Skip to main content

المسيحية في الإسلام

تصريحات الإسلام عن الكفارة

الصفحة 1 من 6

الباب الخامس

الفصل الثاني

جئنا في البحث السابق بخلاصة العقيدة المسيحية في كفارة المسيح الفدائية. ونقرر الآن أن هذه الحقائق بعينها قد أيّدها الإسلام بتصريحات متكررة. ولنستعرض الآن ما جاء في الإسلام بشأن تلك الحقائق حسب ترتيبها:

1 - عصيان الإنسان الأول وسقوطه

جاء في سورة البقرة 2: 35 ، 36 : وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُّوٌ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ .

وإن ما جاءت به هذه الآية، وما فسرها به المفسرون، يصرح بثلاثة أمور:

1 - تسجيل العصيان على آدم وحواء وأبنائهما بوقوعهم في زلة المخالفة لأمر الله تعالى.

2 - إن آدم وحواء كانا نائبين عن الجنس البشري بأجمعه، وهذا واضح من تفسير المفسرين لقوله: وقلنا اهبطوا. وهذا معناه أن سقوطهما اعتُبر في نظر الله سقوطاً للبشرية جمعاء. يؤيد هذا الحديث الذي رواه الترمذي وهو: جحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته. فهذا الحديث صريح في أن كل ما أتاه آدم من الخطأ والعصيان اعتُبر في نظر الله أنه صادر من ذريته، وفي هذا إقرار واضح بأن آدم كان نائباً عن الجنس البشري بأسره. والقرآن يوضح أن الله أخرجهما في صيغة المثنى وحل ّالعقاب بالبشر جميعاً اهبطوا بعضكم لبعض عدو في صيغة الجمع.

3 - فساد الطبيعة البشرية عقب سقوط آدم وحواء، وهذا واضح من قوله: بعضكم لبعض عدو ، ومن تفسير المفسرين له بأنه نبوءة بما سيقع من الظلم والعدوان من البشر على بعضهم البعض كأثرٍ لسقوط آدم وحواء في زلة العصيان. فهو نبأ بما باتت عليه الطبيعة البشرية من فساد نتيجة لعصيان آدم وحواء.

ومما يثبت هذا الرأي سورة يوسف 12: 53 إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وقال الرازي في تفسيرها: إن النفس لأمارة بالسوء أي ميالة إلى القبائح راغبة في المعصية، والطبيعة تواقة إلى الذات. ولما كان الغالب انجذاب النفس إلى العالم الجسداني، وكان ميلها إلى الصعود نادراً، حكم عليها بكونها أمارة بالسوء .

ثم إنّ الإسلام يقرر أن الجميع خضعوا لعوامل الفساد، وخنعوا لسلطان الخطية وعبودية الإثم، وهذا واضح من قوله: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ثُمَّ نُنَجِّي الّذينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً (سورة مريم 19: 71 ، 72) وقوله: وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ (سورة النور 24: 21)

ويؤيد هذا أيضاً ما سجله الإسلام على جميع الأنبياء بلا استثناء، من الوقوع في الخطأ ومخالفة أوامر الله. فآدم ونوح وإبراهيم وموسى وداود وسليمان، وكل الأنبياء بلا فارق، قد زاغوا وأخطأوا. ولقد أتينا في الباب الرابع ببعض الآيات التي تثبت وقوع الأنبياء في الخطأ والمعصية. وجاء في صحيح مسلم والبخاري: ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى. قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته. وعن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله يقول: إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة .

فالإسلام يقرر بوضوح فيه أن البشر جميعاً قد زاغوا وفسدوا وخضعوا لسلطان الفساد، ووقعوا في عثرة العصيان. وهكذا نرى أن الإسلام قد صادق على ما تعلّم به المسيحية من أن الإنسان الأول سقط، وأنه في سقوطه كان نائباً عن ذريته كلها. فكان سقوطه سقوطاً للبشرية بأسرها، وأن الطبيعة البشرية قد أصابها الفساد نتيجة ذلك السقوط. قال في سورة التين 95: 4 ، 5 لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ وهذه هي الحقائق التي ينهض عليها الركن الأول من أركان العقيدة المسيحية في كفارة المسيح وضرورتها.

الله عادل ورحيم
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11384
إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.
شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.
إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.
سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.