Skip to main content

المسيحية في الإسلام

مصادقة الإسلام على صحة عقيدة الثالوث المسيحيّة - كيف حدث ذلك الصدور بحيث أصبحت كلمة الله ذاتاً اسمها المسيح

الصفحة 3 من 6: كيف حدث ذلك الصدور بحيث أصبحت كلمة الله ذاتاً اسمها المسيح

ولكن كيف حدث ذلك الصدور بحيث أصبحت كلمة الله ذاتاً اسمها المسيح عيسى ابن مريم؟

إنّ نظرية الصدور أو التوالد تختلف بين الكائنات باختلاف طبائعها. وكلما ازدادت الطبيعة رقياً وارتفاعاً ازداد ما يصدر عنها أو يتولد منها اتحاداً بها. فنرى في الجمادات كالصخور والمعادن وهي أسفل الكائنات درجة أن الصدور والتولد لا يحدث فيها إلا بفعل الواحد في الآخر. فالنار مثلاً لا تتولد إلا من نار، وذلك بفعل النار في الجسم القريب منها، فتشركه في صفاتها وتحوله إلى نوعها، وقس على ذلك.

فإذا ارتقينا بالنبات درجة، ورأيناه في مرتبة الحياة الحساسة حياة الحيوان رأينا أن تولّد النفس الحساسة، الخاص بها، يبدأ من الخارج، وينتهي إلى الباطن. ولذلك أصبحت هذه الحياة الحساسة أرفع قدراً من حياة النبات لزيادة اتحادها في ذات كونها، ولكنها مع كل هذا ليست حياة كاملة الكمال الوافي.

فإذا ارتقينا بهذه النفس الحساسة، ورأيناها وقد حلّ فيها النطق، فخرجت به من أفق الحيوان إلى أفق الإنسان، رأيناها تبدأ الحياة العاقلة، التي هي أكمل أنواع الحياة، وأرقاها شأناً، وأرفعها مقاماً.

بيد أن هذه الحياة الحساسة الناطقة العاقلة لا تزال ناقصة لأن العقل البشري وإنْ أمكنه أن يدرك ذاته فإنه إنما يستمد بدء علمه من الخارج، ولذا كانت الحياة العقلية في الملائكة أكمل وأرفع منها في الإنسان. ولكنه مع هذا كله لم يصل إلى درجة الكمال المطلق، لأن المعنى الذي يدركه الملاك وإن كان ذاتياً فليس هو جوهر الملاك، لأن العقل والوجود ليسا واحداً فيه.

فكمال الحياة إذاً الذي ليس وراءه كمال هو في ذلك الكائن الذي وجوده ذاته وذاته وجوده، وهو الله سبحانه وتعالى، الحي القيوم، لأن العقل والوجود واحد فيه. ولذلك كان المعنى المعقول فيه والذات الإلهية واحداً. ولكن لما كان وجود الله تعالى هو عقله، وكان عقله هو وجوده، كان المعنى المعقول فيه هو عقله أيضاً، إذ كل شيء في الله واحد، ومن هنا كان العقل فيه هو الشيء المعقول فيه، وكان بعقله لذاته يعقل كل شيء، لأنه علة كل شيء.

والنتيجة إذاً أن العقل والعاقل والمعقول واحد في الله سبحانه وتعالى.

إذا أمعنت الفكر في كل ما سبق استطعت أن تتصور صدور الكلمة من الله ذات الصدور الذي نؤمن به، وأشار إليه القرآن بقوله للعذراء مريم: إنّ الله يبشرك بكلمة منه ، وبقوله لزكريا عند تبشيره بيحيى: إنّ الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله وهو المسيح.

ولا يمكن أن يكون ذلك الكلمة قد صدر من الله على شكل الصدور الحادث بين الجماد، لأن التولد فيه إنما يكون برسم صورته في مادة خارجية، ولا يمكن أن يكون قد صدر على شكل الصدور الحادث بين النبات والحيوان لأن التولد فيهما لا يحدث إلا بانفصال شيء منهما يشاركهما في صفاتهما، ولا يمكن أن ينفصل عن الله شيء منه، كما لا يمكن أن يقبل هو جل شأنه شيئاً من الخارج.

فكيف يكون إذاً قد صدر ذلك الكلمة من الله؟ لا سبيل لذلك إلا سبيل التولد العقلي. فالكلمة إذاً هي في الله العاقل لذاته، أي أن الله تعالى معقول، وموضوع عقله هو ذاته نفسها، لأن كل شيء في الله واحد. ولما كان عقله لا يخرج من القوة إلى الفعل، فلا يطرأ عليه الحدث، ولا يقع تحت عوامل العرض كان كلمته الذي منه أزلياً أبدياً، موجوداً فيه، ومساوياً له المساواة التامة.

لما كان كلمة الله منه فهو إذاً ابنه، على سبيل التولد العقلي
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11794

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.