Skip to main content

ثقتي في السيد المسيح

ثالثاً: معالجة تاريخية

الصفحة 1 من 3

1 - القيامة حادثة تاريخية:

قيامة المسيح حادثة تاريخية محددة، حدثت في زمن معيَّن وفي مكان محدَّد. صحيح أن لها معنى لاهوتياً ولكنها حقيقة تاريخية. صحيح أنها غير طبيعية، لكن الواضح أن قبر المسيح وُجد فارغاً.

كان القبر مملوكاً لرجل غني عاش في النصف الأول من القرن الأول الميلادي، وكان محفوراً في صخر أحد التلال القريبة من أورشليم، فلم يكن شيئاً وهمياً. وكان الحراس جنوداً من لحم ودم أحاطوا بالقبر. ومجلس السنهدريم الذي انعقد ليبحث مشكلة القبر الفارغ مجلس معروف. ويسوع شخص تاريخي، وتلاميذه أشخاص حقيقيون، أكلوا وشربوا وناموا وتألموا. هذه كلها ليست أوهاماً ولكنها حقائق ثابتة.

ويقول أغناطيوس، أسقف أنطاكية (50 - 115 م) وتلميذ الرسول يوحنا، وهو مواطن سوري، في رسالة كتبها وهو في الطريق إلى روما ليلقَى حتفه في أفواه الأسود كشهيد مسيحي: صُلب المسيح في حكم بيلاطس البنطي، ومات فعلاً تحت بصر السماء والأرض وما تحت الأرض. وقام في اليوم الثالث. حُكم عليه في الساعة الثالثة (أي 9 صباحاً) من يوم الاستعداد ونُفِّذ الحكم في الساعة السادسة، وفي الساعة التاسعة أسلم الروح، ودُفن قبل غروب الشمس، وبقي يوم السبت في قبر يوسف الرامي.

لقد حُمل به في البطن كما يحدث لنا، ووُلد كما نولد نحن، وتغذّى باللبن، وأكل وشرب فعلاً وحقاً كما نفعل نحن. وبعد أن عاش وسط الناس ثلاثين سنة، عمَّده يوحنا المعمدان فعلاً وليس خيالاً. وبعد أن بشر بالرسالة المفرحة ثلاث سنوات وعمل معجزات وعجائب - ومع أنه الديَّان - أدانه اليهود زوراً وحكم عليه بيلاطس ظلماً، وجُلد وضُرب على خده وتُفل عليه ولبس تاجاً من شوك وثوباً أرجوانياً، وصُلب فعلاً، لا بالخيال ولا بالمظهر ولا بالخداع، لقد مات حقاً ودُفن وقام من بين الأموات .

ويقول المؤرخ ألفرد إدرشايم في كتابه حياة يسوع المسيح وزمانه :

كاد يوم الربيع القصير أن يصل إلى مساء السبت . وكان أمر الشريعة أن لا يبقى جسد المجرم معلقاً لصباح اليوم التالي. وربما تغاضى اليهود عن أن يطلبوا من بيلاطس تقصير آلام المصلوبين، لأن الموت بالصليب كان يستغرق أحياناً أياماً. ولكنهم طالبوا بيلاطس بإنزال جسد المسيح قبل السبت، لأنه كان يوم سبت، وثاني أيام عيد الفصح .

وقال جستن الشهيد (100 - 165 م) الفيلسوف والشهيد والمدافع عن المسيحية بعد أن درس الرواقية وفلسفة أرسطو وفيثاغورس وأفلاطون قال: وجدت فلسفة المسيح وَحْدها أمينة ونافعة. وقد اكتشفتُ أن فلسفات العالم تقدّم مجرد افتراضات عقلية، أما المسيحية فهي التي تقدم اللّه نفسه فعّالاً في الزمن والمكان بواسطة المسيح وهو يقول: وُلد المسيح منذ 150 سنة تحت حكم كيرنيوس... في زمن بيلاطس البنطي .

ويقول ترتليان أسقف قرطجنة (160 - 220 م) تضايق قادة اليهود من تعاليمه لأن الشعب انحاز إليه، فجرُّوه أمام بيلاطس البنطي، والي سوريا الروماني، وبصراخهم استصدروا عليه حكم الموت صلباً .

