ألفاظ صريحة في كتاب العهد الجديد.
إعلانات الله عن ذاته في كتاب العهد الجديد
- عدد الزيارات: 21265