التأثير الحقيقي والنجاح الحقيقي - حمل السلاح، والانقياد للرغبات الجنسية
وفي مضمار حمل السلاح، والانقياد للرغبات الجنسية، والاستنصار بالنسل وكثرة العدد (كما قال محمد لأمته: "تناكحوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة") يرى المؤرخون والمحللون نموذجاً أمريكياً موازياً نوعاً ما لمحمد بن عبد الله، هو "جوزيف سميث" مؤسس بدعة "المورمون" الذي تعرَّض لظواهر مَرَضية وادَّعى أن الله أوحى له عن طريق أحد الملائكة وأعطاه لوحين من ذهب على تلال كامورا. وكان "جوزيف سميث" مزواجاً (وهكذا كان خليفته بريغهام ينغ وغيرهما) وكان يسخّر الوحي لمصالحه الشخصية، فكان هو الآخر ربه "يسارع له في هواه" وجعل "جوزيف" على لسان العزة الإلهية حديثاً موجَّهاً إلى زوجته الأولى "إيما" طالباً منها أن "تقبل الزوجات الأخريات اللواتي سيهبهنّ لعبده جوزيف" (وهذا يوازي ما ورد في الأحزاب 33: 27-38 ثم 50-59). واضطر "جوزيف" وآله وصحبه أن يهاجروا من ولايتهم، ويسمُّونها "هجرة المورمون".
ويقول المحللون إن اغتيال "جوزيف سميث" وشقيقه "هايرم" في السجن وضع حداً كبيراً للمورمونية. ولولا هذان الاغتيالان لانتشر المورمون في كل أنحاء الولايات المتحدة، ولانطلقوا منها - مع إغراءات المال والجنس - لغزو العالم (ولو أن "جوزيف سميث" وصحبه لم يقوموا بغزوات، بل حاربوا فقط للدفاع عن أنفسهم).
وهكذا يثبت أن ذلك "التأثير" العظيم الذي ينسبه "هارت" إلى محمد كان مرجعه العبقرية وقوة الشخصية، ولكن عناصر الخوف والمصلحة والوعد والوعيد ومركب النقص عند العرب الذين لم يكن لهم نبي ولا كتاب مقدس، وتكاثر النسل والتهديد بالموت لمن يرتد عن ذلك الدين كان ذا تأثيرٍ مساوٍ أو أكثر بكثير من شخصية محمد الرائدة.
وإذا فحصنا الأحاديث وكتب السيرة المحمدية اكتشفنا تضاربها وتناقضاتها وعدم اتفاقها على الكثير من المعطيات حول محمد وصفاته وأقواله، من تأكيد قوته الجنسية الخارقة، إلى سرد أنه شعر بالضعف الجنسي وشكا إلى جبريل أمره فنصحه بأكل الهريسة. وإذا عرفنا أن البخاري ومسلم رفضا آلاف الأحاديث (قال أحد المسلمين: ما كذب الناس بقدر ما كذبوا في الأحاديث ). عندها تحوم شكوك كثيرة على والدي محمد وأصله وخلافاته العائلية وعلاقاته مع غير المسلمين من وثنيين ويهود ونصارى. ولنبقى متقيِّدين بما يعترف به المسلمون أجمعون، نعود إلى القرآن نفسه لنجد فيه مكاناً متواضعاً لمحمد، ولا ذكر لوالده ولا لوالدته، في حين أن القرآن يذكر السيد المسيح ووالدته باسمها الكريم وجدَّيه، ويقول إن والدة مريم العذراء قالت عن طفلتها: "وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ (يا رب) وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" (آل عمران 3: 36)، في حين أن القرآن لا يذكر مثل هذه الإنعامات على محمد ووالدته.
تحدثنا عن "الجنس والمال والنفوذ" عند "جوزيف سميث"، الذي حال الموت دون اكتساحه لأمريكا، ونجد معظم هذه العناصر في سيرة محمد، وردت في القرآن تارةً بصراحة وطوراً بالتلميح، ووردت بوضوح في كتب الأحاديث والسيرة والتفسير.
أما تأثير السيد المسيح الذي "ليست مملكته من هذا العالم" فهو أعظم بكثير من تأثير محمد، لأنه أتى، كما يشهد القرآن لا بقوة السلاح ولا بقوة المال، فقد كان أعزل فقيراً، ولم يقدم لأتباعه المغريات بل حذرهم: "إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" (متى 16: 24). ولم يعتمد على التناسل، ولا حمل سيفاً ولا قاد غزوات وعد فيها المنتصرين المجاهدين بالسبايا والغنائم، بل "افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ" (2 كورنثوس 8: 9) ووُلد في مغارة "إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي المَنْزِلِ" (لوقا 2: 7) "فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ" (متى 8: 20), لذا سطعت شخصيته الفذة الفريدة، وجذبت إليه الملايين، وتأيَّد بروح القدس وأُوتي البيِّنات. فيا له من تأثيرٍ شخصي مباشر لا ينكره أي مسلم حقيقي! ويا له من تأثير روحاني أخلاقي لا شائبة فيه ولا شُبهة عليه!
- عدد الزيارات: 7922