Skip to main content

قيامة المسيح والأدلة على صدقها

الفلاسفة المحدثون وقيامة المسيح

البَابُ الثالث

إن الفلاسفة المحدثون، مثل ستروس وكرسوب وفنتوريني وهولتزمان وليك ورينان ولوزايه، الذين اشتغلوا بنقد الكتاب المقدس (حسب زعمهم) ، أقروا حادثة صلب المسيح وكتبوا الشيء الكثير عنها، لأنهم كانوا يبنون آراءهم ليس على عقائد خيالية أو تصورات ذهنية كالغنوسطيين، بل على الحقائق التاريخية المدونة في السجلات الرسمية. لكن نظراً لأن قيامة المسيح من الأموات تسمو فوق العقل، وفي الوقت نفسه لم تدون في مثل هذه السجلات بسبب عدم دخولها في اختصاص المحاكم والحكومات، قاوموها جميعاً بكل قواهم. وفي سبيل مقاومتهم إياها ذهب كل منهم إلى ابتداع رأي، قال إنه السبب في اعتقاد تلاميذ المسيح بقيامته من الأموات، وفيما يلي هذه الآراء مصحوبة ب الرد عليها.


1 الآراء الخاصة بالأوهام، والرد عليها

1 - (من المحتمل أن يكون تلاميذ المسيح رأوا بعد موته شخصاً يشبهه، فاعتقدوا أنه المسيح بعينه) .

الرد: إن الذين نادوا بأنهم رأوا المسيح بعد موته ليسوا أشخاصاً رأوه مرة واحدة أو مرات قليلة قبل موته، حتى كان يجوز الظن بأنهم لم يكونوا على بينة من الشخص الذي ظهر لهم بعد موت المسيح، بل هم تلاميذه الذين كانوا يعرفونه كل المعرفة، لأنهم كانوا يلازمونه ليلاً ونهاراً. ومن ثم ليس من المعقول إطلاقاً أن يكونوا قد ظنوا أن شخصاً ما هو المسيح، حتى إذا كان يشبهه. لأنه إذا تشابه بعض الناس إلى حد ما في وجوههم، فإنهم يختلفون من جهة أصواتهم ومعلوماتهم وعاداتهم وأخلاقهم وتجاربهم مع غيرهم.

2 - (إن المسيح ظهر لتلاميذه بروحه في رؤيا، فانخدعوا واعتقدوا أنه قام من بين الأموات) .

الرد: فضلاً عن أن الأرواح بعد خروجها من أجسادها لا تظهر للبشر، وأن ما يقال عن ظهورها لهم، لا يتعدى مجال الحلم بها أو التوهم بحضورها، الأمر الذي لا يدع مجالاً لهذا الإعتراض نقول:

(أ) إن المسيح لم يظهر لتلاميذه في هيئة روح بل في ذات جسده كما ذكرنا فيما سلف. وقد تأكد من هذه الحقيقة ليس تلميذ واحد بل تلاميذه جميعاً، فقد نظروه بعيونهم ولمسوه بأيديهم وسمعوا صوته بآذانهم. فضلاً عن ذلك قدموا له طعاماً فأكل قدامهم، كما أخذ يعلمهم ويجيبهم عن أسئلتهم مثلما كان يفعل من قبل تماماً.

(ب) إن تلاميذ المسيح كانوا يفرقون تماماً بين الرؤيا والرؤية. فأطلقوا على الأولى إسم الغيبة أو الغيبوبة . ومن أمثلتها الرؤيا التي ظهرت لحنانيا (أعمال 9: 10) ، ولبطرس (أعمال 10: 10) . ولكن عند حديثهم عن ظهور المسيح لهم كانوا يعلنون أنهم رأوه بذاته، كما ذكرنا.

وهكذا الحال من جهة بولس الرسول الذي آمن بالمسيح بعدهم، فإنه كان يفرق بين الرؤيا والرؤية مثلهم، فيسجل لنا في (أعمال 16: 9 ، 22: 17 ، 2 كورنثوس 12: 1) ما شاهده من رؤى. ولكن عند حديثه عن ظهور المسيح له (أعمال 9) يقرر أنه كان في وقت اليقظة وليس في رؤيا أو غيبوبة.

3 - (إن ظهور المسيح لتلاميذه بعد موته، تم بعملية استحضار الأرواح) .

الرد: بالرجوع إلى الظروف التي كان التلاميذ يرون المسيح فيها، لا نجد هناك شرطاً من الشروط التي يقال بوجوب توافرها لاستحضار الأرواح. فالتلاميذ (أولاً) لم يأتوا بوسيط يحضر روح المسيح (لو فرضنا جدلاً إمكانية حدوث ذلك) حتى يتحدثوا معه (ثانياً) إنهم لما رأوه، لم يكونوا في حجرة مظلمة أو في حجرة بها لون خاص من الإضاءة، كالحجرات التي تستخدم في استحضار الأرواح (كما يقولون) ، بل كانوا إما في حجرة ضوءها معتاد، أو في بستان في الخلاء، أو في طريق عام، أو على شاطئ بحر، أو سفح جبل. (ثالثاً) إنهم لم يروا المسيح في أي مكان من هذه الأمكنة في هيئة روحية كالأرواح التي يقال باستحضارها، بل رأوه في ذات جسده الذي عرفوه من قبل. وقد تأكدوا بوسائط متعددة من وجود هذا الجسد له، إذ رأوا المسيح فيه بعيونهم ولمسوه بأيديهم، كما أعطوه طعاماً فأكل قدامهم كما ذكرنا.

ولذلك ليس هناك مجال للظن بأن ظهوره لهم كان بواسطة عملية استحضار الأرواح، إن كان هناك مجال لاستحضارها.

4 - (إن قول تلاميذ المسيح بظهوره لهم بعد موته، يرجع إلى اعتقادهم بالرجعة التي كان يؤمن بها فريق من اليهود من قبل) .

الرد: بالرجوع إلى تاريخ اليهود نرى أن الذين كانوا يتمسكون بالإعتقاد بالرجعة، أو بالحري برجوع يشوع ابن نون (الذي كان يقود أجدادهم في حروبهم بعد موسى النبي) إلى الأرض بعد موته، لكي يقودهم مرة أخرى في الحرب ضد أعدائهم من الفرس وغيرهم. وبرجوع إيليا النبي بعد صعوده إلى السماء، إلى الأرض أيضاً لكي يرشدهم ويهديهم كما كان يفعل من قبل، كانوا قد عدلوا عن اعتقادهم المذكور قبل الميلاد بمدة طويلة، إذ طغى عليه الإعتقاد بمجيء المسيا الذي سيقوم (حسب ظنهم) بإعادة الملك إليهم إلى الأبد. ومن ثم ليس هناك مجال للظن بأن تلاميذ المسيح قالوا بقيامته من بين الأموات بسبب اعتقادهم بالرجعة المزعومة.

