Skip to main content

المسيح

ثالثاً: معالجة تاريخية - شهادة التاريخ والقانون

الصفحة 2 من 3: شهادة التاريخ والقانون

2 - شهادة التاريخ والقانون:

عندما تحدث حادثة ويراها عدد كبير من الأحياء، أو يشترك فيها عدد كبير منهم، ثم يُسجَّل في كتاب يُنشر دون أن يعترض هؤلاء على ما جاء به، فإن ذلك دليل لا يُدحَض على صحة الحادثة. ويسمى هذا البرهان من الظروف . وفي قصة الأناجيل نرى الكتَّاب الأربعة يعتبرون حادثة القيامة أهم حوادث حياة المسيح، التي يعتمد عليها كل الإيمان. ويورد كتَّاب الأناجيل، كما يورد بولس، أسماء الذين رأوا المسيح بعد قيامته. ويمكن القول إن البرهان على صدق القيامة أقوى من أي برهان على أي معجزة أخرى، بل أن بولس يقول: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ (1 كورنثوس 15: 14).

ولعل أكبر دليل على صدق العهد الجديد أنه كُتب بعد حادثة القيامة بنحو ثلاثين أو أربعين سنة ليقرأه أناس عاصروا الحوادث المسجَّلة فيه واشتركوا فيها، فلا بد أن تكون الرواية صحيحة، خصوصاً وأن عدد الأعداء كان كبيراً! ولنفترض أن مؤرخاً أراد تسجيل حياة ملك بعد وفاته بأربعين سنة أو أقل، هل يجرؤ أن يذكر أكاذيب؟ إن معاصري ذلك الملك سيُعلنون احتجاجهم. ويقول أمروز فلمنج: لم تتأسس المسيحية إذاً على أساطير أو خيالات، أو كما يقول بطرس، على خرافات مُصنَّعة ، لكنها تأسست على حقائق تاريخية، قد تبدو غريبة، لكنها صادقة، وهي أعظم ما حدث في تاريخ العالم .

ولقد حاول المحامي البريطاني فرنك موريسون أن يكتب كتاباً ضد القيامة، يحلّل فيه أحداث الأيام الأخيرة من حياة المسيح على الأرض. ولكنه عندما درس الحقائق بكل دقة اضطر أن يغيّر رأيه، وكتب كتابه في صفّ القيامة، وجعل عنوان الفصل الأول منه الكتاب الذي رفض أن يُكتب . أما عنوان الكتاب فهو من دحرج الحجر؟ ، وهو كتاب من أروع وأدق ما كُتب.

وقد كتب أحد المحامين لقسيس صديق له يقول: كمحامٍ درستُ بالتفصيل براهين حوادث القيامة، ووجدت البراهين قاطعة. وقد كسبت أحكاماً من المحكمة العليا في قضايا ببراهين أقل من البراهين التي وجدتها في قصة القيامة. إن الاستنتاج يتبع البرهان، والشاهد الصادق لا يزّوق الحقائق، ويزدري كل محاولة للتأثير. والبراهين على صدق القيامة من هذا النوع، وإنني كمحام أوافق - بدون أي تحفظ - على صدق القيامة من شهادة الشهود الصادقين (2).

وقال توماس أرنولد أستاذ التاريخ الحديث في أكسفورد: إن الآلاف المؤلَّفة من العلماء درسوا قصة القيامة بطريقة نقدية، وأنا واحد منهم. لقد اعتدْتُ دراسة التاريخ وتحليل حوادثه، والحكم على المؤرخين وبراهينهم. ولم أجد قصة أقوى برهاناً من قصة القيامة، فإنها تُقنع كل باحث مخلص عن الحق (3).

وقال اللورد لندهرست، وهو أكبر العقول القانونية التي أنجبتها بريطانيا، وبلغ أعلى المراتب القضائية فيها: إنني أعرف جيداً ما هو الدليل أو البرهان، وإنني أقول إن برهان قصة القيامة غير قابل للنقض (3).

من أشهر أساتذة القانون: سيمون جرينليف (1783 - 1853 م) من جامعة هارفارد. وقد كتب كتاباً عنوانه: فحص لشهادة البشيرين الأربعة حسب قوانين محاكم العدل قال فيه:

أعلن الرسل الحقائق العظيمة عن قيامة المسيح من الأموات، وأن رجاء الخلاص هو بالتوبة عن الخطية والإيمان به. وقد أعلن الرسل، بلسان واحد، هذا الإعلان وحده في كل مكان، في مواجهة المفشِّلات والفساد الأخلاقي والفكري. كان معلّمهم قد مات كمجرم صدر عليه حكم الإعدام. ولكنهم كانوا ينشدون نشر عقيدتهم لتحل محل كل العقائد الأخرى. كانت قوانين كل الدول ضد تعاليمهم، وكانت رغبات الحكّام وعواطفهم ضدهم، وكانت اتّجاهات الناس ضدهم، لكنهم حاولوا نَشْر عقائدهم باللطف والسلام، فواجهوا الاحتقار والكراهية والمقاومة والاضطهاد المرّ والجَلْد والسَّجن والتعذيب والموت بأساليب فظيعة. غير أنهم نشروا دينهم بكل غيرة، واحتملوا العذاب كلَّه بسرور. ومات الواحد منهم بعد الآخر، لكن الباقين أكملوا الرسالة في حماسة وعزم متزايدين، في بطولة تفوق كل بطولة عرفها العالم. لقد كانت أمامهم فرصة مراجعة إيمانهم وفحص الأدلة على صدقه، وكان من المستحيل أن يثبتوا على عقيدتهم لولا ثقتهم في صحتها المطلقة، وتأكدهم أن المسيح قد قام فعلاً من الأموات، وأن هذه هي الحقيقة اليقينية مثل أي حقيقة أخرى أكيدة. ولو أن أحداً خدعهم حتى صدقوا القيامة، فقد كانت تحيط بهم عوامل كثيرة تدفعهم ليُعيدوا التفكير ويكتشفوا الخديعة. ولم يكن ممكناً أن يستمروا في تصديق أكذوبة تعرِّضهم للاضطهاد القاسي من الخارج، والإحساس بالذنب من الداخل، بلا رجاء في السلام، ولا راحة للضمير، ولا انتظاراً لكرامة أو تقدير بين الناس، وبالجملة بلا رجاء في هذا العالم، ولا في العالم الآتي.

