Skip to main content

قيامة المسيح والأدلة على صدقها

المسيحيون وقيامة المسيح

الصفحة 1 من 4

الباب الأول

1 شهادة المسيح عن قيامته قبل حادثة الصلب والأدلة على صدقها

أولاً - شهادة المسيح عن قيامته، قبل حادثة الصلب

لم يظهر خبر قيامة المسيح من بين الأموات فجأة بين الناس حتى كان يجوز الظن أنه بدعة، بل أعلنه المسيح مرات متعددة، وهو لا يزال في أوائل علاقته مع تلاميذه، كما يتضح مما يلي:

1 - أراد المسيح مرة أن يعلن لتلاميذه شيئاً من المجد الذي سيكون له مع المؤمنين الحقيقيين به، حتى يزداد إيمانهم بشخصه,فأخذ ثلاثة منهم إلى جبل عال، وهناك ت

فبعد حادثة التجلي أوصى تلاميذه أن لا يخبروا أحداً بما أبصروا من مجد على الجبل، إلا بعد أن يقوم من الأموات (مرقس 9: 29) .

2 - وعندما شهد بطرس أن المسيح هو ابن اللّه الحي، وتملك تلاميذه الإعتقاد بأنه لا يموت، قال لهم عن نفسه إنه يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ (متى 16: 21) .

3 - وبينما كان يسير معهم في بلاد الجليل قال لهم: ابن الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ (متى 17: 23) .

4 - وفي أثناء صعوده إلى أورشليم للمرة الأخيرة قال لهم هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابن الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بالمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ (متى 20: 18 و19) .

5 - ولما طلب اليهود منه معجزة غير المعجزات التي عملها أمامهم، قال لهم: انْقُضُوا هذَا الهَيْكَلَ وَفِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ (يوحنا 2: 19) قاصداً بالهيكل، هيكل نفسه، أو بالحري جسده.

6 - وعندما تحدث عن شخصه كالراعي الصالح الذي يبذل نفسه فدية عن البشر، قال عن نفسه هذه: لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً (يوحنا 10: 1-8) ، مشيراً بذلك إلى أنه يموت بإرادته ويقوم أيضاً بإرادته.

7 - وقبل إحيائه رجلاً ظل ميتاً في القبر أربعة أيام، قال عن نفسه إنه هو الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ (يوحنا 11: 25) ، مشيراً بذلك إلى أنه هو الذي يقيم الموتى ويحييهم بسلطانه الذاتي. ومن يقوم بهذا العمل لا يكون للموت سلطان عليه، بل أنه إذا مات لأجل الفداء يكون ذلك بإرادته، ومن ثم لا بد أن يقوم بإرادته أيضاً.

8 - وأخيراً قال لتلاميذه، وهو في الطريق إلى الصليب: وَل كِنْ بَعْدَ قِيَامِي (أو بالحري بعد قيامي من الأموات) أَسْبِقُكُمْ إِلَى الجَلِيلِ (متى 26: 32) .

ثانياً - الأدلة على صدق هذه الشهادة

فضلاً عن أن الشهادة المذكورة مدونة بالوحي الإلهي، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك في صدقها نقول:

1 - إن المسيح (كما نعلم) كان متواضعاً كل التواضع وبعيداً عن التفاخر كل البعد، وفي الوقت نفسه كان يعلم كل الأمور قبل أن تبدو أي بادرة تدل على جواز حدوثها (إقرأ مثلاً: متى 11: 28-29 ، يوحنا 13: 4-14) ، لذلك لا بد أن شهادته قبل صلبه أنه سيقوم من الأموات، هي شهادة صادقة.

2 - فإذا أضفنا إلى ذلك، أن تنبؤ المسيح عن قيامته مقترن كل الإقتران بتنبؤه عن صلبه، وأن تنبؤه عن صلبه قد تحقق بحذافيره، كما ذكرنا بالتفصيل في الكتابين اللذين أشرنا إليهما، اتضح لنا أن تنبؤه عن قيامته لا بد أنه تحقق أيضاً.