5 - (إن تلاميذ المسيح كانوا يعتقدون أنه سيقوم بعد موته كما قال لهم من قبل، ومن ثم خيل لهم أنه قام، وأنه ظهر لهم وتحدث معهم أيضاً. ولذلك فأقوالهم عن قيامته كانت مجرد أوهام أو تهيؤات لا وجود لها في عالم الحقيقة، شأنها في ذلك شأن أوهام بعض الناس وتهيؤاتهم) .

الرد: (أ) إن المسيح وإن كان قد قال لتلاميذه إنه سيقوم بعد موته، لكن هذا القول لم يكن له وقع في نفوسهم، ومن ثم لم يفهموا منه شيئاً (مرقس 9: 30-32 ، لوقا 18: 31-22) ، لأن فكرة بقاء المسيح (أو المسيا) على الأرض إلى الأبد، وعدم تعرضه للموت بحال، كانت متسلطة وقتئذ على أذهانهم جميعاً، إذ أنها من صميم اعتقاداتهم القومية (يوحنا 12: 34) . ومن ثم عندما رأوه قد صلب ومات، تبددت ثقتهم فيه كالمسيا، وقطعوا الأمل نهائياً من جهته. والدليل على ذلك أن مريم المجدلية عندما وجدت القبر فارغاً، اعتقدت أن شخصاً ما أخذ جسد المسيح. وأن التلاميذ عندما سمعوا منها أنها رأت المسيح، لم يصدقوا في أول الأمر، كما بدا لهم حديثها وحديث غيرها من النساء كالهذيان. فضلاً عن ذلك فإن المسيح عندما ظهر فجأة لهم في الغرفة التي كانوا قد أحكموا غلقها، اعتقدوا في أول الأمر أنه روح من الأرواح. ولما أخبروا توما بعد ذلك أنهم رأوا المسيح، لم يصدق. وقال لهم: إن لم أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع أصبعي في أثرها، وأضع يدي أيضاً في جنبه (مكان الحربة) لا أؤمن.

وهكذا الحال من جهة تلميذي عمواس، فإنهما لم يفطنا في أول الأمر أن المسيح هو الذي كان يسير معهما، لأنه لم يكن يدور في خلدهم أن المسيح سيقوم من بين الأموات.

(ب) ولكن الحقيقة الواقعة هي أن تلاميذ المسيح آمنوا بقيامته، ليس لأنه قال لهم من قبل إنه سوف يقوم من الأموات، بل لأنهم (كما ذكرنا فيما سلف) تأكدوا من قيامته بأدلة متعددة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الذين أعلنوا أنهم رأوا المسيح بعد موته، ليس رسله فحسب (حتى كان يظن أن تأثرهم الشخصي بقوله عن وجوب قيامته بعد موته، هو الذي جعلهم يعتقدون أنه قام) ، بل إن الذين أعلنوا أنهم رأوه بعد موته كانوا أكثر من خمسمائة من أتباعه (1 كورنثوس 15: 6) .

وهؤلاء، فضلاً عن اختلاف أحدهم عن الآخر من جهة السن والطباع والثقافة والنشأة والمركز الإجتماعي، لا يمكن أنهم كانوا جميعاً على درجة واحدة من التأثر بقول المسيح السابق ذكره. ولذلك لا يعقل إطلاقاً أن يكونوا جميعاً قد انخدعوا، فاعتقدوا أنهم رأوا المسيح، والحال أنهم لم يروا إلا صورة ذهنية كانت تختلج في نفوسهم من جهته.

(ج) كما أن الذين رأوا المسيح، لم يروه عن بعد، أو رأوه برؤية خاطفة (حتى كان يظن أنهم لم يتحققوا من شخصيته) ، بل رأوه عن قرب، وفي فترات طويلة أيضاً. كما أنهم لم يروه فقط وهم مجتمعون معاً (حتى كان يظن أنهم انخدعوا تحت تأثير ما) ، بل رأوه أيضاً كأفراد في أوقات متفرقة، وتجاذب كل منهم أطراف الحديث معه بصفة شخصية.

أضف إلى ما تقدم أنهم لم يروه في مكان مهجور أو مظلم (حتى كان يظن أنهم رأوا شبحاً لا حقيقة له) ، بل كانوا يرونه في بيت اعتادوا الإقامة فيه، وفي طريق ألفوا السير عليه، وعند شاطئ بحر كانوا يعرفون كل بقعة منه، وفي مكان من الجليل كانوا يترددون بكثرة عليه. كما أنهم لم يروه فقط في المساء (حتى كان يظن أن بصرهم قد خدعهم) ، بل رأوه أيضاً في الصباح (يوحنا 21: 4-17 ، ومرقس 16: 2) ، وفي العصر (لوقا 24: 13-21) ، حيث تظهر الأمور على حقيقتها - ومع كل فتلاميذ المسيح لم يكونوا من الأشخاص ضعاف الأعصاب الذين تبدو أمامهم الأشباح في بعض الأحيان حقائق، بل كان معظمهم من طبيعة خشنة اعتادت السير في البحار وركوب الأخطار، وكان الباقون بحكم نشأتهم وأعمالهم يتميزون (كما يتضح من تاريخ حياتهم والمهن التي كانوا يقومون بها) ، إما بالتدقيق والتأني، أو الحيطة والحذر، أو الشك والتردد، الأمر الذي يجعلهم أبعد ما يكون عن التأثر بالأوهام والتخيلات.