إن الدراسة تظهر أن الرسل كانوا أشخاصاً عاديين مثلنا في طبيعتهم، تحركهم ذات الدوافع، وتحدوهم ذات الآمال، وتحضُّهم ذات الأفراح، وتكتنفهم ذات الأحزان، وتؤثر فيهم ذات المخاوف، وتتعرَّض نفوسهم لذات التجارب والضعفات والعواطف مثلنا. وتدلّ كتاباتهم على رجاحة عقولهم. وما لم تكن شهادتهم صادقة فإننا لا نستطيع أن نرى دافعاً آخر لهم يجعلهم يخترعون خدعة لينشروها على الناس (4).

وحسناً قال كليفور هرشل مور أستاذ جامعة هارفارد: إن المسيحية عرفت أن مخلصها وفاديها ليس كباقي الآلهة الذين وردت أسماؤهم في الأساطير التي تلفُّها عناصر خرافية بدائية. فيسوع شخص تاريخي لا خرافي، فلا يوجد شيء خرافي في العقيدة المسيحية التي تأسست على حقائق إيجابية أكيدة .

ويقول بنيامين ورفيلد من جامعة برنستون: إن تجسد اللّه الأزلي هو بالضرورة مسألة عقيدة، فلا يمكن لعين بشرية أن تراه وهو يتنازل ليأخذ صورة الإنسان، ولا يمكن للسان بشري أن يشهد بذلك، ومع ذلك فلو لم يكن التجسد حقيقة لكان إيماننا باطلاً ولظللنا في خطايانا. أما قيامة المسيح فحقيقة ثابتة، حادثة وقعت فعلاً، تدخل في دائرة معرفة الإنسان وإدراكه، ويمكن إِثباتها بمختلف الشهادات والأدلة، وهي التعليم الأساسي في المسيحية، وعليها تتوقف باقي التعاليم .

قال أحد العلماء العظماء، الدكتور أيفي، رئيس قسم الكيمياء في جامعة إلينوي: أؤمن بقيامة المسيح الجسدية. أنا أؤمن وأقدر أن أدافع عن إيماني بالعقل.. صحيح أنني لا أقدر أن أبرهن إيماني هذا بذات الطريقة التي أبرهن بها بعض الحقائق العلمية. ولكن بعض هذه الحقائق كان غامضاً منذ مئة سنة كما لا تزال حقيقة القيامة اليوم. وعلى أساس البرهان التاريخي للمعلومات البيولوجية الراهنة، فإن العالِم الأمين لفلسفة العلم يمكن أن يشكّ في قيامة المسيح بالجسد، لكنه لا يملك أن ينكرها، لأن هذا يعني أنه يستطيع أن يبرهن أنها لم تحدث. صحيح أن علم البيولوجي اليوم يقول إننا لا نقدر أن نقيم جسداً مات وقُبر منذ ثلاثة أيام، ولكن إنكار قيامة المسيح على أسس علم البيولوجي كما هي الآن، هو موقف غير علمي حسب معرفتي بفلسفة الموقف العلمي السليم. (5).

في عام 1747 أصدر عالمان كتاباً... وقصة إصداره أن شابين هما جلبرت وست ولورد لتلتون عزما على مهاجمة الكتاب المقدس، فقرر لتلتون أن يثبت أن شاول الطرسوسي لم يصر مسيحياً. وعزم وست على برهنة أن المسيح لم يُقم من قبره!

والتقيا بعد وقت لدراسة ما وصلا إليه، فإذا كُلٌّ منهما قد اكتشف عكس ما كان يريد إثباته، فكتبا كتاباً عنوانه: ملاحظات على تاريخ قيامة المسيح وبراهينها وكتبا على غلافه لا تلوموا قبل أن تفحصوا الحقائق . (6) وقد ذكرا فيه: إن الأدلة قاطعة أنه في اليوم الثالث قام يسوع من بين الأموات. وهي نفس النتيجة التي وصل إليها لورد دارلنج كبير قضاة إنجلترا، ففي إحدى المآدب دار الحديث حول صحة المسيحية، وبخاصة موضوع القيامة... فقال لورد دارلنج بكل مهابة وحزم: نحن المسيحيين مطالبون بأن نقبل أشياء كثيرة بالإيمان، مثل تعاليم يسوع ومعجزاته. ولو كان علينا أن نقبل كل شيء بالإيمان، لراودني الشك، ولكن ذروة المسألة هي ما يختصّ بحقيقة: هل عاش يسوع فعلاً وماذا قال عن نفسه؟ وكل ذلك يستند إلى حقيقة القيامة، فعلى هذه الحقيقة يرتكز إيماننا، والأدلة على هذه الحقيقة أدلة قاطعة حاسمة إيجابياً وسلبياً، سواء من جهة الوقائع أو الظروف، حتى أنه لا يوجد رجل قانون عاقل يتردد في الحكم بصحة قصة القيامة.

شهادة آباء الكنيسة الأولين
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11858

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.