ميزات المسيح في القرآن - تفرّد المسيح في اليوم الآخر
7- تفرّد المسيح في اليوم الآخر
يتفرد المسيح كما صوَّره القرآن في حمله وولادته وطفولته ومعجزاته وموته ورفعه على سائر الأنبياء والمرسلين. بل أن القرآن خصَّه بأخريات لم تُنسَب لنبي قط حتى قال القرآن فيه وإنه لَعِلْمٌ للساعة أي أن نزوله إلى الدنيا مرة أخرى نذير بقيام الساعة. يقول الجلالان : وإنه عيسى لعِلْمٌ للساعة تُعلم بنزوله . وقال البيضاوي : وانه لَعلمٌ للساعة لأن حدوثها ونزوله من أشراط الساعة. يُعلم به دُنوُّها. وقريء لَعَلَمٌ وهو العلامة . وقال الزمخشري : وانه لعلم للساعة أي شرط من أشرطها تُعلم به .
كذلك نقرأ في كتب الصحاح المعتمدة أمثال البخاري ومسلم أبواباً خصَّصت عشرات الأحاديث الموصولة السند عن نزول المسيح ابن مريم ,وأعطته مكانة لم تُعْط لنبي من الأنبياء.
روي عن محمد : يكون عيسى عليه السلام في أمتي حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً .
وروي عنه أيضاً : ليُدْركن المسيح ابن مريم رجالاً من أمتي مثلكم أو خيراً منكم .
وفي الحديث أيضاً : ينزل عيسى ابن مريم فيتزوج ويُولد له ولد ويمكث خمساً وأربعين سنة ويدفن معي في قبري ,فأقوم أنا وعيسى من قبر واحد بين أبي بكر وعمر !!
وروي أيضاً في الحديث الصحيح : الأنبياء إخوة. أمهاتهم شتى ودينهم واحد. وأنا أوْلى الناس بعيسى ابن مريم ,لأنه لم يكن بيني وبينه نبي. فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ,كأن رأسه تقطر ولم يصبه بلل !!.
إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن.. لماذ خصَّ الإسلام المسيح بهذه المكانة التي ميَّزته عن سائر أنبياء القرآن؟ وما هي الحكمة التي يراها المسلمون في نزول المسيح في ذلك الوقت دون غيره من المرسلين أولي العزم؟!
أجاب على هذا السؤال الإمام القرطبي في كتابه التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة . يقول في ص 764 : يحتمل أن المسيح قد وجد في الإنجيل فضل أمة محمد - ص - ,فدعا الله عزَّ وجلّ أن يجعله من أمة محمد - ص - فاستجاب الله تعالى دعاءه ورفعه إلى السماء إلى أن ينزله آخر الزمان مجدداً لما درس من دين الإسلام ,فوافق خروج الدجال فقتله !!!
ويحتمل أن يكون إنزاله مدة لدنو أجله ,لا لقتال الدجّال لأنه لا ينبغي لمخلوق من التراب أن يموت في السماء لكن أمره يجري على ما قال الله تعالى : مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى - طه 20 :55 - فينزله الله تعالى ليقبره في الأرض مدة يراه فيها من يقرب منه ويسرع به من نأي عنه ,ثم يقبضه فيتولى المؤمنون أمره ويصلّون عليه ويُدفن حيث دُفن الأنبياء !!
ويحتمل أن يكون ذلك لأن اليهود همَّت بقتله وصلبه وجرى أمرهم معه على ما بيّنه الله تعالى في كتابه وهم أبداً يدَّعون أنهم قتلوه وينسبونه في السحر وغيره إلى ما كان الله يراه ونزَّهه منه. ولا يزالون في ضلالهم هذا حتى تقترب الساعة ,فيظهر الدجال وهو أسحر السحرة ويبايعه اليهود ,فيكونون يومئذ جنده ,معتقدين أنهم ينتقمون به من المسلمين. فإذا صار أمرهم إلى هذا أنزله الله الذي عندهم انهم قد قتلوه .
وهذه كلها احتمالات قدّمها الإمام القرطبي ,وهي رصيد جديد من الأقوال الظنية ,والاجتهادات الفردية التي لا سند لها سوى النصوص المبهمة من القرآن والسنّة التي تناولت حياة المسيح.
- عدد الزيارات: 31668