كتب الأبوكريفا
ثم نعالج اعتراض د. بوكاي الثالث بخصوص المخطوطات المرفوضة، المعروفة بالأبوكريفا، وهي كلمة أصلها يوناني apokryphos وتعني المخبّأ . ويدّعي د. بوكاي أن تسمية هذه الوثائق بالأبوكريفا يرجع إلى أن الكنيسة خبّأتها . ويقول:
كان هناك تداول كثير من الكتابات عن المسيح، غير أنه لم يُعتدّ بها ككتابات جديرة بصفة الصحّة، كما أوصت الكنيسة بإخفائها. ومن هنا جاء اسم الأناجيل المزورة أبوكريفا (ص 99).
ولقد صدَق د. بوكاي في أن أبوكريفا معناها المخبَّأ . ولكنه لم يوضح ما يقصده بمعنى الكلمة المستخدَم. ففي ذلك الزمن استخدمها الغنوسيون (أي: العارفون بالله) اسماً لكتاباتهم في القرنين الأول والثاني الميلادي، فكتاب أبوكريفا يوحنا معناه أسرار يوحنا وادّعى الغنوسيون أنهم يملكون معلومات سرية لا يعرفها غيرهم، واعتقدوا أن خلاصهم يجيء من المعرفة التي أعلنها لهم العارف (وهو عادة السيد المسيح) بالإضافة إلى عارفين آخرين .
ويختلف الغنوسيون عن المسيحيين والمسلمين في أنهم يسخرون في كتاباتهم من الله الخالق لأنه أعمى، لا يدرك أن هناك إلهاً روحاً أطهر أعلى منه. ففي أبوكريفا يوحنا يوصف الله الخالق بأنه ضعيف، غير تقي في جنونه، لأنه يقول: أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلي (إشارة إلى إشعياء 46:9) لأنه جاهل بقوته وبالمكان الذي جاء منه (من مخطوطة نجع حمادي رقم 2 ص 11 سطور 18-22).
وفي القرن الرابع الميلادي أُطلقت الكلمة على الكتب التي لا تُقرأ علناً في الكنائس، ويتحدث المؤرخ الكنسي يوسابيوس عن الكتب الأبوكريفية السرية ككتب مزوَّرة كتبها مبتدعون كفَرة (عن الموسوعة البريطانية طبعة 15 عام 1982 ج 2 ص 973).
ومن هذا نرى لا شيء يؤيد قول د. بوكاي إن الكتب سُميت أبوكريفا لأن الكنيسة خبّأتها.
- عدد الزيارات: 11169