"الله" في الكتاب المقدس - يزعم ديدات أنَّ كتب موسى الخمسة لا يمكن اعتبارها كلمة الله
هذا التحامل يكشف عن نفسه بوضوح في الصفحة التالية, حيث يزعم ديدات أنَّ كتب موسى الخمسة لا يمكن اعتبارها كلمة الله ولا كلمات موسى. فأسفار موسى تقول: "قال الرب لموسى" وهذا خطاب للغائب يتكرر كثيراً. وكأنَّ ديدات لا يدرك أساليب الكتابة, فقد اختار موسى أن يتكلم عن نفسه بضمير الغائب - وديدات يزعم أنَّ هذه الكلمات تأتي "من شخص ثالث يسجّل أحداثاً سمع عنها" صفحة 25. فإذا صحَّ كلام ديدات عن أسفار موسى, فهو يصحّ أيضاً على القرآن, فلا يكون القرآن كلمة الله أو حتى كلمات نبي, بل "كتابة شخص ثالث يسجل أحداثاً سمع عنها". لأننا نقرأ في القرآن: "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ" سورة المائدة 5:110. ولا نرى فرقاً بين كلام الرب لموسى في الكتاب المقدس وكلام الله للمسيح في القرآن. وهكذا نرى أنَّ أي نقد للكتاب المقدس يستخدم منطق ديدات هذا لا بد أن يرتد فيصيب القرآن بالمثل.
وبالطبع لم يكتب موسى تفاصيل موته كما يسخر ديدات فالتثنية 34 كتبه خليفة موسى, النبي يشوع, وهو أيضاً الذي كتب السفر الذي يحمل اسمه, والتالي مباشرة لهذا الأصحاح - فالتوراة كلها وحي الله لأنبياء الله.
ويتناول ديدات في الفصل السادس من كتيبه موضوع أصالة الأناجيل الأربعة. ويبدأ مفترضاً أنَّ هناك دليلاً من داخل إنجيل متى يثبت أنَّ متى ليس هو كاتب الإنجيل الأول صفحة 26. ويعلل ذلك بأنَّ متى يتكلم عن نفسه في الإنجيل بضمير الغائب. وقد رأينا فيما سبق ضعف هذا النهج من التفكير. فالقرآن الذي يقول المسلمون عنه إنه كلام الله, يجيء الكلام فيه أحياناً عن الله بضمير الغائب. ولا نستطيع أن ندرك كيف يجادل مسلم بشأن أصالة أي سفر من الكتاب المقدس لمجرد أنَّ كاتبه يتحدث عن نفسه بضمير الغائب.
ويقدم ديدات في كتابه صورة لمقدمة إنجيل متى لكاتبها ج.ب. فيليبس تقدم فهماً أكبر. يقول فيليبس: "نَسَب التراث القديم هذه البشارة إلى متى الرسول, ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي. والكاتب الذي ندعوه الآن "متى" للراحة واختصار الوقت اعتمد على المصادر الغامضة, التي ربما كانت مجموعة من التراث الشفهي" صفحة 28. وللتعليق نقول: إنَّ أي شخص يعرف معنى "التفكير السليم" سيفكر ملياً في الحقائق التالية:
1 نسب التقليد المسيحي المبكر هذا الإنجيل بالإجماع إلى البشير متى. واعتقاد بعض "علماء اليوم" ليس بذي وزن في مواجهة الشهادة الموضوعية لأولئك الذين عاشوا في الوقت الذي نُسخ كُتب فيه الإنجيل ووُزِّع لأول مرة. وواضح أنَّ ليس كل علماء اليوم يرفضون أنَّ متى هو كاتب هذا الإنجيل. إنها مدرسة معينة من العلماء التي تفعل ذلك, هم أولئك الذين لا يؤمنون بعقيدة الخليقة, ويعتبرون قصة نوح والطوفان خرافة, كما يستهزئون من أنَّ يونان أمضى ثلاثة أيام في بطن حوت! ونحن على ثقة أنَّ قراءنا المسلمين يعرفون كيف يزِنون قدر مثل هؤلاء "العلماء". أما العلماء الذين يقرُّون بأنَّ هذه القصص حقائق تاريخية فإنهم يقبلون وبدون استثناء أنَّ متى هو كاتب هذا الإنجيل.
2 يقول فيليبس إنَّ كاتب هذا الإنجيل لا زال "بكل راحة" يمكن أن يُسمَّى متى, حيث لا بديل معقول لغير ذلك, كما أنَّ تاريخ الكنيسة الأولى لم يفترض كاتباً غيره في أي وقت من الأوقات.
3 ما يسمّونه "المصادر الغامضة" هي غامضة في نظرهم فقط لأنها حصيلة الوهم الذي أوحى به خيال "علماء اليوم". إنها ليست غامضة فقط, بل هي خرافة ومعتقد زائف. ليس هناك دليل تاريخي من أي نوع على أنَّ مجموعة من التقاليد الشفهية كان لها وجود في أي وقت من الأوقات.
- عدد الزيارات: 17747