(د) أخيراً نقول (أولاً) لو كانت رؤية التلاميذ للمسيح من باب التهيؤات، لكانوا قد قابلوها بفرح وابتهاج وليس بشك واضطراب كما رأينا فيما سبق، ولكانوا أيضاً قد سمعوا أمراً بالكرازة بالإنجيل ليس لكل الأمم، بل لليهود فحسب، لأنهم كانوا يريدون أن يحتفظوا بالمسيح لشعبهم اليهودي بسبب احتقارهم لهذه الأمم. (ثانياً) إن التهيؤات التي يمكن أن تجول في أذهان بعض الناس عن شخص ما، لا يمكن أن تكون بعينها عند البعض الآخر، بل لا بد أنها تختلف من إنسان إلى آخر تبعاً لحالته النفسية أو اختباراته الشخصية، بينما الحالة التي أعلن تلاميذ المسيح (على الرغم من الإختلافات الكثيرة التي كانت بين بعضهم والبعض الآخر) أنهم رأوه بها، في كل مرة من المرات التي كانوا يشاهدونه فيها، هي حالة واحدة، وهذه الحالة هي وجوده في ذات جسده الذي عرفوه من قبل. (ثالثاً) إن التلاميذ عندما أعلنوا عن رؤية المسيح، لم يكونوا في حالة التفكير فيه أو الشوق إليه، حتى كان يظن أن تفكيرهم وشوقهم هما اللذان جعلاهم يتوهمون أن المسيح ظهر لهم، بل كانوا منصرفين وقتئذ إنصرافاً تاماً إلى المحافظة على أرواحهم (يوحنا 20: 19) ، أو الحصول على الطعام اللازم لهم (يوحنا 21: 13) . كما أننا إذا نظرنا إليهم كأفراد نرى أن مريم كانت تجهش في البكاء، والنساء كن خائفات مرتعبات، وبطرس كان يقع تحت تأنيبات ضميره اللاذعة، وتلميذي عمواس كانا يتأسفان لعدم تحقيق أملهما في الخلاص من الرومان، وتوما كانت تساوره الشكوك وتستبد به. (رابعاً) إن التهيؤات والتخيلات تكون في أول الأمر واضحة، ثم تقل في الوضوح شيئاً فشيئاً حتى تتلاشى بمرور الزمن، بينما منظر المسيح بالنسبة إلى تلاميذه، كان واضحاً كل الوضوح في كل مرة قالوا برؤيتهم له فيها، كما أنهم لم يسمعوا من المسيح حديثاً واحداً في كل مرة كان يظهر لهم فيها، بل كانوا يسمعون منه في كل مرة حديثاً يختلف عن الحديث الذي كانوا يسمعونه منه في المرة السابقة لها، وذلك تبعاً للأسئلة التي كانوا يتقدمون بها إليه، واستمر الأمر على هذا المنوال زهاء أربعين يوماً، انقطعت بعدها رؤيتهم له وأحاديثه معهم دفعة واحدة. (خامساً) إن حماس التلاميذ في نشر خبر قيامة المسيح لم ينته بانتهاء الأربعين يوماً، التي أعلنوا أنهم كانوا يرونه فيها، بل ظل طوال حياتهم على الأرض، على الرغم من الإضطهاد الذي كانوا يقابلون به من كهنة اليهود، والتهكم الذي كانوا يقابلون به من فلاسفة اليونان. ولذلك لا يمكن أن تكون رؤيتهم للمسيح ضرباً من التهيؤات أو التخيلات على الإطلاق.


2 الآراء الخاصة بسرقة جسد المسيح أو تحلله أو عدم العثور على قبره

1 - (إن يوسف الرامي سرق جسد المسيح من القبر وأخفاه في مكان لا تتجه إليه الأنظار. لأن هذا القبر كان ملكاً له، وكان قد أحاطه ببستان يعتز به، فخشي على هذا البستان من التلف بسبب كثرة الناس الذين كانوا عتيدين أن يزوروا القبر المذكور. ولذلك فالقول بقيامة المسيح من الأموات ليس له نصيب من الصواب) .

الرد (أ) إن يوسف الرامي هذا، كان رجلاً باراً كريماً، كما قيل عنه إنه كان مشيراً (أو مستشاراً) شريفاً (مرقس 15: 3) . وهو الذي تجاسر وطلب من بيلاطس أن يأذن له بدفن جسد المسيح، كما أنه هو الذي كفن هذا الجسد باحترام عظيم ودفنه في قبره الخاص. لذلك لو كان قد أراد نقل جسد المسيح للسبب المزعوم، لما التجأ إلى طرق التهريب التي لا يلجأ إليها إلا الرعاع، بل إلى الطرق القانونية التي تتبع في مثل هذه الحالة.

(ب) ولو فرضنا جدلاً أنه فكر في السرقة، لما استطاع إليها سبيلاً، لأن القبر كان محروساً بثلة من الجنود كانوا في غاية اليقظة والإنتباه. كما أنه ليس من المعقول أن يكون قد قدم لهم رشوة ما، حتى يسمحوا له بأخذ جسد المسيح. لأنه بالإضافة إلى مكانته الأدبية السامية التي ترفعه عن هذا التصرف، فإن الجنود كانوا يهوداً (متى 37: 62-66) موالين لرؤساء الكهنة، وكانوا بطبيعة الحال يكرهون يوسف والتلاميذ لعلاقتهم بالمسيح. وفي الوقت نفسه، كانوا تحت إشراف ضابط روماني يهابونه ويعملون له حساباً كبيراً. فضلاً عن ذلك لم يكونوا من البلاهة بمكان حتى يعرضوا أنفسهم للإعدام في سبيل الحصول على شيء من المال كما ذكرنا فيما سلف.

(ج) ولو فرضنا أن يوسف سرق جسد المسيح قبل مجيء الحراس، مع أنه لا يمكن أن يكون قد جال بنفسه هذا الخاطر وقتئذ - لتأثره الشديد بصلب المسيح - لكان رؤساء الكهنة والحكام قد أجروا تحقيقاً مع جميع أتباع المسيح وفي مقدمتهم يوسف هذا، لأنه كان موالياً للمسيح ومن أتباعه المخلصين، ليس فقط لأن سرقة أجساد الموتى جريمة يعاقب عليها القانون، بل لكي يقضوا أيضاً على الشهادة بقيامة المسيح التي كانت تزعجهم، وتحول كثيرين من اليهود عن ديانتهم. لكن بالرجوع إلى التاريخ لا نرى أنه قد حدث تحقيق بهذا الشأن، الأمر الذي يدل على أن جسد المسيح لم يسرق على الإطلاق.

(د) ولو فرضنا أيضاً أن يوسف قد مات قبل إجراء أي تحقيق بشأن جسد المسيح، لكانت العذراء على الأقل قد عرفت بواسطة بعض الناس، المكان الذي يقول المعترضون إن يوسف دفن فيه جسد المسيح بعد سرقته إياه (لأنه لا يعقل أن يكون يوسف قد قام بمفرده بالسرقة إن كان قد قام بها) ، إذ أنها تتطلب دحرجة حجر كبير لا يمكن لأقل من بضعة رجال أشداء دحرجته. ولكان قد عرفه أيضاً غيرها من المؤمنين والمؤمنات وحافظوا على رفات المسيح فيه بكل إجلال واحترام. لكن القبر المعروف لدى جميع المسيحيين وغير المسيحيين من فجر المسيحية إلى الآن، وهو القبر الفارغ، وهذا دليل واضح على أن المسيح قام من الأموات كما ذكرنا.

(ه ) أخيراً نقول إن المسيح لم يكن له أحباء كثيرون في ذلك الوقت، حتى كان يوسف يخشى على بستانه من كثرة زيارتهم لقبر المسيح، فتلاميذه كانوا وقتئذ قليلين. كما أنهم لضعفهم وخوفهم من اليهود لم يبد على أحدهم نية القيام بزيارته (يوحنا 20: 19) . فإذا أضفنا إلى ذلك، أن المنديل الذي كان ملفوفاً حول رأس المسيح، والأكفان التي كانت محيطة بجسده، وملتصقة بعضها بالبعض الآخر بمزيج المر والعود كما ذكرنا فيما سلف، وجدهما التلاميذ واليهود داخل القبر في نفس الموضعين اللذين كانا فيهما بالنسبة إلى رأس المسيح وجسده عند دفنه، وبنفس الهيئة التي كانا ملفوفين بها عندئذ، دون أن تنحل عقدة من عقدهما أو طية من طياتهما، وكأنهما لا يزالان يحويان جسد المسيح بكامله، اتضح لنا بدليل ليس بعده دليل، أن جسد المسيح لا يمكن أن يكون قد سرق، بل لا بد أن يكون قد نفذ من بين الأكفان بطريقة معجزية، تاركاً هذه الأكفان كما هي، لأن السارق كان يسرق الجسد بالأكفان المحيطة به. ولو أراد أن يسرقه وحده (وإن كان هذا أمراً مستبعداً، لأن السارق يريد أن يقوم بمهمته بكل سرعة حتى لا يراه أحد) ، لكان قد نزع الأكفان وألقى بها دون ترتيب أو نظام.

