امتيازات أخرى للمسيح في القرآن
بالإضافة إلى ما جاء أعلاه يُذكر القرآن أُموراً أخرى تتعلق بالمسيح، وتبين عظمته وطهارته وسلطانه المجيد، ومن هذه الأمور نذكر:
المسيح المشرِّع: آل عمران 50:3 'ومصدِّقاً لما بينَ يديَّ من التوراة ولأحلَّ لكم بعضَ الذي حُرِّمَ عَليكُم وجئتكم بآيةٍ من رِّبكُم فاتَّقوا اللهَ وأطيعون'.
ارتفاع المسيح إلى الله: آل عمران 55:3 'إذ قال الله يا عيسى أنّي متوفيك ورافِعُك إليَّ'.
تأييد المسيح بروح القدس: البقرة 87:2 'وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناهُ بروح القدس' (أيضاً البقرة 253:2 والمائدة 110:5)
كلم الله المسيح مباشرةً: آل العمران 55:3 'إذ قال الله يا عيسى' (أيضاً المائدة 110:5و116)
عصمة المسيح من الشيطان: آل عمران 36:3 '…وإنّي سميتها مريم وإنّي أُعيذها بكَ وذُرِّيتها من الشيطان الرّجيم'.
ومما قاله المفسرون المسلمون في هذه الآيات هو أن المسيح كان دائماً يعمل وروح القدس معه يؤيّده في كل ما يقوم به، ومع أنّهم يفسرون روح القدس بالقول أنّه الملاك جبريل، فإن مجرد اعترافهم بحضور جبريل الدائم مع المسيح هو امتياز لم يتمتع به أي شخص في الوجود، حتى نبي المسلمين محمد. كذلك فإن ارتفاع المسيح إلى الله بالتحديد لا مثيل له في القرآن. أضف إلى ذلك أن القرآن ذكر اسم والدة المسيح القديسة مريم العذراء، وهو شرف لم تحظ به أيّة امرأة من نساء النبي محمد أو من نساء المسلمين. وأخيراً عصمة المسيح من الشيطان، فقد أورد ابن كثير في تفسيره لما جاء في آل عمران 36:3 ثلاثة أحاديث للنبي محمد رواها أبو هريرة وقد وردت في صحيح البخاري وأهل السنن، جاء فيها:
قال النبي: 'ما من مولود يولد إلا مَسَّهُ الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً من مَسِّهِ إيّاه إلا مريم وابنها'.
وقال النبي: ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى ابن مريم ومريم'.
وقال النبي أيضاً: 'كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين تلده أُمَّه إلا عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطُعنَ بالحجاب'.
وهكذا اعترف النبي محمد بقداسة المسيح وطهارته من لمسة الشيطان دون سائر البشر، بمن فيهم محمد نفسه. ففي تفسير القرطبي كتب قائلاً: 'إن الشيطان ينخس جميع ولد آدم حتى الأنبياء والأولياء إلا مريم وابنها'. ولكن لا يفسر لنا النبي محمد ولا القرطبي ولا ابن كثير أو غيرهم من علماء تفسير القرآن والسنّه عن السبب، بل السِّر وراء امتناع المسيح عن لمسِ الشيطان له، فهل المسيح يختلف عن بقيّة النّاس، وهل هو من جوهر مختلف عنهم؟ وما الذي أو من الذي منع الشيطان من الوصول إلى المسيح؟!. وهل يحق لنا أن نقول بأن الجواب الوحيد لجميع هذه الأسئلة هو أن المسيح له نفس طبيعة الله، أي أنّه ابن الله المتجسد، لذلك استطاع الشيطان أن يهزم جميع النّاس وأن يلوثهم بلمسته لهم، ولكنّه لم يستطع الوصول إلى المسيح، فالمسيح أقوى من الشيطان لكونه ابن الله القدوس المساوٍ للآب في الجوهر.
خلاصة: يحتاج المسيحيّون إلى إعادة قراءة تعاليم الكتاب المقدس عن اسم 'ابن الله' ودلالاته المختلفة كما جاءت في الإنجيل. فهذا الاسم المجيد يتكرر عشرات المرات عند الحديث عن حقيقة شخص الرّب يسوع المسيح، وعندها ندرك معنى قول الوحي المقدس في أنَّ يسوع المسيح 'صار لنا حكمة من السَّماء، أي برّاً وقداسة وفداء' (كورنثوس الأولى 30:1). وعندها فقط نستطيع أن نشارك بقوة وبحكمة وبمحبّة هذه الحقيقة المجيدة عن شخص الرّب يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، مع المسلمين في هذا العالم.
كذلك نحتاج كمسيحيّين أن نعرف ما يقوله قرآن المسلمين ونبيّهم عن شخص المسيح، لأن ما جاء في القرآن والسّنّه، يشكل أحد المفاتيح الرئيسيّة في الحوار مع المسلم وتبشيره برسالة الخلاص المتعلّقة بمحبّة الله له وفدائه بدم المسيح. إن موقف المسلمين السلبي من شخص المسيح، وعنادهم ورفضهم قبول الحقيقة الكتابيّة عن المسيح، هي في الواقع ثمرة التقصير المسيحي في الوصول إلى المسلمين. وكذلك نتيجة التفاسير الخاطئة التي تزخر بها كتب المسلمين فيما يتعلق بهويّة المسيح. لذلك فإن أمام الكنيسة مهمة جليلة في الصلاة وطلب عون السّماء، حتى يقود الله شعبه، وبتأييد الروح القدس، في أن يكونوا شهوداً أُمناء للمسيح مع جيرانهم المسلمين أينما وجدوا.
- عدد الزيارات: 10539