الأدلة التوراتية على صدق النبوَّة - من تحقيق هذه النبوات نتعلم مبادئ هامة
ومن تحقيق هذه النبوات نتعلم مبادئ هامة:
نحتاج دوماً إلى شاهدين أو أكثر
قال الله على فم موسى إن النبي الصادق هو الذي تتحقق نبواته. وهذا يعني ضرورة وجود شاهدين: الله، والنبي نفسه. ومثال على ذلك أن النبي إيليا أعلن انقطاع المطر، فكان النبي هو الشاهد الأول على صدق نبوته. ولما امتنع المطر ثلاث سنين وستة أشهر، ولم ينزل حتى طلب إيليا نزوله، أصبح الله الشاهد الثاني، لأنه حقق كلمات إيليا. وعندما تنبأ إرميا أن النبي الكاذب حننيا سيموت كان إرميا هو الشاهد الأول. فلما أمات الله حننيا صار الله الشاهد الثاني، لأنه حقق كلمات إرميا. وقال الله في التثنية 17:6 عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الذِي يُقْتَلُ. لَا يُقْتَلْ عَلَى فَمِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ . وينطبق المبدأ نفسه على كل جريمة. فنقرأ في التثنية 19:15 لَا يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَا أَوْ خَطِيَّةٍ مَا مِنْ جَمِيعِ الخَطَايَا التِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلَاثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ الأَمْرُ .
ويصدّق القرآن على ضرورة وجود شاهدَين، فيقول في سورة البقرة 2:282 فَإِنْ كَانَ الذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ . وجاء في سورة المائدة 5:106 يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ . وجاء في سورة النور 24:4 وَالذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ .
فإن طُلِب شاهدان أو أربعة شهود في الأمور الدنيوية، فكم يكون هاماً أن يكون لنا شاهدان على الأقل في الأمور السماوية التي تحدد مصيرنا الأبدي!
لنفترض أن رجلاً يمشي في شوارع القاهرة أو طهران يقول إنه المهدي، فكيف نعرف صحّة ادّعائه؟ أو كيف نعرف صحّة ادّعاء رجل يسير في شوارع نيويورك أو القدس يقول إنه المسيح وقد جاء ثانيةً إلى أرضنا؟
لا شك أن أول ما نختبره به هو: هل ما ينادي به يتوافق مع ما سبق أن نادى به أنبياء الله الصادقون السابقون له (ذلك أن مجرد إجرائه معجزة لا يعني صِدق رسالته). إن من يقول عن نفسه إنه المسيح وقد عاد ثانية إلى أرضنا لا يمكن أن يجيء برسالة تناقض ما قاله المسيح الذي جاء أرضنا!
ثانياً: نطلب منه تأكيداً على صدق رسالته: معجزة، أو تحقيق نبوة يقولها، لنصدق أنه جاء من عند الله.
وعندما نادى محمد لأهل مكة برسالته وقال إنه نبي الله ورسوله، طالبه سامعوه من المكيين واليهود بمعجزة تؤيد صحة كلامه. ولم يكن هذا قساوة قلوب من جميعهم. نعم كان فيهم كثيرون قُساة القلوب، ولكن كان بينهم يهود أتقياء صالحون، كما يشهد القرآن. لقد قال المكيون واليهود إن شهادةً واحدة لا تكفي، وطالبوا بتأييد إلهي لأقوال محمد. لقد طالبوا بما طولبوا به: إثنان ذوا عدلٍ منكم .
- عدد الزيارات: 8100