Skip to main content

نصرة الحق

القسم الأول

الصفحة 1 من 9

1 - قال القديس أغسطينوس: أنا مؤمن، لأن ذلك لا يتفق مع العقل، فأي فرق بين المجنون وبين من يلغي عقله؟

لم تذكر المرجع الذي اقتطعت منه كلمة أغسطينوس، لمراجعتها في ضوء قرائنها, لأنه من السهل على المرء أن يفسر آية عبارة مقتطفة وفقاً لغرضه, وعلى أي حال فالكلمة إيمان تفرض على الإنسان قبول الغيبيات، التي لا يستطيع إدراكها بالعقل، وقد جاء في كتاب الله: وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى والْإِيقَانُ بِأُمُورٍ لَا تُرَى ـ عبرانيين 11: 1 . وهذا القول لا يختلف عن تعريف العلماء للإيمان, فقد قالوا أنه التصديق المبني على الشهادة، لا على الحواس, لأن الإيمان هو الثقة بما يرجوه المؤمن، وهو لا يراه فخرج بهذا القيد على ما كان الإنسان حاصلاً عليه، أو ما كان يراه, ولما كان موضوع الإيمان ما يُرجى وما لا يُرى، عرف أنه مبني على شهادة الغير لنا, لا على شهادة حواسنا, وعلى ذلك يكون الإيمان بالله مثلاً، الإيقان بوجود الله، بناء علىشهادة أعماله, والإيمان بقيامة الموتى، ه و اليقين المبني على شهادة الله في كتابه, والإيمان بالسماء التي نرجوها ولا نراها، هو الإيقان بوجودها بناء على شهادة الكتب الموحى بها,

1 - إننا نؤمن بحوادث تاريخية بناء على شهادة المؤرخين وبالحقائق العلمية بناء على شهادة العلماء, وبخبر الخلق والسقوط والفداء، بناء على شهادة الوحي، وفقاً لنص الكتاب المقدس القائل: بِالْإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللّهِ ـ عبرانيين 11: 3 ـ وكذلك كل التعاليم عن الحياة الأبدية، والتجديد والتبرير والتقديس، والاتحاد بالمسيح، والقيامة والدينونة في اليوم الأخير، فإن هذه كلها قبلت بناء على شهادة الله,

2 - إن الكتاب المقدس يعرف الإيمان كذلك, فالعهد الجديد سمي شهادة يسوع، ويسوع في الواقعه لم يأت فيلسوفاً، بل شاهداً، بدليل قوله للرئيس اليهودي نيقوديموس: اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا، وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَ شَهَادَتَنَا ـ يوحنا 3: 11 . وما رآه وسمعه به يشهد، وشهادته ليس أحد يقبلها، ومن قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق ـ يوحنا 3: 31-33 .

وكذلك رسل المسيح كانوا شهوداً، إذ عينهم المسيح للشهادة، حين قال لهم: لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُّوَةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ والسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الْأَرْضِ ـ أعمال 1: 8 .

وكان أعظم ما اعترض به على الرسل في بلاد اليونان، أنهم لم ينادوا بتعاليم كقضايا تقبل البرهان، ولا يبنوا الأسس الفلسفية لتعاليمهم، ولا ثبتوها ببراهين عقلية, وقد أجاب رسول الجهاد العظيم بولس على هذا الاعتراض، فقال: إن الفلسفة التي هي حكمة البشر، لا تبلغ القضايا العظمى المتعلقة بالله وبأعماله، وبالخطية والفداء، وهي جهالة بالنسبة لأمور الله, وقال أيضاً إن الحقائق التي علمها لم تكن من حقائق العقل, بل من الإعلان، ويجب أن نصدقها، لا بناء على المبادئ العقلية أو الفلسفية، بل شهوداً, وأنهم لم يبرهنوا الأمور الروحية بكلام الحكمة الإنسانية، وإنما نادوا بمشورات الله, وأن الإيمان بالتعاليم الموحى بها، يجب أن يكون مبنيّاً على شهادة الله الصادقة، لا على حكمة الإنسان,

ومن الأدلة على تعليم الكتاب في الإيمان أنه التصديق بناء على الشهادة،أمره لنا بأن نؤمن بخبر الوحي بأمور الفداء إذ يقول: مَنْ لَا يُصَدِّقُ اللّه فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِباً، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا اللّهُ عَنِ ابْنِهِ. وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللّه أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَه ذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ ـ 1 يوحنا 5: 10-11 . ولا يمكن أن يعبر عن تعليم الكتاب بشأن حقيقة الإيمان، بكلام أوضح من هذه الأقوال,

موضوع الإيمان، هو إعلان الله، وأساسه شهادة الله
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18546
إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.
شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.
إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.
سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.