سلامة الكتاب من التحريف
الباب الثاني
الفصل الثاني
أولاً: قبل ظهور الإسلام:
(أ) جاء القرآن مصدقاً لما في الكتاب المقدس، وفي هذا شهادة ضمنية بسلامة الكتاب من التحريف. قال:
وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الّذي بَيْنَ يَدَيْهِ (سورة يونس 10: 37).
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الّذي بَيْنَ يَدَيْهِ وتَفْصِيلَ كُلّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (سورة يوسف 12: 111) ,
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (سورة البقرة 2: 40 ، 41)
ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ (سورة آل عمران 3: 81)
قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ (سورة البقرة 2: 97)
وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ,,, نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ (سورة البقرة 2: 89 ، 101) .
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ (سورة البقرة 2: 91)
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ (سورة آل عمران 3: 3 ، 4)
وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الّذي بَيْنَ يَدَيْهِ (سورة الأنعام 6: 92)
وَالّذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ (سورة فاطر 35: 31) .
يَا أَيُّهَا الّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ (سورة النساء 4: 47)
فهل بعد هذا يستطيع قائل أن يدّعي أنّ الكتاب المقدس قد حُرّف قبل ظهور الإسلام؟ فإن كابر وادّعى فهل يكون من المعقول أنّ نبي الإسلام يشهد كل هذه الشهادات القاطعة، وينعت بكل جميل كتاباً وقع فيه التحريف؟ وكيف يعقل أنّ الله - وهو في الاعتقاد الإسلامي مُنزل القرآن - يخدع الناس ويكذب عليهم ويؤيد باطلاً ويشهد لمحرَّف؟
حقاً أنه قبل ظهور الإسلام عظم الخلاف بين اليهود والنصارى، وكثر الشقاق بين الطوائف والمذاهب، ولكن لم يجسر أحد على مسّ الكتاب فهم لم يختلفوا في شيء منه، وإنما اختلفوا في تفسيره .
ولو كان الكتاب قد حُرِّف قبل ظهور الإسلام للزم أن يتحاشى القرآن ذكره بهذه التجلة وذلك التقديس، ولوجب ألا يغمض عينيه على هذا القذى، لاسيما وأن من الخير له أن يكشفه للناس، لينزل بالكتاب عن درجة حرمته وقداسته والثقة به إلى هوَّة الإنتهاك له، والسخرية به والشك فيه، وترويجاً لدعوة الإسلام.
أما وأنّ القرآن يصرّح أنه جاء مصدقاً لما بين يديه ويحرِّض على التمسك به والاحتكام إليه، ويدعو إلى الإيمان بما فيه. ويثني عليه الثناء العاطر الجميل، فلا مفرّ من التسليم بسلامة الكتاب من التحريف قبل ظهور الإسلام، وإلا لأضحى كلام القرآن عبثاً، لأنه يكون تصديقاً لمحرَّف، وهيمنةً على باطل.
- عدد الزيارات: 11787