Skip to main content

المسيحية في الإسلام

مصادقة الإسلام على صحة عقيدة الثالوث المسيحيّة - ينسب الخلق إلى الروح

الصفحة 5 من 6: ينسب الخلق إلى الروح

القسم الثاني: ينسب الخلق إلى الروح. فَإِذَا سَّوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (سورة الحجر 15: 29 ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ (سورة السجدة 32: 9) .وقال الرازي في تفسيره ما معناه: نفخت فيه من روحي حتى جرى آثاره في تجاويف أعضائه فحيي. وقال الجلالان: أجريت فيه من روحي فصار حياً. وقال الكشاف: نفخت فيه من روحي وأحييته، وليس ثمة نافخ ولا منفوخ، وإنما هو تمثيل لتحصيل ماء الحياة فيه. وزاد البيضاوي فقال: أي جعله حياً حساساً بعد أن كان جماداً. وأضافه إلى نفسه تشريفاً .

وهذا يدل على أن مفسري القرآن قد ازدادوا حيرة، لأن الروح في هذه الآيات ليس جبريل كما فسروا في آيات القسم الأول. لأن جبريل ليس نفخة تجري في تجويف الإنسان، كما يجري الدم، فيُحيا به. ولو كان الأمر كما ذكروا لما استطعنا أن نجادل من يقول إن الله قد نفخ في القرد من روحه فصار حياً، لأنه بحسب قولهم لا حياة للجسم المادي دون أن ينفخ الله فيه من روحه، كما قال الرازي إن كل أحد روحه روح الله ، خطأ فاحش، لأنه يقتضي أن يسمي كل واحد نفسه روح الله.

القسم الثالث: ينسب الوحي إلى الروح. يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ (سورة النحل 16: 2). وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي (سورة الإسراء 17: 85). رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ (سورة غافر 40: 15) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا (سورة الشورى 42: 52) أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (سورة المجادلة 58: 22) وقد فسر المفسرون الذين ذكرناهم سابقاً الروح في هذه الآيات بأنه الوحي أو القرآن أو الكتاب أو النبوّة أو الإيمان أو النصر على العدو أو النور، ولكنهم قالوا جميعاً إنه الوحي.

القسم الرابع: ينسب ولادة المسيح وأعماله إلى الروح. وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (سورة البقرة 2: 87 ، 253) وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرَوُحٌ مِنْهُ (سورة النساء 4: 171) .إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ (سورة المائدة 5: 110) .فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً (سورة مريم 19: 17) .وَالّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا (سورة الأنبياء 21: 91) وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا (سورة التحريم 66: 12) .

وقد فسر المفسرون هذه الآيات قائلين إنّ الروح هو الروح المقدسة جبريل لطهارته، أو روح عيسى ووصفها به لطهارته من الشيطان، أو لكرامته على الله ولذلك أضافها الله إلى نفسه، أو لأنه لم تضمه الأصلاب ولا أرحام الطوامث، أو الإنجيل، أو اسم الله الأعظم الذي كان عيسى به يحيي الموتى.

وتفسير هذا القسم قد اصطبغ بصبغة الفكر المبلبل، إذ جعل للروح تأثير قوة روحية خفية ليست هي الله ذاته، على أن ما يستنتج من آياته أن الروح هو من الله رأساً، فلا يدرك كنهه سواه، إذ هو مصدره، وأنه كان الواسطة الوحيدة في حبل العذراء بالمسيح، وأنه هو الذي كان يوحي كلام الله إلى أنبيائه وأنه كان مؤيِّداً للمسيح.

وما دام أن الروح هو من الله، أو هو روح الله، فهو ككلمته إله أزلي له كل الصفات الإلهية، لأن كل شيء في الله واحد كما ذكرنا، ولأن القرآن لم يوضح لنا ما هو. وأما القول بأن الله قد أضاف الروح إلى نفسه تشريفاً فهو تكلّف لا سبيل إلى الأخذ به.

ومن العجيب حقاً أن مفسري القرآن لم يستطيعوا معرفة حقيقة أمر الروح وإدراك سره، ونحن نعتقد أن الذي منعهم من بحث الأمر بحثاً دقيقاً هو سر الأقانيم الإلهية في ذاته تعالى، ولهذا نراهم يحاولون جهدهم التخلص من عقدة التثليث فيحولون العبارات من الحقيقة إلى المجاز.