2 - (إن بيلاطس البنطي سرق جسد المسيح من القبر، لكي يغيظ اليهود الذين أرغموه على صلب المسيح) .

الرد: (أ) إن بيلاطس لم يكن بحكم مركزه في حاجة إلى من يذكره بأنه لو أقبل على سرقة جسد المسيح، لافتضح أمره. لأن الحراس الذين كانوا حول قبر المسيح كانوا حراس الهيكل اليهودي الموالين للكهنة، ولذلك كانوا بحكم مركزهم وديانتهم يكرهون بيلاطس كل الكراهية. ولو فرضنا أنه أجزل العطاء لكل منهم، فليس من المعقول أن يحفظوا جميعاً سر السرقة (إن كانت قد حدثت) عن كهنتهم. كما أنه لو كان قد سرق جسد المسيح قبل مجيء الحراس، لما استطاع أن يقوم بذلك بمفرده، لأن الحجر الذي كان على فوهة القبر لم يكن من الممكن دحرجته إلا بواسطة بضعة رجال أشداء - وهؤلاء مهما كان شأنهم ليس من المعقول أن يحتفظوا بسر السرقة طوال حياتهم، لا سيما إذا كانت هناك مكافآت مغرية من كهنة اليهود، لكل من يرشدهم عن جسد المسيح (إن كان قد سرق) ، ولتعرض بيلاطس تبعاً لذلك لهياج اليهود ضده وفصله من وظيفته، الأمر الذي كان يتحاشاه بكل قواه.

(ب) أما لو كان بيلاطس يريد أن يغيظ اليهود، لكان قد أخفى المسيح عنهم قبل صلبه بوسيلة ما، أو أرسله إلى روما تحت حراسة جنود من الرومان، ليحاكم أمام قيصر سيد البلاد الأعلى لديهم، أو أتى بشهود تنفي دعوى اليهود ضد المسيح، أو بوسيلة غير هذه الوسائل. فإذا أضفنا إلى ما تقدم أن بيلاطس كان يسعى لإرضاء اليهود حتى يظل محتفظاً بوظيفته. وأنه كان من الجبن بمكان، حتى أنه رضخ أمام رغبتهم الأثيمة، فأمر بصلب المسيح على الرغم من اقتناعه ببراءته، اتضح لنا أنه لا يمكن أن يكون قد سرق جسد المسيح، أو فكر في سرقته على الإطلاق.

3 - (إن مريم المجدلية ورفيقاتها لم يذهبن إلى القبر الذي كان المسيح مدفوناً فيه (كما جاء في الإنجيل) ، وذلك لسببين (الأول) إنهن كن يخشين مواجهة الجنود الذين كانوا يربضون هناك، (الثاني) لو فرضنا إنهن ذهبن إلى منطقة المقابر، لما استطعن الإهتداء إلى قبر المسيح، لأن الوقت الذي يقال إنهن ذهبن فيه وهو الفجر، لم يكن ليساعدهن على الإهتداء إلى هذا القبر-ولذلك فالمعقول أنهن ذهبن إلى قبر كان بالمصادفة مفتوحاً، وأن البستاني قال لهن عنه أنه قبر المسيح، ومن ثم لا يكون هناك دليل على أن المسيح قام من بين الأموات) .

الرد: فضلاً عن أن الذي أذاع خبر قيامة المسيح ليس فقط النساء المذكورات، بل أيضاً تلاميذه الذين تأكدوا من حقيقة قيامته (أولاً) بدخولهم إلى قبر المسيح وعثورهم على الأكفان وحدها بحالة تنبئ عن قيامة المسيح بقوة معجزية، من خلال هذه الأكفان (ثانياً) برؤيتهم للمسيح نفسه بعد ذلك مرات متعددة كما ذكرنا فيما سلف، الأمر الذي لا يدع مجالاً للدعوى التي نحن بصددها، نقول:

(أ) إن اليهود عينوا الجنود لحراسة قبر المسيح في اليوم التالي لصلبه، وذلك عندما تذكروا أنه كان قد قال لهم من قبل، أنه سيقوم من الأموات في اليوم الثالث فقد اجتمعوا ببيلاطس على انفراد في هذا اليوم، واتفقوا معه على وضع الحراس على القبر، لئلا (حسب زعمهم) يسرق التلاميذ جسد المسيح ويدعوا أنه قام من بين الأموات (متى 27: 62-66) . ومن ثم فالنساء المذكورات لم يكنّ على علم بوجود هؤلاء الحراس هناك. ومما يثبت هذه الحقيقة أنهن كن يتساءلن وهن في الطريق إلى القبر، ليس عمن يتوسط لهن لدى الحراس حتى يسمحوا لهن بوضع الأطياب على جسد المسيح، بل عمن يدحرج لهن الحجر عن باب القبر حتى يستطعن القيام بهذه المهمة (مرقس 16: 3) .

(ب) أما من جهة الشطر الثاني من الدعوى فنقول (أولاً) إن النساء المذكورات كن حاضرات عند دفن المسيح، ولذلك لا بد أنهن قد تأكدن من موضع قبره تماماً، إذ كانت لديهن النية من قبل أن يقمن بتعطير جسد المسيح في اليوم الثالث (لوقا 23: 55-56) . (ثانياً) إنهن وإن كن قد خرجن من بيوتهن في الفجر، غير أنهن وصلن إلى القبر في الصباح (مرقس 16: 2) ، الأمر الذي كان يساعدهن على الإهتداء إلى قبر المسيح بسهولة، (ثالثاً) ولو فرضنا جدلاً أنهن عجزن عن الإهتداء إليه، لكنّ قد ذهبن إلى صاحب القبر، فقد كان رجلاً مشهوراً في المدينة يعرفنه حق المعرفة، وكان من الممكن أن يهتدين بواسطته إلى القبر (رابعاً) فضلاً عن كل ما تقدم، فإن القبر الذي دفن المسيح فيه لم يكن في منطقة المقابر (أو بالحري في الجبانة) ، بل كان قبراً منفصلاً عنها، كما كان محاطاً ببستان خاص، ولذلك لم يكن من العسير الإهتداء إليه بحال. وبما أن النساء المذكورات وتلاميذ المسيح معاً وجدوا هذا القبر فارغاً إلا من الأكفان كما ذكرنا، إذن يكون المسيح قد قام فعلاً من بين الأموات.

