تصريحات الإسلام عن الكفارة - الفدية
3 - الفدية
ذكرنا آنفاً أن المسيحية تعلم أن الله لكي يجمع بين عدله ورحمته في تصرفه مع الإنسان عقب سقوطه دبر طريقة فدائه، بتجسد ابنه الحبيب وموته على الصليب نيابة عنا، وبهذا أخذ العدل حقه، وتكملت الرحمة فنال البشر العفو والغفران، وهذه هي نظرية الفدية. ولقد صادق الإسلام عليها في قصة امتحان الله لإبراهيم في ابنه : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (سورة الصافات 37: 102-111)
في هذه الآية وفي أقوال المفسرين لها، إعلان عن أهم الحقائق الخاصة بالفدية كما تعلّم به العقيدة المسيحية، ففيها إعلان عن مبدأ الفدية ذاته، وكيف تنوب الفدية عن المفديّ بها، وكيف يُعتبر ما تم كأنه تمَّ للمفدي نفسه بالفعل. وهذا واضح من قول البيضاوي في تفسيره: بما يذبح بدله فيتم به الفعل. وفيها إعلان عن طريقة الفداء بالذبح في قوله: وفديناه بذبح عظيم. ومعلوم أن المسيحية تعلّم أن الطريقة التي رتبها الله منذ سقوط الجنس البشري لفدائه هي ذبيحة المسيح، وأن جميع الذبائح التي وُضعت رسومها في اليهودية كانت رمزاً وإشارة لذلك الذبح العظيم.
- عدد الزيارات: 11430