ألم تر كيف يقولون إن الروح هو جبريل، أو ملاك عظيم، أو جند من الملائكة، أو نسمة، أو ريح، أو نور، أو الوحي، أو الإيمان، أو النبوة، أو القرآن، أو الإنجيل، أو كل الناس، أو هو كائن أعظم من الملائكة، أو النصر على العدو أو ... أو الخ؟

وهذه المعاني الكثيرة، التي تبعث على الدهشة تدل على أن بين المسيح والذات الإلهية صلة فريدة تقوم بوساطة روح يشترك في هذه العلاقة الممتازة، فهي ليست كالصلة العادية التي بين الخالق والمخلوق، وليست بالصلة التي تدعو إليها دواع يخترعها المفسرون اختراعاً.

ونحن نشاطر المسلمين حيرتهم إزاء غموض القرآن في أمر الروح، والذي لم يستطع الصحابة أو المفسرون جلاءه أو الوصول إلى حقيقته، ولهذا نرى واجباً علينا أن نلجأ إلى الكتاب المقدس نستوضحه ما غمض علينا فهمه، عملاً بقول القرآن: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ (أهل الكتاب) إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (سورة الأنبياء 21: 7)

يرى المطلع على كتاب الله المقدس أن الروح القدس هو الرب جل جلاله, وَدَعَا اسْمَ الْمَوْضِعِ مَسَّةَ وَمَرِيبَةَ مِنْ أَجْلِ مُخَاصَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمِنْ أَجْلِ تَجْرِبَتِهِمْ لِلرَّبِّ قَائِلِينَ: أَفِي وَسَطِنَا الرَّبُّ أَمْ لَا؟ (خروج 17: 7) لِذ لِكَ كَمَا يَقُولُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلَا تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الْإِسْخَاطِ، يَوْمَ التَّجْرِبَةِ فِي الْقَفْرِ حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي وَأَبْصَرُوا أَعْمَالِي أَرْبَعِينَ سَنَةً (عبرانيين 3: 7-9) رُوحُ الرَّبِّ تَكَلّم بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي. قَالَ إِلهُ إِسْرَائِيلَ. إِلَيَّ تَكَلّم صَخْرَةُ إِسْرَائِيلَ. إِذَا تَسَلّطَ عَلَى النَّاسِ بَارٌّ يَتَسَلّطُ بِخَوْفِ اللّهِ (2 صموئيل 23: 2 ، 3) لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلّم أُنَاسُ اللّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ (2 بطرس 1: 21) ويرى أنه ذات الله في أسفار صموئيل والمزامير وإشعياء، وأنه قد وُصف بصفات الله عز وجل، فهو الديَّان المقنع المعلّم المُعِين، ذو القوة والبأس المتين.

فالروح هو الله بلا شك، لأن هذه الصفات لا يمكن أن يتصف بها غيره تعالى، وهذه الحقوق مختصة به وحده، فهو الذي يقف الكل أمام عرشه صاغرين، وما الملائكة إلا مبلغون لوحيه، وليس الأنبياء والرسل إلا مبشرين ومنذرين. أما الروح القدس فهو الذي يحرك القلوب وينمي مفعول كلام الله فيها، وبيده الحياة والحكمة يؤتيها من يشاء (يوحنا 7: 39 ، رومية 9: 1 ، 1 تسالونيكي 1: 5 ، 1 بطرس 1: 12). وهو الذي يسكب المحبة في قلوب المؤمنين، وهو الذي يقدس ويغسل ويبرر، مما لا يستطيعه إلا الله. فبأي وجه لا نعتقد أن الروح هو الله. وهذا أيوب يقول: رُوحُ اللّهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي (أيوب 33: 4)

إننا نَتَكَلّم بِحِكْمَةِ اللّهِ فِي سِرٍّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ، الّتِي سَبَقَ اللّهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، الّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ - لِأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ. بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللّهُ للّذِينَ يُحِبُّونَهُ. فَأَعْلَنَهُ اللّهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لِأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللّهِ. لِأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الْإِنْسَانِ الّا رُوحُ الْإِنْسَانِ الّذي فِيهِ؟ ه كَذَا أَيْضاً أُمُورُ اللّهِ لَا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ الّا رُوحُ اللّهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الّذي مِنَ اللّهِ، لِنَعْرِفَ الْأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللّهِ، الّتِي نَتَكَلّم بِهَا أَيْضاً، لَا بِأَقْوَالٍ تُعَلّمهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلّمهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ (1 كورنثوس 2: 7-13)

الخلاصة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11797

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.