2شهادة المسيح عن قيامته بعد حادثة الصلب، والأدلة على صدقها

أولاً - شهادة المسيح عن قيامته بعد حادثة الصلب

بعد صلب المسيح وموته بثلاثة أيام، أخذ يظهر لتلاميذه ولجمع غفير من أتباعه في ظروف متعددة، ويعطيهم الفرص الكافية للتحقق من أنه هو بعينه، كما يتضح مما يلي:

1 - فعندما كانت مريم المجدلية تبكي بجوار قبره في اليوم الثالث لصلبه، ظهر لها المسيح وخاطبها قائلاً: يا إمرأة! لماذا تبكين؟ من تطلبين؟ ولما رفعت هذه بصرها إليه، ظنت أنه البستاني، إذ لم يكن يخطر ببالها أن الشخص الذي دفن أمامها منذ ثلاثة أيام، وقد أتت الآن لتضع الحنوط على جسده، هو بذاته الذي كان واقفاً قبالتها وقتئذ. ومن ثم قالت له: يا سيد إن كنت قد حملته، فقل لي أين وضعته وأنا آخذه . فأجابها قائلاً: يا مريم! فأدركت للتو أنه المسيح بعينه، لأنها كانت قد ألفت سماع صوته من قبل كثيراً. ولذلك قالت له كما كانت تقول سابقاً ربوني ، أي يا معلم ، ثم أسرعت إلى قدميه لكي تمسك بهما.

كن نظراً لأن المسيح قصد أن يعلن لها ولتلاميذه أنه من ذلك الوقت فصاعداً، تكون علاقة المؤمنين به علاقة روحية محض، قال لها: لَا تَلْمِسِينِي لِأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي (أو بالحري إلى تلاميذي) وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ . فَجَاءَتْ مَرْيَمُ المَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلَامِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هذَا (يوحنا 20: 11-18) .

2 - وعندما كانت مريم أم يعقوب وسالومة اللتان ذهبتا مع المجدلية إلى القبر واقفتين هناك، قال لهما ملاكان إن المسيح قد قام. ولما مضتا في طريقهما إلى أورشليم، لاقاهما المسيح وقال لهما: سلام لكما . وللتو عرفتاه. فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له. فقال لهما: لَا تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولَا لِإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي (متى 28: 1-10) .

3 - فقام بطرس ويوحنا في الحال وأتيا إلى القبر، فدخل الأول فيه ورأى الأكفان موضوعة معاً، أما المنديل الذي كان على رأس المسيح فلم يره موضوعاً مع الأكفان، بل ملفوفاً في موضع وحده. وحينئذ دخل أيضاً يوحنا إلى القبر ورأى ما رآه بطرس، فآمن (يوحنا 20: 9) أن المسيح قام من الأموات. وبعد ذلك ظهر المسيح بصفة خاصة لبطرس (لأن هذا قد أنكره قبل الصلب، ثم شعر بخطئه وبكى بكاء مراً) ، حتى يرفع من نفسيته المحطمة ويمنح ضميره المعذب راحة وسلاماً (1 كورنثوس 15: 5) .

4 - وبينما كان تلميذان من تلاميذ المسيح منطلقين وقتئذ إلى بلدتهما عمواس، وهما في حيرة من جهة الأخبار التي ترامت إليهما عن قيامته، وفي حديث متواصل بين أحدهما والآخر بشأنها، اقترب إليهما المسيح نفسه وأخذ يمشي معهما دون أن يعرفاه - وذلك بسبب حزنهما الشديد واعتقادهما أن السائر معهما شخص مسافر مثلهما. فأراد له المجد أن يثبت لهما صدق الأخبار التي سمعاها عنه، ولذلك قال لهما: مَا هذَا الكَلَامُ الذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟ فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، الذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ التِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هذهِ الأَيَّامِ؟ فَقَالَ لَهُمَا: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَا: الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللّهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ المَوْتِ وَصَلَبُوهُ. وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ المُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ (أو بالحري يخلصه من ربقة الرومان، لأن هذا هو الفداء الذي كانوا يتوقون إليه) . وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، اليَوْمَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلكَ. بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ القَبْرِ، َلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلَاتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلَائِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الذِينَ مَعَنَا إِلَى القَبْرِ، فَوَجَدُوا هكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ .

