أحوال البشر - أحوال يزيد بن معاوية
هو الذي تولى الخلافة بعد والده معاوية بن أبي سفيان وهو صاحب القول المشهور:
لعبَتْ هاشمُ بالمُلْكِ فلا مَلَكٌ جاء ولا وحيٌ نَزَل
ويروي ابن كثير في كتابه البداية والنهاية (مجلد 5 جزء 9) قصة وفاة يزيد، فقال: كان يزيد يحب حظية جميلة جداً من حظاياه اسمها حبَّابة، وكان قد اشتراها في زمن أخيه بأربعة آلاف دينار من عثمان بن سهيل بن حنيف, فقال له أخوه سليمان: لقد هممتُ أن أحجر على يديك , فباعها, فلما أفضت إليه الخلافة قالت امرأته سعدة يوماً: يا أمير المؤمنين، هل بقي في نفسك من أمر الدنيا شيء؟ قال: نعم، حبابة , فبعثت امرأته فاشترتها له ولبّستها وصنَّعتها وأجلستها من وراء الستارة، وقالت له أيضاً: يا أمير المؤمنين، هل بقي في نفسك من أمر الدنيا شيء؟ قال: أَوَمَا أخبرتُك؟ فقالت: هذه حبابة - وأبرزتها وأخلَتْه بها وتركته وإياها - فحظيت الجارية عنده وكذلك زوجته أيضاً, فقال يوماً: أشتهي أن أخلو بحبابة في قصر مدة من الدهر، لا يكون عندنا أحد , ففعل ذلك، وجمع إليه في قصره ذلك حبابة، وليس عنده فيه أحد، وقد فرش له بأنواع الفرش والبسط الهائلة، والنعمة الكثيرة السابغة, فبينما هو معها في ذلك القصر، على أسرّ حال وأنعم بال، وبين أيديهما عنب يأكلان منه، إذ رماها بحبة عنب وهي تضحك، فشرقت بها وماتت، فمكث أياماً يقبّلها ويرشفها وهي ميتة حتى أنتنت وجيفت فأمر بدفنها, فلما دفنها أقام أياماً عندها على قبرها هائماً، ثم رجع، فما خرج من منزله حتى خرج بنعشه , (ويذكر المسعودي نفس الرواية في مروج الذهب ج3)
والقصة كما يذكرها ابن كثير، نموذج فريد لصحيح العشق، وأصيل الغرام، ولا بأس أن تذوب لها قلوب الصبية، وتنفطر لها قلوب الصبايا، وتسيل من أجلها دموع المحبين، لكنها - في تقديرنا - شاذة أشدّ ما يكون الشذوذ، بعيدة أكثر ما يكون البعد، عندما يتعلق الأمر بمن يسمِّيه المسلمون أنه أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، وخادم الحرمين، وحامي حمى الإيمان، والملتزم بأحكام القرآن، وبسنّة نبيّ الرحمن !
- عدد الزيارات: 14850