شبهات شيطانية ضد سفر القضاة
قال المعترض الغير مؤمن: اختلفوا في النبي الذي كتب سفر القضاة، فقال هورن: قال البعض إن هذا السفر لفينحاس، وقال البعض الآخر إنه لحزقيا أو إرميا أو حزقيال أو عزرا .
وللرد نقول بنعمة الله : حذف المعترض القول الصحيح، وهو أن علماء اليهود والمسيحيين أجمعوا بعد التحقيق على الوحي به للنبي صموئيل، وهو آخر قضاة بني إسرائيل، وهو يشتمل على تاريخ قضاة بني إسرائيل مدة 300 سنة، من موت يشوع إلى قيام عالي الكاهن. وفي هذه الأثناء أقام الله 13 قاضياً لإنقاذ بني إسرائيل من جور أعدائهم، ومنح بعضهم قوة فوق العادة. وهذا السفر يوضح فوائد الهداية وأضرار الغواية. فلما كان بنو إسرائيل يخطئون كان الله يؤدّبهم. ولما يتوبون إليه يرحمهم بمراحمه العظمى. وهو يحقق صدق إنذارات موسى لبني إسرائيل. وقد أشار الرسول بولس إلى أولئك القضاة فذكر جدعون وباراق ويفتاح.(عبرانيين 11: 32)
وقد خلط القرآن سفر القضاة. فقد ورد في البقرة 2: 249_251: فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر، فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني، إلا من اغترف غرفة بيده، فشربوا منه إلا قليلًا منهم. فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده. قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله: كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله، والله مع الصابرين. ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا: ربنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وأنصرنا على القوم الكافرين. فهزموهم بإذن الله . وكان قد ذكر قبل هذه الأقوال إن الملأ من بني إسرائيل طلبوا من نبيهم (صموئيل) أن يولي عليهم ملكاً، فولى عليهم طالوت (وهو شاول). أما الاغتراف من النهر فكان مع جدعون أحد قضاة بني إسرائيل، ولم يكن مع طالوت، فإنه ورد في القضاة أن الله أخبر جدعون أحد قضاة بني إسرائيل، أن كل من يلغ بلسانه من الماء كما يلغ الكلب يصرف النظر عنه، وكذا كل من جثا على ركبتيه للشرب. وكان عدد الذين ولغوا بيدهم إلى فمهم 300 رجلًا، فانتصر جدعون بهؤلاء الثلاثمائة رجل على الألوف. وهذه النصرة مذكورة في القضاة بفصاحة وبساطة، فخلطها القرآن بتاريخ صموئيل وشاول.
أما قوله إن اليهود ينسبون رجماً بالغيب وحي سفر القضاة لصموئيل النبي، فكلامه كلام متعنت، لا يريد أن يقبل فضل الأمة اليهودية على العالمين، وشرفها بالمحافظة على هذه الكتب الإلهية، فكان قولهم هو الجدير بالاعتماد والاعتبار.
قال المعترض الغير مؤمن: قال المفسر هارسلي قال إن قضاة 1: 10-15 إلحاقية .
وللرد نقول بنعمة الله : لم يوضح المعترض وجه زيادة هذه الآيات، فهل وجه زيادتها أن الأسفار الأخرى مؤيدة لها؟ فإن سفر يشوع والتكوين والعدد مؤيد لما ورد فيها ومصدق عليه.
راجع تعليقنا على تثنية 1: 1-5.
قال المعترض الغير مؤمن: جاء في قضاة 1: 19 وكان الرب مع يهوذا فملك الجبل، ولكن لم يطرد سكان الوادي لأن لهم مركبات حديد . ولكن المسيح يقول في متى 19: 26 هذا عند الناس غير مستطاع ولكن كل شيء عند الله مستطاع .
وللرد نقول بنعمة الله : قدرة الله على كل شيء واضحة في كل الكتاب، بينما يظهر قضاة 1: 19 مناقضاً لهذه الحقيقة. غير أن التأمل الدقيق يبين عدم وجود تناقض في هذه القضية بالمرة. فعندما يُقال في القضاة إن يهوذا مَلَكَ الجبل، ولكن لم يطرد سكان الوادي لأن لهم مركبات حديد، يجب أن نذكر أن الذي عجز عن طرد سكان الوادي هو يهوذا لا الرب. ولو شاء الله لزوّد يهوذا بالقدرة الكافية لطَرْدهم. ولو أن شعب يهوذا سلكوا بحسب مشيئة الله لاستطاعوا طردهم. وهكذا عندما نمعن النظر في الآيتين المقتبستين نرى أنهما على تمام الاتفاق.
ونتأمل في آية أخرى تظهر كأنها تحدُّ قدرة الله. فيُقال في عبرانيين 6: 18 لا يمكن أن الله يكذب وهذا يعني وجود شيء غير مستطاع عند الله. غير أن هذا لا ينفي أنه يستطيع أن يفعل كل ما يشاء، وفي الوقت نفسه لا يستطيع أن يكذب أو أن يخطئ أو أن يغيب عن الوجود. ولو فعل هذا لما كان هو الله. ومن هنا نرى أن الإدراك الصحيح لله وصفاته يلاشي الصعوبة التي تبدو في عبرانيين 6: 18.
- عدد الزيارات: 10835