(ج) وبالإضافة إلى ذلك، فإن رؤساء الكهنة الذين راقبوا دفن المسيح بأنفسهم، وختموا قبره بخاتمهم (متى 27: 66) ، ووضعوا عليه الحراس بعد ذلك، لا بد أنهم كانوا يعرفون موضعه حق المعرفة، ولا بد أنهم ذهبوا إليه على أثر سماعهم بخبر قيامة المسيح للتحقق من صدقه، لأن هذا الخبر كان يزعجهم كثيراً كما ذكرنا - ولو كانوا قد عثروا على جسد المسيح، لكانوا قد أظهروه للوالي وللتلاميذ ولليهود جميعاً، ولكان خبر قيامة المسيح من بين الأموات قد اندثر تماماً. وإذا كان الأمر كذلك، فلا مجال للدعوى التي أمامنا أو غيرها من الدعاوى.

4 - أخيراً يقول المعترضون: (إن جسد المسيح لم يدفن في قبر يوسف الرامي كما جاء في الكتاب المقدس، بل دفن في المقبرة العامة التي كان يدفن فيها الفقراء والمجرمون الذين يحكم عليهم بالصلب. ونظراً لأن تلاميذ المسيح لم يذيعوا خبر قيامته من بين الأموات أمام كهنة اليهود، إلا بعد خمسين يوماً من دفنه، لم يكن من الممكن وقتئذ الإستدلال على جسده، لأن معالمه كانت قد ضاعت، ومن ثم لا يكون هناك دليل على أن المسيح قام من الأموات) .

الرد: (أ) إن تلاميذ المسيح وإن كانوا لم ينادوا بقيامته جهرا أمام كهنة اليهود إلا ابتداء من اليوم الخمسين لصلبه تقريباً أو بالحري ابتداء من اليوم الذي حل فيه الروح القدس عليهم وأيدهم بالقوة الروحية التي كانت تنقصهم (أعمال 2: 1-24) ، غير أن خبر قيامته كان قد بلغ هؤلاء الكهنة بواسطة الحراس في اليوم الثالث لصلب المسيح، لأنه لو لم يكن قد قام من بين الأموات في هذا اليوم كما قال تلاميذه، لكذبهم هؤلاء الحراس وقضوا على شهادتهم في الحال. فضلاً عما تقدم، فإن الألسنة كانت تتناقل خبر قيامة المسيح في كل المجتمعات (إذ أن الذي أذاعه لم يكن نفراً قليلاً، بل كان أكثر من خمسمائة شخص) ، ومن ثم لا بد أن يكون هذا الخبر قد بلغ مسامع الكهنة بوسيلة ما. ولو كان إشاعة لا نصيب لها من الصواب، لكانوا قد قضوا عليه في الحال، بواسطة التحقيق القانوني مع التلاميذ كما سبقت الإشارة.

(ب) ولو فرضنا جدلاً أن المسيح دفن في المقبرة العامة، وأنه لم يقم من بين الأموات، وأن رؤساء الكهنة لم يبلغهم خبر قيامته إلا بعد خمسين يوماً من صلبه، لما كان يتعذر عليهم الحصول على بقايا جسده، لأنه دفن تحت إشرافهم وعلى مرأى منهم. ولو فرضنا جدلاً أنه لم يبق له أثر، لكانوا قد استطاعوا إسكات التلاميذ عن المناداة بقيامة المسيح، وذلك بتقديم أي جسد بال لهم، من المقبرة العامة (التي يقول المعترضون إن المسيح دفن فيها) ، بدعوى أنه جسد المسيح. وما كان التلاميذ يعترضون على الإطلاق، لو كانوا غير متأكدين من قيامته كل التأكد. وإذا كان الأمر كذلك، يكون استمرار تلاميذ المسيح في شهادتهم بقيامة المسيح، وعدم قدرة رؤساء الكهنة على إخماد هذه الشهادة بأي وسيلة من الوسائل، دليلين لا يمكن دحضهما على أن المسيح قام من بين الأموات، كما ذكرنا مراراً وتكراراً.


3 الآراء الخاصة بهروب المسيح دون صلبه، أو بهروبه بعد صلبه

1 - (إن المسيح هرب عندما حاول اليهود القبض عليه، ولذلك صلبوا شخصاً آخر عوضاً عنه ظنوا أنه المسيح، وفي اليوم الثالث وقف المسيح على قبر الشخص المذكور، وأعلن لتلاميذه أنه قام من بين الأموات، فصدقوه) .

الرد: (أ) إن المسيح لم يكن جباناً أو رعديداً، بل كان شجاعاً وجريئاً، فقد واجه الأعداء الجبابرة قبل أن يواجهوه، ومن ثم سقطوا جميعاً صرعى عند قدميه (يوحنا 18: 6) . كما كان في وسعه (لو أراد) أن يتجنب تألب اليهود عليه من أول الأمر، وذلك بالكف عن توبيخ رجال الدين على شرورهم ونقائصهم (متى 23: 13-36) ، لذلك فالقول بأن المسيح هرب عندما حاول اليهود القبض عليه لا نصيب له من الصواب.

(ب) كما أن اليهود لا يمكن أن يكونوا قد صلبوا شخصاً عوضاً عن المسيح ظنوا أنه هو، لأنه كان معروفاً لديهم كل المعرفة، فقد كانوا يلتفون حوله من وقت لآخر لكي يجادلوه في أمور الدنيا والدين، وكان يفحمهم ويوقعهم في الشراك التي كانوا ينصبونها له (متى 22: 15-40) ، كما أنه كثيراً ما كان يوبخهم بسبب نقائصهم وشرورهم، كما ذكرنا. فضلاً عن ذلك فإن المعجزات الباهرة التي كان يقوم بها بين الفينة والفينة، وتعاليمه السماوية الرائعة التي كانت تنطلق من شفتيه في كل مكان يحل فيه (يوحنا 7: 45 و46) ، لا بد أن هذه جعلته معروفاً لديهم كل المعرفة أيضاً.

فإذا أضفنا إلى ما تقدم (أولاً) أن الشخص الذي قبض اليهود عليه ليصلبوه، حوكم أمام رجال الدين ثلاث مرات، آخرها أمام السنهدريم في الصباح الباكر، وبعد ذلك حوكم أمام كل من هيرودس الملك وبيلاطس الوالي من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحاً، وذلك بحضور جماهير كثيرة من الناس (ثانياً) أنه ظل مصلوباً من الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الثالثة بعد الظهر على مرأى من الخاص والعام، الأمر الذي ينفي وقوع أي اشتباه بشأن شخصيته (ثالثاً) أنه كان قد قال لليهود قبيل القبض عليه أَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! 53éإِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَل كِنَّ هذهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ (لوقا 22: 52-53) ، وقال للنساء اللاتي كن يبكين عليه لَا تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلَادِكُنَّ، لِأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَالْبُطُونِ التِي لَمْ تَلِدْ وَالثُّدِيِّ التِي لَمْ تُرْضِعْ (لوقا 23: 28 و29) . وقال لبيلاطس عندما كان يحاكمه مملكتي ليست من هذا العالم (يوحنا 18: 30) و مملكتي ليست من هذا العالم (يوحنا 18: 30) و الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ (يوحنا 19: 11) . وقال للّه عن صالبيه يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ (لوقا 23: 34) . وقال بعد ذلك للعذراء مريم عن يوحنا الرسول يا إمرأة هوذا إبنك ، وقال ليوحنا عنها هوذا أمك لكي يعتني بها ويرعاها (يوحنا 19: 26-27) اتضح لنا أنه كان هو المسيح بعينه.