فقال لهما المسيح: أَيُّهَا الغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا القُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ، أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ المَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟ ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ المُخْتَصَّةَ بِهِ . ومن صوته وأسلوب حديثه، وتأملهما بعد ذلك في يديه المثقوبتين ووجهه الذي عرفاه من قبل، أيقنا أنه هو بعينه. وإذ رأى المسيح أنهما عرفاه انطلق عنهما، لكي يعلن ذاته لغيرهما. أما هما ففرحا وعادا إلى أورشليم ليخبرا باقي التلاميذ بما رأيا وسمعا (لوقا 24: 13-27) .

5 - وكان تلاميذه (ما عدا توما) مجتمعين معاً في ذلك الوقت، في غرفة اعتادوا الإجتماع فيها، وذلك بعد أن أحكموا غلقها بسبب الخوف من اليهود. فوقف المسيح في وسطهم وقال لهم: سَلَامٌ لَكُمْ! فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحاً. فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي . وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: أَعِنْدَكُمْ ه هُنَا طَعَامٌ؟ فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ. وَقَالَ لَهُمْ: هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ (في ناموس موسى والأنبياء والمزامير) ، وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ المَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ... (لوقا 24: 36-46) .

6 - وبعد ثمانية أيام من هذا الظهور، كانوا مجتمعين أيضاً معاً في غرفتهم المذكورة ومعهم في هذه المرة توما (الذي لم يكن موجوداً معهم عند ظهور المسيح لهم في المرة السابقة، ومن ثم كان في شك من جهة قيامته) ، . فَجَاءَ يَسُوعُ وَالْأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الوَسَطِ وَقَالَ: سَلَامٌ لَكُمْ . ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، (حيث أثر المسامير التي سمر بها له المجد على الصليب) وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، (حيث أثر الحربة التي طعن بها وهو عليه) وَلَا تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً . أَجَابَ تُومَا: رَبِّي وَإِلهِي . قَالَ لَهُ يَسُوعُ: لِأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا (يوحنا 20: 26-28) .

7 - وبعد ذلك ظهر المسيح لأكثر من خمسمائة شخص كانوا قد آمنوا به من قبل، وذلك لكي يقوي إيمانهم ويحملوا الإنجيل عن يقين إلى كل العالم (1 كورنثوس 15: 6) .

8 - وبينما كان بطرس ويوحنا وخمسة آخرون من تلاميذ المسيح في بحيرة تدعى طبرية، وقد استولى عليهم اليأس بسبب عدم عثورهم على شيء من السمك، ظهر لهم المسيح على الشاطئ وهم لا يعلمون أنه هو. فقال لهم: يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَاماً؟ . أَجَابُوهُ: لَا! فَقَالَ لَهُمْ: أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا . فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. فَقَالَ ذلكَ التِّلْمِيذُ الذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: هُوَ الرَّبُّ . فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ عُرْيَاناً، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي البَحْرِ. وَأَمَّا التَّلَامِيذُ الآخَرُونَ فَجَاءُوا بالسَّفِينَةِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنِ الأَرْضِ إِلَّا نَحْوَ مِئَتَيْ ذِرَاعٍ، وَهُمْ يَجُرُّونَ شَبَكَةَ السَّمَكِ. فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْراً مَوْضُوعاً وَسَمَكاً مَوْضُوعاً عَلَيْهِ وَخُبْزاً. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ . فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلَى الأَرْضِ، مُمْتَلِئَةً سَمَكاً كَبِيراً، مِئَةً وَثَلَاثاً وَخَمْسِينَ. وَمَعْ هذهِ الكَثْرَةِ لَمْ تَتَخَرَّقِ الشَّبَكَةُ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: هَلُمُّوا تَغَدَّوْا . وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التَّلَامِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ. ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذ لِكَ السَّمَكَ، كما كان يفعل من قبل فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلَاءِ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ . قَالَ لَهُ: ارْعَ خِرَافِي . قَالَ لَهُ أَيْضاً ثَانِيَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ . قَالَ لَهُ: ارْعَ غَنَمِي . قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ فَحَزِنَ بُطْرُسُ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ . قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ارْعَ غَنَمِي. اَلْحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَل كِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لَا تَشَاءُ . مشيراً بذلك إلى نوع خاص من الموت كان بطرس عتيداً أن يتعرض له في سبيل خدمة الإنجيل ثم قَالَ لَهُ: اتْبَعْنِي . فَالْتَفَتَ بُطْرُسُ وَنَظَرَ التِّلْمِيذَ الذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَيْضاً الذِي اتَّكَأَ عَلَى صَدْرِهِ وَقْتَ العَشَاءِ، وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ الذِي يُسَلِّمُكَ؟ فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هذَا ، قَالَ لِيَسُوعَ: يَا رَبُّ، وَهذَا مَا لَهُ؟ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ . فَذَاعَ هذَا القَوْلُ بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذلكَ التِّلْمِيذَ لَا يَمُوتُ. وَل كِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ يَسُوعُ إِنَّهُ لَا يَمُوتُ، بَلْ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ (يوحنا 21: 1-23) .

