Skip to main content

الوحي المقدس

شبهات شيطانية حول سفر أيوب

الصفحة 1 من 3

الفصل الرابع

شبهات شيطانية حول الأسفار الشعرية والنبوية

قال المعترض الغير مؤمن: حال كتاب أيوب أشنع من حال كتب التوراة، فإن العالِم اليهودي مايمونيدس قال إن أيوب هو اسم رمزي، ووافقه على ذلك بعض علماء المسيحيين .

وللرد نقول بنعمة الله : لم يقل أولئك العلماء سوى أن سفر أيوب قصة رمزية، الغاية منها التعليم. فلنورد بعض ما قاله العلماء المتقدمون والمتأخرون الذي قالوا إن سفر أيوب ليس حكاية رمزية، بل هو حكاية حقيقية. وذكروا الأدلة القوية على أنه وحي إلهي لأيوب.

وماذا يقول في قرآنه الذي لم يقتصر على ذِكر أيوب وقصته في موضع واحد، بل قال في جملة مواضع إنه نبي، فورد في النساء 4: 163 إنَّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، وأوحينا إلى إبراهيم وإسمعيل واسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وآتينا داود زبوراً . وفي الأنبياء 21: 83 و84 وأيوب إذ نادى ربه أنّي مسّني الضُّر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضُرٍّ وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين وكذلك ورد في سورة ص 38: 41_44.

فالقرآن يقول إن أيوب شخص حقيقي، وقصته ليست رواية موضوعة، ولا مثلًا، وأنه قاسى البلايا والرزايا ثم رفعها الله عنه، وردّ إليه أهله، وأن الله أنزل عليه كتاباً.

قال هورن: سفر أيوب قصيدة بليغة تتكلم عن شخص له وجود حقيقي. إلا أن بعض العلماء قالوا إن هذه القصيدة رواية رمزية غايتها التربية والتهذيب، ورَدَت في قالب مثَل. وأول من أعلن هذا الرأي مايمونيدس أحد علماء اليهود، ووافقه على ذلك بعض علماء المسيحيين. ولكن بصرف النظر عن إجماع علماء اليهود والمسيحيين على أن أيوب كان شخصاً له وجود حقيقي، فقد أقام العلماء الأدلة والبراهين على أنه كان شخصاً حقيقياً .

وأورد هورن أدلة قطعية على أن أيوب شخص حقيقي حصلت له تلك البلوى المحرقة. ونحن في غنى عن روايات وهمية تعلّمنا أن الأتقياء الأنقياء هم عُرضة للمصائب والبلايا، فإن الله سمح بعنايته بحدوث مثل هذه الحوادث في كل زمان ومكان. ومما يدل على أن أيوب كان شخصاً حقيقياً وليس وهمياً، أن حزقيال النبي قال: إن أخطأت إليّ أرضٌ ... وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة: نوح ودانيال وأيوب، فإنهم إنما يخلِّصون أنفسهم ببرِّهم (حزقيال 14: 13 و14) فذكر أيوب من الأنبياء الحقيقيين. وقال الرسول يعقوب: ها نحن نطوّب الصابرين. قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب، لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف (يعقوب 5: 11). فلا يُعقَل أن هذا الرسول الذي يكتب بوحي إلهي يستشهد بأمر وهمي ويجعله مثالًا للصبر، ويأتي به برهاناً على رحمة الله.

وتوجد أدلة داخلية على أن أيوب كان شخصاً حقيقياً، وهي ذِكر أسماء الأشخاص والأماكن والوقائع التي تختص بالتواريخ الحقيقية، فذكرت أسماء أولاده وأعمالهم وزوجته وأصحابه.

عصر وجوده: وبعد أن أورد هورن الأدلة على أن أيوب كان شخصاً له وجود حقيقي، قال عن عصر وجوده: قال البعض إنه كان في عصر موسى، لأن أسلوبه يشبه أساليب موسى. وقال البعض الآخر إنه كان في عصر قضاة بني إسرائيل، وغيرهم إنه كان معاصراً لأحشويروش أو أرتحششتا. وقال البعض إنه كان معاصراً لسليمان ولملكة سبا. وغيرهم إنه كان معاصراً لنبوخذنصَّر، أو إنه كان في عصر يعقوب . وهذه كلها تخمينات ضعيفة، وإنما الأمر الأكيد المُجْمَع عليه هو أن عصر أيوب كان قديماً جداً، فالعادات المذكورة في هذا السفر مختصة بذرية إبراهيم أب الإسرائيليين والإسماعيليين والأدوميين.