(ج) أخيراً نقول إن المسيح كان كاملاً كل الكمال في كل تصرفاته، لذلك لا يمكن أن يكون قد خدع تلاميذه، فقال لهم إنه قام بعد موته، والحال أنه قد هرب من الموت. فإذا أضفنا إلى ذلك أنه لو كان شخص غير المسيح قد صلب عوضاً عنه، لكان قد ظل في قبره إلى الأبد. اتضح لنا أن القبر الفارغ دليل لا يقهر على أن المسيح هو الذي صلب. وإذا كان الأمر كذلك، فإن الدعوى التي أمامنا لا نصيب لها من الصواب مثل غيرها من الدعاوى.

2 - (إن التلاميذ، وفي مقدمتهم يوسف الرامي، طلبوا من بيلاطس الوالي أن يأمر بوضع مساند تحت قدمي المسيح عندما كان معلقاً على الصليب، حتى لا يقع ثقل جسده على ذراعيه ويسبب له الإرهاق المميت. كما طلبوا منه أن يأمر بعدم كسر ساقيه حتى لا يسيل منه دم غزير ويموت في الحال. ومن ثم فالمسيح عندما أنزل عن الصليب لم يكن ميتاً بل مغمى عليه فحسب، والدليل على ذلك أنه لما طعن بالحربة خرج منه دم وماء. وعندما وضع في القبر البارد بعد ذلك، استعاد نشاطه وهرب إلى بلاد فارس، متنكراً في زي بستاني كما رأته مريم المجدلية. وفي هذه البلاد أخذ يعلم الناس ويرشدهم حتى وافته المنية. ومما يثبت ذلك أن الفرس كانوا يعتقدون أن ماني فيلسوفهم هو رسول المسيح) .

الرد: (أ) إن تلاميذ المسيح كانوا من الفقراء الذين لا حول لهم ولا طول، ومن ثم لم يستطيعوا أن يصمدوا أمام اليهود عندما قبضوا على المسيح، بل هربوا وتواروا عن الأنظار، مما يدل على أنه لم يكن لهم المركز الذي يؤهلهم للتوسط لدى الوالي لكي يظهر شيئاً من العطف على المسيح. كما أن يوسف الرامي لم يكن ليقوى على التوسط لديه من جهة هذا الأمر، لأن بيلاطس نفسه لم يستطع التوسط لدى اليهودمن جهته من قبل، حرصاً على وظيفته التي كان يعتز بها. ولذلك كان الإلتماس الذي قدمه يوسف الرامي لبيلاطس مقصوراً على السماح له بدفن جسد المسيح بعد موته. وحتى هذا الإلتماس البسيط لم يكن من السهل على يوسف القيام به، لأن الوحي يسجل عنه أنه تجاسر وطلب جسد يسوع من بيلاطس. وقد أجابه بيلاطس إلى التماسه هذا، لأن دفن المسيح في قبر يوسف لا يغضب اليهود أو يثيرهم، إذ أن غرضهم الأول والأخير كان ينحصر في القضاء على المسيح. وما دام المسيح قد مات، فإن الحقد الذي كان في قلوبهم من نحوه لم يعد له أثر فيها. أما لو كان بيلاطس قد وضع مساند تحت قدمي المسيح، لكان اليهود قد قاوموه، بل وهددوه أيضاً برفع أمره إلى قيصر، ولكان بيلاطس قد أذعن لهم كما فعل من قبل، حرصاً على وظيفته كما ذكرنا.

(ب) أما السبب في عدم كسر ساقي المسيح، فلا يرجع إلى الرغبة في الإبقاء على حياته كما يقول المعترضون، بل يرجع إلى أنه كان قد مات فعلاً على الصليب، لأن الغرض من كسر ساقي المصلوب هو التعجل بموته. وما دام المسيح كان قد مات من تلقاء نفسه كما يتضح لنا من الكتاب المقدس، لم يكن هناك ما يدعو إلى كسر ساقيه - وطبعاً ما كان اليهود والرومان الذين كان هدفهم الوحيد أن يقضوا على المسيح قضاء تاماً، ليتركوا ساقيه دون كسر، لولا أنهم كانوا على يقين تام من أنه مات فضلاً عن ذلك، فإن واحداً من الرومان وجه إلى جنب المسيح بعد موته، بوحشية لا مثيل لها، طعنة قوية بالحربة، خشية أن يكون فيه بعد (حسب ظنه) رمق من الحياة، فيقضي بالطعنة المذكورة على هذا الرمق. وذلك لكي لا يبقى هناك مجال للشك لدى أحد ما، في أن المسيح مات فعلاً، ولكي يجنب أيضاً نفسه وزملاءه مسئولية المحاكمة القانونية التي كان يتعرض لها كل من يسمح بنزول مصلوب قبل موته.

(ج) كما أن خروج الماء والدم من جنب المسيح بعد طعنه بالحربة، لا يدل على أنه كان على قيد الحياة وقتئذ، لأن الدم (كما يقول الأطباء) يتحلل في بعض حالات الوفاة الفجائية إلى خثارة حمراء ومصل مائي، ويظل على هذا الحال بضع ساعات. وبما أن المسيح مات على الصليب قبل المدة التي يموت فيها أضعف شخص يعلق عليه بأكثر من 18 ساعة، كان من البديهي أن يخرج منه دم وماء عندما طعن بالحربة - فإذا أضفنا إلى ذلك أن موت المسيح كان قد تأيد على لسان الذين فحصوه (يوحنا 21: 33) ، كما أن رؤساء الكهنة كانوا حريصين على التحقق من موته قبل دفنه، لأنهم كانوا ينظرون إليه كألد عدو يهدد كيانهم (يوحنا 12: 19) كما ذكرنا، لا يبقى أي مجال للظن بأنه كان حياً قبل دفنه.

