الثالوث في الإسلام - المسيحيّة لا تعلّم بالإشراك
ومن يتأمل هذه الآيات في ضوء تفاسير علماء الإسلام يلاحظ أن هذه النصوص تحارب تعليماً يحمل معنى الإشراك بالله وتعدّد الآلهة وعبادة البشر. ولكن المسيحيّة لا تعلّم بالإشراك ولا بتعدّد الآلهة ولا بعبادة البشر ,بدليل قول المسيح
: لِلرَّبِّ إِلهكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ - متى 4 :10 - .
لعل من يقرأ المائدة 5 :116 يتصور أن المسيحيين يؤلهون مريم العذراء ,وهذا غير صحيح. والواقع أن السؤال الموجَّه إلى المسيح هنا ,نشأ من وجود أهل بدعة عند ظهور الإسلام. وهم أناس وثنيون حاولوا الالتصاق بالكنيسة ,فنادوا ببدعة مفادها أن مريم العذراء إلهة. ويقول المؤرّخون إنهم استعاضوا بها عن الزهرة التي كانوا يعبدونها قبلاً. وقد أطلقوا على أنفسهم اسم المريميين وأشار اليهم العلاّمة أحمد المقريزي في كتابه القول الإبريزي صفحة 26. وذكرهم ابن حَزْم في كتابه الملل والاهواء والنحل صفحة 48. ولكن هذه البدعة بعيدة كل البُعد عن المسيحيّة. وليس هناك مسيحي واحد يؤمن بها. وقد انبرى العلماء المسيحيون وقتها لمقاومة هذه الضلالة بكل الحجج الكتابية والعقلية ,ولم ينته القرن السابع حتى كانت قد تلاشت.
وكذلك المسيحيّة لا تعلّم بأن المسيح إله من دون الله ,بل تؤمن بأن الآب والابن إله واحد ,بلا تعدّد ولا افتراق. وقد أكّد المسيح ذلك بقوله : أَنَا وَالْآبُ وَاحِدٌ,,, أَنِّي فِي الْآبِ وَالْآبَ فِيَّ - يوحنا 10 :30 ,14 :11 - .
أما قول القرآن : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة والذي يستند عليه أعداء المسيحيّة ,فقد قيلت بطائفة المرقونيين الذين لفظتهم الكنيسة وحرمت أتباعهم ,لأنهم علَّموا بتثليث باطل ,ونادوا بثلاثة آلهة وهم :
- أ - عادل ,أنزل التوارة - ب - صالح ,نسخ التوراة - ج - شرير ,وهو إبليس
كما أن الإسلام في نصوصه هذه ,حارب طائفتي المانوية والديصانية اللتين تقولان بإلهين أحدهما للخير وهو جوهر النور ,والثاني للشر وهو جوهر الظلمة.
إذاً فالإسلام لم يحارب عقيدة الثالوث المسيحيّة الصحيحة ,كما يتوهم البعض. ولهذا لا أعتبر أن آيات القرآن المقاومة لتعدد الألهة كانت موجَّهة ضد المسيحيّة.
وحين نتتبع هذا الموضوع في الكتب الإسلامية ,نرى أن علماء المسلمين بحثوا في عقيدة الثالوث
- 1
- 2
- 3
- 4
- جميع الصفحات
- عدد الزيارات: 57471