Skip to main content

نصرة الحق

القسم الثالث

الصفحة 1 من 3


7 - التوراة لا تثبت ألوهية المسيح فهل كان موسى عالماً بها وأخفاها عن قومه أم كان جاهلاً بها؟

لم يكن موسى جاهلاً وجود الأقانيم الثلاثة في وحدانية الله, ولم يخف ذلك، بل صرح به في عدة أماكن من الأسفار الخمسة التي أوحي إليه بها والتي أطلق عليها اسم التوراة منها:

إن أول آية كتبها موسى في سجلات الوحي هي القول: فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللّهُ ـ إلوهيم ـ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضَ ـ تكوين 1: 1 . وكلمة إلوهيم كما جاءت في لغة التوراة وردت في صيغة الجمع, مما يدل على أن وحدانية الله جامعة,

وكتب موسى أيضاً: إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ ـ تثنية 6: 4 . ولفظة إلهنا في هذه الآية وردت في صيغة الجميع، مع العلم أن القصد منها بيان الوحدانية,

ومما يلفت الانتباه في هذا المقام هو أن الله استعمل ضمير الجمع لنفسه في آيات عديدة دونها لنا موسى في أسفاره منها قوله تعالى:

نَعْمَلُ الْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا ـ تكوين 1: 26 . وليس المقصود بقوله عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا الصورة الجسديه بل الصورة العقلية الروحية,

هُوَذَا الْإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا ـ تكوين 3: 22 .

هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ ـ تكوين 11: 7 .

فهذه الآيات تدل على أن الله واحد في الذات مثلث الأقانيم, ولعله من الأفضل قبل أن ندرس هذه العقيدة، أو نبحثها البحث الكتابي المجرد، أن نلم في شيء من الإفصاح بتاريخها في كنيسة المسيح، والأفكار التي تناولتها، حتى انتهت إلى وضعها النهائي الدائم غير المتغير,

كان المسيحيون في أيام الرسل، وحتى هلة القرن الميلادي الثاني، لا يفكرون في وضع صيغ معينة للعقائد المسيحية، إذ كانوا يمارسون مبادئ هذه العقائد، كما جاءت في الكتاب المقدس دون أن يضعوا لها شكلاً معيناً وحين كانت تعترضهم صعوبة أو مشكلة كانوا يرجعون إلى الرسل أنفسهم أو إلى تلاميذهم من بعدهم, ولكن ما أن انتشرت المسيحية في رحاب الدنيا وقامت بعض البدع، حتى باتت الحاجة ماسة إلى أن تقول الكنيسة المسيحية كلمتها الفاصلة وخصوصاً عندما انتشرت ضلالات آريوس وسباليوس، المخالفة للعقائد المسيحية في ما يختص بلاهوت الابن والروح القدس فقام رجال أعلام في الكنيسة، وفندوا آراء المبتدعين ومن أبرز أولئك الرجال القديس أثناسيوس، الذي قاوم تلك البدع وأصدر القانون الاثناسي المعروف تاريخياً أما صورة هذا القانون فهي كما يلي:

ـ 1 ـ إن كل من ابتغى الخلاص وجب عليه قبل كل شيء أن يتمسك بالإيمان الجامع العام للكنيسة المسيحية,

ـ 2 ـ هذا الإيمان كل من لا يحفظه دون إفساد، يهلك هلاكاً أبدياً,

ـ 3 ـ إن هذا الإيمان الجامع هو أن نعبد إلهاً واحداً في ثالوث، وثالوثاً في توحيد,

ـ 4 ـ لا نمزج الأقانيم ولا نفصل الجوهر,

ـ 5 ـ إن للآب أقنوماً، وللابن أقنوماً، وللروح القدس أقنوماً,

ـ 6 ـ ولكن الآب والابن والروح القدس لاهوت واحد، ومجد متساو وجلال أبدي معاً,

ـ 7 ـ كما هو الآب، كذلك الابن، وكذلك الروح القدس,

ـ 8 ـ الآب عير مخلوق، والابن غير مخلوق، والروح القدس غير مخلوق,

ـ 9 ـ الآب غير محدود، والابن غير محدود، والروح القدس غير محدود,

ـ 10 ـ الآب سرمد، والابن سرمد، والروح القدس سرمد، ولكن ليسوا ثلاثة سرمديين، بل سرمد واحد,

ـ 11 ـ وكذلك ليسوا ثلاثة غير مخلوقين، ولا ثلاثة غير محدودين بل واحد غير مخلوق وواحد غير محدود,

ـ 12 ـ وكذلك الآب ضابط الكل, والابن ضابط الكل, والروح القدس ضابط الكل ولكن ليسوا ثلاثة ضابطي الكل, بل واحد ضابط الكل,

ـ 13 ـ وهكذا الآب إله, والابن إله, والروح القدس إله, ولكن ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد,

ـ 14 ـ وهكذا الآب رب, والابن رب, والروح القدس رب, ولكن ليسوا ثلاثة أرباب، بل رب واحد,

ـ 15 ـ وكما أن الحق المسيحي يكلفنا بأن نعترف بأن كلاً من هذه الأقانيم بذاته إله - ورب, كذلك الدين الجامع ينهانا عن أن نقول بوجود ثلاثة ألهة وثلاثة أرباب,