(د) ولو فرضنا جدلاً أن المسيح دفن قبل أن يموت، فليس من المعقول أن يكون قد خرج من القبر، لأن شخصاً جلد 40 جلدة، واجتازت المسامير في يديه ورجليه وقطعت بعض عروقه وأعصابه، ثم اخترقت الحربة بعد ذلك جنبه ومزقت بعض أحشائه، لا يستطيع (إن كان لم يمت) أن يستعيد قواه ويسحب نفسه من تحت 50 كيلو جراماً من المر والعود (ألصقت طيات أكفانه بعضها ببعض من جهة، وألصقتها بجسده من جهة أخرى) تاركاً إياها كلها كما كانت حول جسده. ثم يرفع بمفرده من الداخل حجراً عن القبر لا يستطيع أقل من بضعة رجال أشداء وهم في الخارج أن يرفعوه، وبعد ذلك يفلت من أيدي حراس مدججين بالسلاح في غاية اليقظة والإنتباه، ويقطع على قدميه رحلة شاقة طويلة إلى بلاد نائية ليس له فيها أقرباء أو أصدقاء، ولا يعرف شيئاً عن لغة أهلها أو عاداتهم.

كما أنه ليس من المعقول أن يكون المسيح بعد خروجه من القبر (إن كان لم يمت كما يقال) ، قد قام بالهروب إلى البلاد المذكورة، تاركاً تلاميذه (أحب الناس إليه) معرضين لبطش اليهود وعدوانهم، وتاركاً أيضاً الرسالة التي سلمها لهم تحت رحمة الظروف والأقدار، لكي يموت في هذه البلاد موت الضعيف الجبان. لأنه كان في وسعه (لو كان قد أراد) أن يتجنب الصلب من أول الأمر كما ذكرنا، ومن ثم كان يستطيع أن يعيش دون ألم أو عناء.

(ه ) أما من جهة القول (بتنكر المسيح في زي بستاني) ، ففضلاً عن أن المسيح لم يكن جباناً، الأمر الذي لا يدع مجالاً للقول المذكور، فالمسيح لم يلبس مطلقاً هذا الزي، بل أن مريم المجدلية هي التي ظنت أنه البستاني، لأنه لم يكن يخطر ببالها أن الشخص الذي أتت لتضع الحنوط على جسده في القبر، هو الذي كان يقف على مقربة منها. ومما يثبت أن عدم توقع حدوث أمر، يكون مدعاة للشك فيه إذا حدث، أنه عندما سجن بطرس الرسول وأعدت العدة لقتله، أخذ المؤمنون يصلون لأجله، فأنقذه اللّه من السجن بمعجزة عظمى، ومن ثم ذهب في الحال إلى هؤلاء المؤمنين لكي يبشرهم بالإحسان الذي صنعه اللّه معه، وأخذ يقرع على بابهم لكي يفتحوا له، لكنهم لم يصدقوا في أول الأمر أنه هو بعينه (أعمال 12) .

أخيراً نقول إن المعترضين لا يعتمدون على الحقائق التاريخية الثابتة، بل على الشائعات التي لا سند لها، إذ فضلاً عن أنه ليس كل من قال عن نفسه إنه رسول للمسيح، أو قال غيره إنه كذلك، يكون في الواقع رسولاً له، فليس هناك كتاب تاريخي يثبت أن ماني كان رسولاً من رسل المسيح. إذ أن كل الكتب التاريخية تثبت أن رسله جميعاً كانوا من سكان فلسطين ومن ثم لا يجوز الأخذ بالرأي الذي نحن بصدده أيضاً.


4 الآراء الخاصة بتأليف خبر قيامة المسيح أو نقله من الأساطير الوثنية، والرد عليها

1 - (إن المسيح لم يقم بعد موته، بل إن تلاميذه هم الذين ابتدعوا خبر قيامته من بين الأموات، لكي يخلدوا ذكراه وينشروا المبادئ التي نادى بها في حياته) .

الرد فضلا عن البراهين التي ذكرناها فيما سلف، عن صدق شهادة تلاميذ المسيح، الأمر الذي لا يدع مجالا لهذا الإعتراض نقول:

(أ) إن التلاميذ لم يكونوا من رجال الفلسفة أو الأدب أو الإجتماع الذين يهمهم تخليد ذكرى شخص ما أو نشر مبادئه في العالم، بل كان معظمهم من صيادي السمك الذين لم ينالوا قسطاً من التعليم سوى الكتابة والقراءة، والذين لم يكن يهمهم في الحياة سوى الحصول على قوتهم وقوت أولادهم (يوحنا 21: 30) . وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم لم يكونوا في أول الأمر يدركون شيئاً عن أهمية قيامة المسيح وما يترتب عليها من فوائد ونتائج، حتى يدعوا أنه قام من بين الأموات، ويتحملوا في سبيل هذا الإدعاء الكثير من الإضطهاد والآلام. لذلك لا بد أنهم نادوا بقيامته لتأكدهم منها بأنفسهم كل التأكد.

(ب) إن الذين يعمدون إلى تزوير حادثة ما، يبذلون كل ما في وسعهم لتجنب وقوع أي اختلاف بينهم بشأنها، فلا يذكر أحدهم (مثلاً) خبراً لم يذكره غيره، وذلك على النقيض مما فعله تلاميذ المسيح. فإذا أضفنا إلى ذلك (أولاً) أن هؤلاء التلاميذ لم يحاولوا مطلقاً تفسير أي تصرف من التصرفات التي سجلوها عن المسيح، بل رووها جميعاً كما هي (ثانياً) أنهم لم يتستروا على أخطائهم ونقائصهم وتوبيخ المسيح لهم، بل سجلوا كل ذلك بالتفصيل، اتضح لنا أنهم كانوا صادقين كل الصدق في ما كتبوه عنه.

(ج) فإذا أضفنا إلى ما تقدم (أولاً) أن تلاميذ المسيح كانوا (كما يشهد التاريخ) ، على مستوى عال من الأخلاق الكريمة التي تأبى عليهم المناداة بغير الحقيقة. (ثانياً) أن خبر قيامة المسيح من الأموات كان بعيداً في أول الأمر عن أذهانهم كل البعد، لأن آمالهم كانت تدور حول مسيا أرضي يطيح بسلطة الرومان ويوليهم رؤساء في مملكته التي يؤسسها لهم. (ثالثاً) وأنهم لو حاولوا تأليف قصة عن قيامة المسيح لاحتاجوا إلى وقت طويل، حتى يحبكوا تفاصيلها ويظهروها بمظهر معقول أو قريب من المعقول، وليس إلى ثلاثة أيام فقط كانوا في أثنائها في حالة الحزن والإضطراب التي لا تسمح لهم بالقيام بمثل هذا العمل. (رابعاً) أنهم نشروا خبر قيامة المسيح بين الناس الذين عاصروه وعرفوا كل شيء عنه، وبين أعداء ألداء كانوا يتربصون لهم ويحاولون إلصاق أي تهمة بهم لكي يقضوا عليهم قضاء تاماً، ومع ذلك لم يتعرض واحد منهم لتكذيبهم أو تخطئتهم - اتضح لنا أنه لا يمكن أن يكونوا قد ابتدعوا خبر قيامة المسيح، بل لا بد أنه خبر صادق كما ذكرنا.

