Skip to main content

ثقتي في السيد المسيح

رابعاً - مشاهد حول حادثة القيامة

الصفحة 1 من 7

1 - المسيح مات:

يسجل مرقس ما يلي بعد محاكمة المسيح:

فَبِيلَاطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ بَعْدَمَا جَلَدَهُ لِيُصْلَبَ. a>فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ الّتِي هِيَ دَارُ الْوِلَايَةِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ. وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ، وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: السَّلَامُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. وَبَعْدَمَا استَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الْأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ (مرقس 15: 15 - 20).

ولكي يُجلد المجرم كانوا يجرّدونه من ثيابه ويربطونه إلى عامود، ثم تنهال عليه الضربات الوحشية من عساكر متخصّصين. ومع أن اليهود كانوا يحددون عدد الجلدات بأربعين، إلا أن الرومان لم يجعلوا للجلدات حدوداً، فكان المجلود تحت رحمة جلاَّديه. وكان سوط الجلد ذا نهايات بها قطع معدنية تمزق بدن المجلود. وقد وصف الأسقف يوسابيوس القيصري (ومؤرخ الكنيسة من القرن الثالث الميلادي) آثار الجَلْد بقوله إن عضلات وأعصاب وأحشاء المجلود كانت تبرز من مكانها.

وبعد أن احتمل المسيح آلام الجلد، كان عليه أن يحمل صليبه إلى الجلجثة مكان الصلب..

1 - ولا بد أن التجهيز لهذه المسيرة كان سبب ألم شديد للمسيح، فيقول متى: وَبَعْدَ مَا استَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ (متى 27: 31). ولا شك أن نزع الرداء وإلباسه ثيابه على الجروح سبَّبت الألم الكثير.

2 - إن عبارة مرقس وجاءوا به إلى موضع جلجثة (مرقس 15: 22) تعني أن يسوع عجز عن السير، فحملوه قسراً إلى موضع الصلب! وهكذا انتهت آلام التجهيز للصلب، لتبدأ عذابات الصلب نفسه (8)!.

ويسجل مرقس قصة الصلب، فيقول:

وَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ جُلْجُثَةَ الّذِي تَفْسِيرُهُ مَوْضِعُ جُمْجُمَةٍ . وَأَعْطَوْهُ خَمْراً مَمْزُوجَةً بِمُرٍّ لِيَشْرَبَ فَلَمْ يَقْبَلْ. وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا: مَاذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ؟ وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ. وَكَانَ عُنْوَانُ عِلَّتِهِ مَكْتُوباً مَلِكُ الْيَهُودِ . وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ . وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَهُّزُونَ رُؤُوسَهُمْ قَائِلِينَ: آهِ يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ! خَلِّصْ نَفْسَكَ وَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ! وَكَذ لِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَهُمْ مُسْتَهْزِئُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَعَ الْكَتَبَةِ قَالُوا: خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا. لِيَنْزِلِ الْآنَ الْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الصَّلِيبِ، لِنَرَى وَنُؤْمِنَ . وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ.

وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الْأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: إِلُوِي إِلُوِي لَمَا شَبَقْتَنِي؟ (اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِل هِي إِل هِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟) فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ لَمَّا سَمِعُوا: هُوَذَا يُنَادِي إِيلِيَّا . فَرَكَضَ وَاحِدٌ وَمَلَأَ إِسْفِنْجَةً خَلاًّ وَجَعَلَهَا عَلَى قَصَبَةٍ وَسَقَاهُ قَائِلاً: اتْرُكُوا. لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ! a>فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ، قَالَ: حَقّاً كَانَ هذَا الْإِنْسَانُ ابْنَ اللّهِ! (مرقس 15: 22 - 39).

إن أهوال الصليب أرهب من كل تصّوُر، حتى أن شيشرون خطيب روما الشهير يقول: يجب ألا ترِدَ كلمة الصليب على شفاه مواطني روما، بل يجب ألاَّ تخطر على بالهم أو تمرّ أمام عيون خيالهم أو تطرق مسامعهم .

بعد أن قضى يسوع ليلة بلا نوم، لم يُعطَ خلالها أي طعام، واحتمل السخرية في محاكمتين، وجُلد بفظاعة، حملوه إلى مكان الصلب، أشنع وسيلة للإعدام، فيه كانت كل خلايا جسد المصلوب تصرخ من الألم.

كان موت الصليب يحمل العذاب كله: الدوخة، التوتر، العطش، الجوع، عدم النوم، الحمى، التسمُّم، الخزي والعار، استمرار التعذيب، الموت البطيء من الجروح... آلام رهيبة خالية من أي أثر للرحمة ولكنها دون حد الإغماء فلا يمكن للمصلوب أن يستريح ولو قليلاً من آلامه.

وكان وضع المصلوب عذاباً، فكل جسمه مشدود، وجروحه معرَّضة للجّو والحشرات.. وتحتقن رأسه ورئتاه بالدماء، ويزيد العطش الشديد المستمر آلامه.. كل هذه الآلام تجعل من لحظة الموت رحمة!