ـ 16 ـ فالآب غير مصنوع من أحد، ولا مخلوق, ولا مولود والابن من الآب وحده غير مصنوع ولا مخلوق، بل مولود والروح القدس من الآب والابن، ليس بمصنوع، ولامخلوق ولا مولود,

ـ 17 ـ فإذاً أب واحد لا ثلاثة آباء, وابن واحد لا ثلاثة أبناء, وروح قدس واحد لا ثلاثة أرواح قدس,

ـ 18 ـ وليس في هذا الثالوث من هو قبل غيره أو بعده ولا من هو أكبر منه ولا أصغر منه,

ـ 19 ـ ولكن جميع الأقانيم سرمديون معاً ومتساوون,

ـ 20 ـ ولذلك في جميع ما ذكر يجب أن نعبد الوحدانية في ثالوث, والثالوث في وحدانية,

ـ 21 ـ إذاً من شاء أن يخلص فعليه أن يتأكد هكذا في الثالوث,

ـ 22 ـ وأيضاً يلزم له الخلاص أن يؤمن كذلك بأمانة بتجسد ربنا يسوع المسيح,

ـ 23 ـ لأن الإيمان المستقيم هو أن نؤمن ونقر بأن ربنا يسوع المسيح هو ابن الله هو إله وإنسان,

ـ 24 ـ هو إله من جوهر الآب, مولود قبل الدهور وإنسان مولود من جوهر أمه, مولود في هذا الدهر,

ـ 25 ـ إله تام وإنسان تام كائن بنفس ناطقة وجسد بشري,

ـ 26 ـ مساوٍ للآب بحسب لاهوته, ودون الآب بحسب ناسوته,

ـ 27 ـ وهو إن يكن إلهاً وإنساناً, إنما هو مسيح واحد لا اثنان,

ـ 28 ـ واحد ليس باستحالة لاهوته إلى جسد, بل باتخاذ الناسوت إل اللاهوت,

ـ 29 ـ واحد في الجملة, لا باختلاط الجوهر, بل بوحدانية الأقنوم,

ـ 30 ـ لانه كما أن النفس الناطقة والجسد إنسان واحد, كذلك الإله والإنسان مسيح واحد,

ـ 31 ـ هو الذي تألم لأجل خلاصنا ونزل إلى الهاوية ـ أي عالم الأرواح ـ وقام أيضاً في اليوم الثالث من بين الأموات,

ـ 32 ـ وصعد إلى السماء, وهو جالس عن يمين الآب الضابط الكل,

ـ 33 ـ ومن هناك يأتي ليدين الأحياء والأموات,

ـ 34 ـ الذي عند مجيئه، يقوم أيضاً جميع البشر بأجسادهم، ويوؤدون حساباً عن أعمالهم الخاصة,

ـ 35 ـ فالذين فعلوا الصالحات يدخلون الحياة الأبدية, والذين عملوا السيئات يدخلون إلى النار الأبدية,

ـ 36 ـ هذا هو الإيمان الجامع، الذي لا يقدر الإنسان أن يخلص من دون أن يؤمن به بأمانة ويقين,

إن خلاصة ما تقدم، هي أن الله واحد وإن كان في اللاهوت ثلاثة أقانيم الآب والابن والروح القدس, اي جوهر واحد وثلاثة أقانيم غير أن الجوهر غير مقسوم,فليس لكل من الأقانيم جزء خاص منه, بل لكل أقنوم كمال الجوهر الواحد نظير الآخر, وإن ما بينهم من النسبة سر، لا يقدر العقل البشري أن يصل إليه, غير أن لنا في الكتاب المقدس ما يوضحه وكل ما جاء من خارج الكتاب المقدس عن الثالوث من أفكار فلسفية أو محاجات منطقية لم يكن إلا بسطاً أو عرضاً لما جاء في الكتاب العزيز عن طريق القياس,

والمعروف تاريخياً أن المسيحيين القدماء، قاموا بدرس عقيدة الثالوث في ضوء كتب الوحي المقدسة، وآمنوا بها واستقروا عليها, ورسموا صورتها في قوانين الكنيسة, وأبرز هذه القوانين، قانون الإيمان النيقاوي, الآتي نصه:

أنا أؤمن بإله واحد, آب قادر على كل شيء، خالق السماء والأرض، وكل ما يُرى وما لا يُرى,

وبرب واحد يسوع المسيح, ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور, إله من إله, نور من نور, إله حق من إله حق, مولود غير مخلوق, ذو جوهر واحد مع الآب, هو الذي به كان كل شيء, الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا نزل من السماء, وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء, وصار إنساناً وصُلب على عهد بيلاطس البنطي, وتألم, وقُبر وقام أيضاً في اليوم الثالث, وصعد إلى السماء, وهو جالس عن يمين الآب, وسيأتي أيضاً بمجد ليدين الأحياء والاموات الذي ليس لملكه نهاية,

وأؤمن بالروح القدس, الرب المحيي المنبثق من الآب والابن, المسجود له والممجد مع الآب والابن, الذي تكلم بالأنبياء,

وأعتقد بكنيسة واحدة جامعة رسولية, وأعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا, وأنتظر قيامة الموتى، وحياة الدهر الآتي, آمين,

الثالوث في الإسلام
الصفحة
  • عدد الزيارات: 14408
إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.
شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.
إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.
سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.