9 - ثم ظهر المسيح بصفة خاصة بعد ذلك لتلميذه يعقوب الذي كان يمت له بصلة القرابة من جهة الجسد، حتى يتيقن من قيامته ويثبت إيمان الذين كانوا معه (1 كورنثوس 15: 7) .

10 - وعندما ذهب تلاميذه إلى الجليل كما أوصاهم من قبل، تقدم المسيح وقال لهم: دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَا ذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِا سْمِ الآبِ وَالِا بْنِ وَالرُّوحِ القُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ (متى 28: 16-20) .

11 - وفي اليوم الأربعين من قيامته، اجتمع بتلاميذه وأوصاهم أن لا يبرحوا أورشليم، بل أن ينتظروا فيها حتى يحل الروح القدس عليهم، ويؤيدهم بما يحتاجون إليه من القوى والمواهب الروحية التي تعدهم للشهادة عنه، في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة، وإلى أقصى الأرض. وحينئذ سأله تلاميذه قائلين: يَا رَبُّ، هَلْ فِي هذَا الوَقْتِ تَرُدُّ المُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالْأَوْقَاتَ التِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ (أعمال 1: 4-8) .

و أَخْرَجَهُمْ خَارِجاً وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلَانِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ وَقَالَا: أَيُّهَا الرِّجَالُ الجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقاً إِلَى السَّمَاءِ (لوقا 24: 5-51 ، أعمال 1: 10-11) .

ثانياً - الأدلة على صدق الشهادة السابقة

فضلاً عن أن الشهادة المذكورة مدونة بالوحي الإلهي، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك في صدقها كما ذكرنا، نقول:

1-إن المسيح كان، بجانب تواضعه الجم، بعيداً عن الإدعاء كل البعد، ومن ثم فإن شهادته عن نفسه أنه قام من بين الأموات بعد صلبه، هي شهادة صادقة لا يجوز الطعن فيها بحال.

2 - إن تلاميذ المسيح وأتباعه العديدين كانوا لا يصدقون في أول الأمر أنه قام من الأموات، ومن ثم فحصوا بتدقيق الشخص الذي كان يظهر لهم من وقت لآخر، معلناً أنه المسيح، فأيقنوا تماماً أنه هو بعينه.

3 - إن الحديث الذي وجهه هذا الشخص إلى مريم المجدلية، وإلى النساء اللاتي ذهبن معها إلى القبر، وإلى تلميذي عمواس، وإلى توما، وإلى بطرس، وإلى التلاميذ معاً (عندما كانوا في أورشليم، وعلى جبل الزيتون، وفي الجليل) ، ومعجزة اصطياد السمك الكثير التي قام بها لأجلهم، وما رافقها من حديث عام وخاص - كل ذلك يدل على أنه كان هو المسيح بعينه كما ذكرنا.

شهادة كتبة سيرة المسيح عن حادثة قيامته
الصفحة
  • عدد الزيارات: 16076
إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.
شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.
إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.
سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.