سلامة الإنجيل من الناحية الدينية - ترحيب المسيحيين بالاضطهاد
3 - ترحيب المسيحيين بالاضطهاد في سبيل التمسُّك بما جاء في الإنجيل:
أ - لو أن المسيحيين الأوائل حرَّفوا آيةً من الآيات الخاصة بشخصية المسيح أو موته الكفاري نيابة عن البشر (اللذَيْن هما أهم موضوعات الكتاب المقدس) لَمَا كانوا يعرِّضون أنفسهم للاضطهادات القاسية التي كانت تحلّ بهم منذ القرون الأولى، من اليهود والوثنيين على السواء، بسبب هذين الموضوعين. لأنه ليس هناك عاقل يعرّض نفسه للاضطهاد بسبب أمرٍ لا نصيب له من الصواب، زوَّره واختلقه هو بنفسه!
وقد أشار الأستاذ عباس محمود العقاد إلى هذه الحقيقة فقال: ومن بدع (أهل) القرن العشرين سهولة الاتهام كلما نظروا في تاريخ الأقدمين فوجدوا في كلامهم أنباء لا يسيغونها وصِفاتٍ لا يشاهدونها ولا يعقلونها. ومن ذلك اتهامهم الرسل بالكذب فيما كانوا يثبتونه من أعاجيب العيان أو أعاجيب النقل. ولكننا نعتقد أن التاريخ الصحيح يأبى هذا الاتهام، لأنه أصعب تصديقاً من القول بأن أولئك الدعاة أبرياء من تعمُّد الكذب والاختلاق. فشتّان عمل المؤمن الذي لا يبالي الموت تصديقاً لعقيدته، وعمل المحتال الذي يكذب، ويعلم أنه يكذب، وأنه يدعو الناس إلى الأكاذيب. مثل هذا لا يُقْدم على الموت في سبيل عقيدة مدخولة، وهو أول من يعلم زيفها وخداعها. وهيهات أن يوجد بين الكذَبَة العامدين من يستبسل في نشر دينه كما استبسل الرسل المسيحيون. فإذا كان المؤلف الصادق مَن يأخذ بأقرب القولين إلى التصديق، فأقرب القولين أن الرسل لم يكذبوا في ما رووه، وفي ما قالوا إنهم رأوه، أو سمعوه ممن رآه (عبقرية المسيح ص 118 و189).
- عدد الزيارات: 10271