أسفار العهد القديم والجديد في عصر محمد - إن كتابنا المقدس في العصر الحاضر هو عين الكتاب الذي كان قبل محمد
وهنا نتخذ وسائل أخرى لإقامة حجتنا عدا النسخ الأصلية والترجمات القديمة لأسفار العهد القديم والجديد التي فصلناها. فنقول إن كتابنا المقدس في العصر الحاضر هو عين الكتاب الذي كان قبل محمد، وذلك من الاقتباسات التي نُقلت عنه في مؤلفات المسيحيين القدماء في لغات مختلفة يوناني ولاتيني وسرياني وقبطي. ففي هذه المؤلفات وردت آيات كتابية كثيرة جداً، بحيث لو ضاع الكتاب من العالم يُجمع ثانية من هذه الاقتباسات. واعتبر هذا الدليل قياساً على القرآن. ألم تر في مؤلفات المسلمين آيات كثيرة منه ،ولسنا مبالغين إن قلنا إنه ضاع القرآن اليوم، يُعاد من الاقتباسات الواردة في التفاسير والمؤلفات الإسلامية وصدور الحفظة الكثيرين. ومثل هذا إن لم نقل أكثر منه يوجد في مؤلفات المسيحيين. وأغرب من ذلك أن في مؤلفات الوثنيين القدماء أقوال ليست بقليلة مقتبسة من الكتاب المقدس، مثل كتابَي سلسوس فورفيري وجوليان الكافر. وعدا الاقتباسات الصريحة الواردة في مؤلفات المسيحيين القدماء يؤخذ من مضامينها ما يطابق تمام المطابقة حقائق الكتاب المعروف الآن، مثل أعمال المسيح وموته وقيامته وصعوده إلى السماء، ومثل الفداء إلى غير ذلك مما هو مشروح في محلاته.
وعندنا أدلة أخرى عدا هذه وتلك تثبت ما نحن بصدده يمكننا تسميتها بالأدلة الأثرية، ففي مدينة روما اكتُشفت قبور كثيرين من مسيحيي القرون الأولى للمسيح في سراديب تحت الأرض منقوش
عليها كتابات وصور يؤخذ منها إن هؤلاء المسيحيين يؤمنون بالعقائد التي يعلمنا إياها الإنجيل الآن. وأظن في هذا القدر كفاية لإقناع كل معاند ومكابر بأن أسفار العهد الجديد والقديم محفوظة بتمامها ونقاوتها من قبل عصر محمد الذي منها يقتبس ولها يشهد وإياها يحترم. وأن هذه الأسفار مُحصاة في جداول بين أيدي اليهود والمسيحيين تبيّن أنها أسفار موحى بها من الله، وكلها نص واحد قديمها وجديدها بمتونها الأصلية وترجماتها، لا يوجد بينها إلا اختلاف في القراءات كما أشرنا إلى ذلك في موضعه.
من أجل ذلك عندما يأمر القرآن محمداً أن يسأل أهل الكتاب عما جاء فيه من التعاليم يجب على المسلمين أن يفهموا ويتأكدوا أنه يقصد الكتاب الذي بين أيدينا الآن، لأنه هو الأسفار المقدسة الموجودة بين أيدي اليهود والمسيحيين في كل العالم لا غير. وقد رأينا في الفصل الأول أن القرآن يذكر في مواضع كثيرة الأقسام الرئيسية لهذا الكتاب، وهي التوراة والزبور والأنبياء والإنجيل، ويرفعها إلى أعلى مراتب الكرامة، فيسميها تارة كلام الله وكتاب الله وتارة الفرقان والذِّكر ويهدد بأشد أنواع العذاب الذين كذبوا بها - سورة المؤمن 40 :70 - ويقول القرآن إنه نزل ليكون مهيمناً عليه (سورة المائدة 5 :51) ويأمر المسلمين أن يؤمنوا بها كإيمانهم بنفس القرآن - سورة البقرة 2 :136 وسورة آل عمران 3 :84 .
وبما أنه قد ثبت بالأدلة القاطعة إن كتابنا المقدس هو كتاب الله فيجب عليكم حتماً أن تطالعوه باحترام ودعاء عسى أن يفتح الله الرحمن الرحيم أذهانكم لفهمه حتى تروه كما وصفه القرآن هدى وذكرى لأولي الألباب .
- عدد الزيارات: 19155