وبعد أن أورد هذه الآراء قال: غير أنه يمكن الاستدلال على عصر أيوب بالتأكيد من الحوادث المهمة الآتية، وهي:

(1) تبرهن التوراة أن بلوى أيوب حدثت قبل خروج بني إسرائيل من مصر، أي قبل عام 1445 ق م، فإنه لم يذكر عجائب ومعجزات الخروج من مصر، مثل انشقاق البحر الأحمر، ونزول المَن والسلوى، مع أن هذه المعجزات حصلت في البلاد المجاورة لبلاد أيوب.

(2) جرت أحداث سفر أيوب قبل ارتحال إبراهيم إلى أرض كنعان، لأنه لم يذكر سدوم وعمورة ومدن السهل، مع أنها كانت قريبة من أدومية بلاد أيوب.

(3) يدل طول مدة عمر أيوب على أنه كان في عصر الآباء، فإنه عاش بعد بلواه 140 سنة.

(4) استُدِل من بعض عباراته أنه كان قريباً لسام بن نوح.

(5) مما يدل على قِدَم هذا السفر العادات التي ذُكِرت فيه، فأشار إلى الكتابة بالنقر في الصخر (19: 24) وهي عادة قديمة. وحُسبت ثروته بمواشيه (42: 12) وكان أيوب رئيس كهنة لعائلته كالعادة الجارية في عصر الآباء الأقدمين (تكوين 8: 20).

(6) لم تكن عادات التذلُّل للأمراء والشرفاء التي كانت جارية في مصر وبلاد الفُرس والشرق معروفة في بلاد العرب في ذلك العصر. ومع أن أيوب كان من أشراف الشرق وعظمائه إلا أنه لم يملقه أحد.

(7) أشار أيوب إلى عِبادة الشمس والقمر (31: 26_28) وهي أقدم عِبادة في الدنيا، مما يدل على قِدَم هذا السفر.

(8) مما يدل على قِدَم هذا السفر أيضاً لغة أيوب وأصحابه. ومع أنهم أدوميون إلا أنهم كانوا يتكلمون بالعبرية، مما يدل على أنهم كانوا في العصر الذي كان يتكلم فيه الإسرائيليون والأدوميون والعرب باللغة العبرية، ولم تكن تفرعت إلى لغات أخرى.

بلد أيوب: أما بلد أيوب فهي أرض عوص (1: 1) واختلف الجغرافيون في موقعها، فبرهن العلّامة بوخارت على أنها في برية بلاد العرب. وقال ياهن إن المراد بعوص وادي دمشق غير أن الأسقف لورث وغيره برهنوا أن عوص هي في أدوم (مراثي 4: 21). وعوص كان حفيد سعير الحوري (تكوين 36: 20 و21 و28 و 1 أخبار 1: 38 و42) فكان سعير ساكناً في البلاد الجبلية التي سُمّيت باسمه قبل عصر إبراهيم، غير أن الأدوميين طردوا ذريته وأخذوا بلادهم (تثنية 2: 12). فأدوم هي جزء من برية بلاد العرب في أقصى جنوب أرض سبط يهوذا (عدد 34: 3 ويشوع 15: 1 و21) فكانت أرض عوص بين مصر وفلسطين (إرميا 25: 20) فإن النبي إرميا ذكر الأماكن والأمم بالترتيب من مصر إلى بابل (إرميا 46: 1).

كاتب السفر: قال هورن: اختلف العلماء في النبي الذي كتب هذا سفر، فقال بعضهم إنه أليهو أو أيوب أو موسى أو سليمان أو إشعياء، أو نبي من عصر الملك منسى، أو حزقيال أو عزرا. وظنَّ لايتفوت أن الآيتين 32: 16 و17 تدلان على أنه أليهو. وقال لوثر إنه سليمان. وقال كثيرون إنه موسى. ولكن بما أنه لا توجد أدنى إشارة إلى حادثة من تاريخ بني إسرائيل فلا يكون موسى. وذهب الأسقف لورث و شولتنس و بترس وغيرهم إلى أنه أيوب، وهو القول الصحيح.

على أن تحديد اسم الكاتب ليس مسألة جوهرية في تقرير قانونية السفر، ولا في أنه وحي من عند الله.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في أيوب 1: 7
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12242
تابعوا وشاركوا في برنامج مسيحي حواري مباشرة على الهواء من راديو نور المغرب، تواصلوا معنا عبر الواتساب أو اتصلوا بالرقم: +212626935457
تعالوا معنا لنستمع إلى شهادات واختبارات لأشخاص آمنوا بالسيد المسيح من كافة أنحاء العالم العربي، وكيف تغيرت حياتهم عندما تقابلوا مع المسيح.
أستمع واقرأ الإنجيل مباشرة عبر موقعنا لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح ومميزة أفكار القلب ونياته.
تعالوا معا نشاهد هنا قصص واقعية لأشخاص إنقلبت حياتهم رأسا على عقب وعبروا من الظلمة إلى النور بعدما تعرفوا على السيد المسيح مخلص العالم.