الأدلّة من العهد القديم
يستند المسيحيّون في إيمانهم الرّاسخ بأنَّ يسوع هو ابن الله على أدلّة قاطعة وساطعة أعلنها الله في الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد. كما ويستطيع المسيحيّون أن يستخدموا قرآن المسلمين لبرهنة اعتقادهم هذا، مع ملاحظة أن الاستخدام المسيحي للقرآن يعني قراءة جيّدة لآياته لا تتفّق مع التّفاسير التّقليديّة لدى المسلمين، علماً بأن تفاسيرهم أنفسهم لا تتّفق أصلاً فيما بينها.
أولاً: الأدلّة من العهد القديم:
أوحي الله إلى أنبيائه القديّسين في العهد القديم بنبوّاتٍ كثيرة عن مجيء المسيح مخلّص العالم، وتملأ هذه النّبؤات صفحات العهد القديم، ونقرأ فيها أنّ هذا المخلّص هو ابن الله بالتّحديد.
أ. مزمور 7:2 'إنّي أخُبر من جهة قَضاءِ الرَّبِ. قال لي: أنتَ ابني. أنا اليوم وَلَدْتُكَ'. يتحدث المزمور الثّاني عن مسح الملوك في العهد القديم، وكلمة 'ولدّتك' في المزمور لا تشير أبداً إلى الولادة الجسديّة، بل إلى إعلان علني من الله إلى شعبه عن تنصيب ملكٍ لهم. وقد وردت هذه النّبوة في ثلاث مواضعٍ في العهد الجديد لتؤكّد أنّ المعنى الوحيد المقصود بها هو قيامة يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، من بين الأموات، كما نقرأ في أعمال الرّسل 33:13 'إنَّ اللهَ قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم، إذ أقام يسوعَ كما هو مكتوبٌ أيضاً في المزمور الثّاني: أنتَ ابني أنا اليومَ وَلَدْتُكَ' وفي عبرانييّن 5:1 'لأنّهُ لِمَن مِنَ الملائكةِ قال قَطُّ: أنتَ ابني أنا اليومَ ولدتُك؟ وأيضاً: أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً' (انظر العبرانييّن 5:5).
ب. صموئيل الثّاني 12:7-41 خاطب الله هنا الملك داود بلسان النّبي ناثان قائلاً له: 'أقيمُ بعدكَ نسلكَ الّذي يخرجُ من أحشائِكَ وأثبِّت مملكتَهُ. وهو يبني بيتاً لإسمي، وأنا أُثّبِتُ كُرسِيَّ مملكتِهِ إلى الأبد. أنا أكون له أباً وهو يكون ليَ ابناً'. وهذه النّبوة تتحدّث عن مجيء ابن الله إلى العالم بصورة إنسانٍ من نسل داود، أي من النّسل الملوكي، وكيف أنَّ المسيح هو الملك الأبدي لكونه ابن الله، وقد ورد المقطع الأخير 'أنا أكون له أباً وهو يكون ليَ ابناً' في العهد الجديد في عبرانييّن 5:1 في الحديث عن امتيازات المسيح المجيد.
ت. أشعياء 6:9-7 'لأنّهُ يولد لنا ولدٌ ونعطى ابناً، وتكون الريّاسةُ على كتفِهِ، ويُدعى اسمُهُ عجيباً، مشيرا، إلهاً قديراً، أباً أبَدِيّاً، رئيسَ السّلام. لنمُوُ رياستِهِ، وللسَّلام لا نهايَةَ على كُرسِيِّ داودَ وعلى مملكتِهِ، ليثبّتها ويعضدَها بالحقِّ والبِرِّ. من الآن إلى الأبد. غَيْرَةُ ربِّ الجنودِ تصنع هذا' وهذه النّبوة العظيمة عن ميلاد المسيح تحتوي على خمسةِ أسماءٍ له تبرهن حقيقة كونهِ الله الآتي إلى العالم. فهو سيولد كإنسان في العالم، مع أنّه في نفس الوقت الله القدير والآب الأبدي.
ث. هوشع 1:11 'ومِن مصرَ دعوتُ ابني' مع متى 15:2 'وكان هناك إلى وفاةِ هيرودُسَ لكي يتمّ ما قيلَ من الرّبِّ بالنَّبيِّ من مصرَ دعوتُ ابني'. أي أنَّ هذه النّبوة تتحدّث عن يسوع وكيف دعاه الله للعودةِ إلى وطنه بعد وفاة هيرودس الملك الّذي أراد قتله وهو صبي. وقد قال الرّب بوضوح هُنا أنَّ يسوع هو ابنه.
ج. دانيال 13:7-14 'كُنتُ أرى في رؤى اللَّيلِ وإذا مع سُحُبِ السّماءِ مثلُ ابن إنسانٍ آتي وجاء إلى القديمِ الأيّامِ، فقرّبوهُ قدّامَهُ. فأُعطيَ سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبّدَ له كُلُّ الشّعوبِ والأُمم والألسِنَةِ. سلطانًهً سلطان أبديٌ ما لن يزولَ، وملكوتُهُ ما لا ينقرضُ'. نُلاحِظ هُنا استخدام اسم ابن الإنسان بدل اسم ابن الله في الحديث عن المسيح. وفي العهد الجديد نجد أنَّ الرّب يسوع قد استخدم هذا الاسم كثيراً أثناء خدمته وفي حديثه عن آلامه ومجيئه الثّاني إلى العالم. فمثلاً أثناء محاكمة يسوع 'سأله رئيس الكهنة أيضاً: أأنتَ المسيحُ ابنُ المباركِ؟ فقال يسوع: أنا هو. وسوف تبصرونَ ابنَ الإنسانِ جالساً عن يمينِ القوَّةِ، وآتياً في سحابِ السَّماءِ' (مرقس 61:14-62). كان سؤال رئيس الكهنة ليسوع إن كان ابن المبارك، أي أن كان ابن الله، وجاء جواب المسيح مؤكّداً على هذه الحقيقة، مع أنَّ المسيح استخدم عبارة 'ابن الإنسان' ليشير إلى حقيقة مجيئه بصورة إنسانٍ كامل إلى العالم، وهذا هو بالضّبط ما جاء في نبوّة دانيال عن لاهوت ابن الإنسان الّذي تتعبّد له كلّ شعوب الأرض.
- عدد الزيارات: 9276