وقد استغرب بيلاطس لما عرف بسرعة موت المسيح، فسأل قائد المئة الذي قال إنه مات فعلاً. وكان الجنود الرومان يعرفون ما هو الموت، بعد أن مارسوه في كل مكان. وكانت العادة أن يفحص المصلوب أربعة من جلاديه ليعطوا شهادة بوفاته. ولا بد أن الأربعة فحصوا جسد يسوع وتأكدوا تماماً من موته، قبل أن يسمح بيلاطس ليوسف الرامي أن يأخذه (6).

وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ، قَالَ: حَقّاً كَانَ هذَا الْإِنْسَانُ ابْنَ اللّهِ,,, فَتَعَجَّبَ بِيلَاطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعاً. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ: هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟ وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ، وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ (مرقس 15: 39 و44 و45).

ولا شك أن الجنود الذين أنزلوا الجسد تأكدوا أن صاحبه قد مات.

ويقول البشير يوحنا إن العسكر لَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. ل كِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ (يوحنا 19: 33 ، 34).

ويقول الدكتور صموئيل هفتن أستاذ الفسيولوجيا من جامعة دبلن، التعليقات التالية على موت المسيح:

عندما طعن الجندي جنب المسيح كان قد مات، وخروج الدم والماء قد يكون ظاهرة طبيعية قابلة للتفسير، أو أنه معجزة. ويبدو من رواية يوحنا أنه لو لم تكن هذه معجزة فإنها على الأقل ليست ظاهرة عادية، ويظهر هذا من تعليق يوحنا على هذا بأنه كان شاهد عيان صادق للرواية.

ومن ملاحظاتي على الإنسان والحيوان في معمل التجارب وجدت النتائج التالية: عندما يُطعن الجسد في الجانب الأيسر، بعد الوفاة، بسكين كبيرة تساوي في الحجم حربة الجندي الروماني، فإن النتائج التالية يمكن أن تحدث:

1 - لا يخرج شيء إلا قطرات قليلة من الدم.

2 - يخرج سيل من الدم فقط من الجرح.

3 - دفق من الماء فقط تتبعه قطرات قليلة من الدم.

وفي هذه الحالات الثلاث تغلب الحالة الأولى. أما الحالة الثانية فتحدث في حالات الموت غرقاً أو بتسمّم الاستركنين. وقد تحدث في الحيوان الذي يموت بهذا السم، ويمكن البرهنة على أنها الحالة العادية للشخص المصلوب. أما الحالة الثالثة فتحدث في حالة الموت بذات الجنب أو التهاب التامور أو تمزق القلب.

وهناك حالتان لم تُسجلا في كتب (إلا في إنجيل يوحنا) ولم يكن من حظي أن ألتقي بهما:

4 - سيل غزير من الماء يتبعه سيل غزير من الدم، عند الجرح.

5 - سيل غزير من الدم يتبعه سيل غزير من الماء، عند الجرح.

ويُحدث الصَّلب احتقان الرئتين بالدم كما في حالة الغرق أو التسمم بالاستركنين. وتحدث الحالة الرابعة للمصلوب الذي يعاني قبل الصلب من حالة انسكاب رئوي. أما الحالة الخامسة فتظهر في المصلوب الذي يموت على الصليب نتيجة انفجار أو تمزق في القلب. ودراسة تاريخ الأيام الأخيرة من حياة المسيح، تظهر أنه لم يكن مصاباً بحالة انسكاب رئوي قبل الصلب. وعلى هذا لا يبقى أمامنا إلا احتمال خروج الدم والماء من جنب المسيح بسبب الصلب وتمزق القلب أو انفجاره. وأعتقد أن هذا الفرض الأخير هو الصحيح، ويتفق معي فيه الدكتور وليم ستراود ِStroud (9).

ويمضي الدكتور هفتن فيقول إن يوحنا لم يكن في إمكانه أن يخترع قصة خروج الدم والماء، فإن روايته رواية شاهد عيان يتعجب مما يراه، ويعتبر أن معجزة قد صاحبت الصلب (9).

مع أن هذه الطعنة في جنب المسيح، لو جاءته وهو حي لتدفَّق دم فقط مع كل نبضة من قلبه، لكن هذه الرواية الإنجيلية من البشير الذي لم يدرس الباثولوجي تبرهن لنا أن المسيح قد مات فعلاً (6).

وأخذ يوسف جسد يسوع بعد أن تأكد بيلاطس من قائد المئة أن يسوع قد مات، ولفَّه بالأكفان مع الأطياب، وهذا برهان على موت يسوع، فإن رائحة الأطياب النفاذة كانت تعيد إليه صوابه لو أنه كان مغمى عليه. إن لف جسده بثوب كتاني وتغطية وجهه بمنديل كما لليهود عادة أن يُكفّنوا برهان على موت المسيح.

ولو أن المسيح كان حياً ووُضع في القبر المنحوت في الصخر لمات فيه، لأنه عندها سيحتاج إلى الهواء الطلق، كما أن رائحة الأطياب كانت ستؤثر عليه تأثيراً مميتاً.

لقد مات يسوع مصلوباً وَالذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَقٌّ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ (يوحنا 19: 35).

القبر
الصفحة
  • عدد الزيارات: 28156
إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.
شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.
إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.
سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.