وكتب المؤرخ اليهودي يوسيفوس في القرن الأول الميلادي: وفي نحو ذلك الوقت عاش رجل حكيم اسمه يسوع - إن كان يحقّ أن تدعوه إنساناً، لأنه عمل معجزات عظيمة. كان معلماً مقتدراً تلقَّى الناس تعاليمه بفرح، فجذب إليه الكثيرين من اليهود واليونانيين. هذا الرجل كان المسيح. حكم بيلاطس عليه بالصلب، بناءً على اتهام الرجل الكبير فينا، أما الذين أحبوه منذ البدء فلم يتركوه، لأنه ظهر لهم حياً في اليوم الثالث. ولقد سبق أن تحدث عنه الأنبياء القديسون بهذه الأمور وبآلاف الأشياء العجيبة. وحتى اليوم لا زال يوجد أتباعه المسيحيون .

ولقد حاول البعض أن يبرهنوا أن هذه الكتابة مدسوسة على يوسيفوس، لكننا نرى أن المؤرخ يوسابيوس اقتبسها عن يوسيفوس في القرن الرابع الميلادي، ويوسيفوس قد كتب لإرضاء الرومان، ولم يكن ممكناً أن يكتب ذلك - وهو ما لا يرضيهم - لو لم يكن ذلك هو الحق الثابت.

ويورد العهد الجديد لنا قصة التغيير العجيب الذي طرأ على حياة تلاميذ المسيح. فأولئك الخائفون صاروا شجعاناً لأنهم عرفوا أن يسوع حي. ويقول لوقا إن المسيح أراهم نفسه حياً ببراهين كثيرة (أعمال 1: 3). وكلمة أراهم تعني الدليل الملموس القوي، فقد آمن الرسل بالقيامة بعد أن رأوا ولمسوا بحواسهم، ونقلوا شهادتهم لنا. وعلى هذا فالقيامة قصة تاريخية صادقة - بكل المقاييس - وهي حافز قوي على الإيمان بالمسيح مخلّصنا.

وقد جمع لوقا سفر الأعمال ما بين عام 63 و 70 م، ويوضح في مقدمة إنجيله أنه جمع معلوماته من مصادر موثوق بها لأنهم شهود عيان، وتابع تقديم ما وصل إليه في سفر الأعمال. وكثيراً ما يقول نحن مما يدل على أنه قد كتب هو ما رآه شخصياً. لقد عاش لوقا وسط الأحداث والكرازة فهو من شهود العيان الأولين. وقبلت الكنيسة الأولى سفر أعمال الرسل، ولا بد أنها كانت تعرف تاريخها تماماً، وقبول الكنيسة منذ البداية لهذا السفر دليل على صحة ما جاء به من معلومات تاريخية.

ورسائل العهد الجديد دليل تاريخي - لا يُدحض - على صحة القيامة، فقد كتب بولس رسائله إلى غلاطية وكورنثوس ورومية في أثناء رحلاته التبشيرية، ويرجع تاريخها إلى 55 - 58 م، وهذا تاريخ قريب من حادثة القيامة (بعدها بفترة لا تتجاوز خمسة وعشرين عاماً فقط). ولما كان ما كتبه في الرسالة هو نفسه الذي سبق فكرز لهم به، فإن تاريخ الكرازة أكثر قُرباً لحادثة القيامة.

والذي يقرأ قصة الأناجيل عن الصلب والقيامة يرى التوسع الكامل في الرواية، فالكاتب يعطي تفاصيل دقيقة، ويوضّح أن القيامة تنفيذ لخطّة اللّه السابقة لحياة المسيح، وتكملة طبيعية للحياة فوق الطبيعية التي عاشها المسيح ابن اللّه وابن الإنسان.

القيامة إذاً حادثة تاريخية، والبرهان الذي نسوقه على صحتها برهان تاريخي. ولقد جعلت الكنيسة الأولى شروطاً لمن يُعتبر رسولاً، أولها أن يكون قد شاهد القيامة (أعمال 1: 22). وقال بولس في عظته لأهل أثينا إن جوهر تعليمه هو يسوع والقيامة (أعمال 17: 18). وهكذا قال بطرس في عظته: يَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللّ هُ، وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذ لِكَ (أعمال 2: 32).

ولقد قوِيَ إيمان الرسل بالمسيح بعد أن قام، ومنحتهم قيامته شجاعة وعزماً وجعلتهم يحتملون كل اضطهاد.

شهادة التاريخ والقانون
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11862

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.