(د) هذا وقد شهد الأستاذ العقاد بصدق رسل المسيح فقال ومن بدع (أهل) القرن العشرين سهولة الإتهام، كلما نظروا في تواريخ الأقدمين، فوجدوا في كلامهم أنباء لا يسيغونها وصفات لا يشاهدونها ويعقلونها. ومن ذلك اتهام الرسل بالكذب فيما كانوا يثبتونه من أعاجيب العيان وأعاجيب النقل. ولكننا نعتقد أن التاريخ الصحيح يأبى هذا الإتهام، لأنه أصعب تصديقاً من القول بأن أولئك الدعاة أبرياء من تعمد الكذب والإختلاق. فشتان عمل المؤمن الذي لا يبالي الموت تصديقاً لعقيدته، وعمل المحتال الذي يكذب، ويعلم أنه يكذب، وأنه يدعو الناس إلى الأكاذيب مثل هذا لا يقدم على الموت في سبيل عقيدة مدخولة، وهو أول من يعلم زيفها وخداعها. وهيهات أن يوجد بين الكذبة العامدين من يستبسل في نشر دينه، كما استبسل الرسل المسيحيون. فإذا كان المؤلف الصادق من يأخذ بأقرب القولين إلى التصديق، فأقرب القولين إلى التصديق أن الرسل لم يكذبوا فيما رووه، وفيما قالوا إنهم رأوه، أو سمعوا ممن رآه (عبقرية المسيح ص 118-189) .

2 - (إن تلاميذ المسيح نقلوا خبر قيامته من بين الأموات من الأساطير الوثنية) .

الرد: إن معظم تلاميذ المسيح كانوا كما ذكرنا فيما سلف من صيادي السمك البسطاء، ومهنة مثل هذه ليست كمهنة التجارة التي تفسح المجال أمام المشتغلين بها لمعرفة أخبار العالم وعقائد الساكنين فيه، بل أنها مهنة تفرض على أصحابها ملازمة البيئةالتي يعملون فيها، وتحصر أفكارهم في الأخبار والعقائد الموجودة في بلادهم. فضلاً عن ذلك كانوا من اليهود المتدينين الذين يحطون من شأن الوثنيين ويعتبرونهم نجسين، ومن ثم كانوا لا يتحدثون معهم أو يخالطونهم ومن جهة أخرى فإنه بالرجوع إلى عقائد الوثنيين أو بالحري إلى أساطيرهم، لا نرى فيها أسطورة عن إنسان قال الوثنيون إنه قام بعد موته، كما نادى التلاميذ عن المسيح. والدليل على ذلك أن اليونانيين كانوا يستهزئون عندما سمعوا التلاميذ ينادون بقيامة المسيح من الأموات (أعمال 17: 22) ، الأمر الذي لا يدع مجالاً للرأي الذي نحن بصدده. ومع ذلك نذكر فيما يلي أساطير الوثنيين التي يقال إنه ورد فيها شيء عن القيامة من الأموات أو العودة إلى الحياة، لكي يتضح بطلان هذه الدعوى من أساسها.

(أ) فالبابليون بسبب رغبتهم في أن تظل نساؤهم في حوزتهم، زعموا أن الإله تاموز أحب إشترا أو عشتاروت إلاهة الحب وتزوج منها. لكن لم يمض على هذا الزواج وقت طويل حتى أبغضته وقتلته، ثم أخذت بعد ذلك تبحث عن زوج آخر عوضاً عنه، ولكنها لم تجد. وأخيراً ذهبت إلى عالم الموتى لكي تخرج تاموز منه، فقبض عليها ملك هذا العالم، وبعد أن سامها العذاب لقتلها تاموز، سمح لها أن تأخذه، وبذلك عاد تاموز إلى الأرض.

(ب) وقدماء المصريين، بسبب رغبتهم في إعلان قوة الخير، زعموا أن إله الشر ست كان يبغض أخاه إله الخير أوزيريس . لذلك قتله ومزق جثته إلى 72 قطعة، رمى كل قطعة منها في مكان خاص. ومع ذلك استطاعت إيزيس زوجة أوزيريس أن تجمع القطع المذكورة، وأن تعيد زوجها إلى الحياة، ومن ثم أصبح خالداً، أو بالحري خالداً في نظرهم.

(ج) وقدماء اليونان بسبب رغبتهم في تعليل اختفاء القمح من الحقول ستة شهور، زعموا أن ملك الهاوية أحب بروسفوني إلاهة القمح ، واختطفها إلى مملكته، فشكت أمها (إلاهة الزراعة) إلى جوبيتر رب الآلهة عندهم ما أصاب ابنتها. فأمر ملك الهاوية بإطلاق سراح بروسفوني وإعادتها إلى الأرض. لكن لأن هذا الملك كان قد أحب بروسفوني حباً جماً، لم يطلق سراحها إلا بعد أن أعطاها من طعام الهاوية. ونظراً لأن من خصائص هذا الطعام أنه يجذب كل من يأكل منه إلى الهاوية بعد مفارقته لها، لذلك كانت بروسفوني تعود إلى الهاوية مرة كل عام وتبقى فيها ستة شهور متتالية (وهي المدة التي تختفي فيها الحبوب من الأرض) ، وبعد ذلك تظهر على الأرض مرة ثانية، وهكذا دواليك.

(د) وبسبب رغبة اليونانيين أيضاً في تعظيم الديمقراطية وتحريض الناس على الدفاع عنها، زعموا أن بروميتيه بعد أن ساعد جوبيتر في القضاء على أعدائه والإرتقاء إلى مركز رب الآلهة عندهم، حقد جوبيتر عليه وعزم على إهلاكه وإهلاك البشر معه. لأن بروميتيه كان يحبهم ويساعدهم في كل شؤونهم، لذلك صلبه على جبل القوقاز وأمر فلكان أن يعذبه. فأخذ هذا يغرس حديداً محمياً بالنار في جسم بروميتيه، كما أهاج النسور عليه لتمزق جسده. وبينما كان بروميتيه على هذه الحال، أتته عرائس البحر وعرضن عليه أن يتوسطن له لدى جوبيتر، فرفض. وأخيراً أتاه هرقل فأنقذه ورفع مكانته.

مما تقدم يتضح لنا أن قيامة المسيح من الأموات لا يمكن أن تكون قد نقلت عن الأساطير الوثنية، بل لا بد أنها حادثة حقيقية كما اتضح لنا في الأبواب السالفة. وقد أدرك هذه الحقيقة الأستاذ عباس محمود العقاد فقال كانت الدعوة المسيحية كما روتها الأناجيل دون أن يتعمد كتابها تطبيق أحوال التطور، أو تلتفت أذهانهم إلى معنى تلك الأحوال ثم قال إن أصحاب هذه الملاحظات (أو بالحري الفلاسفة العصريين) اتخذوا تشابه المراسيم والأخبار دليلاً على تلفيق تاريخ السيد المسيح. ويبدو لي أن نشوء علم المقابلة بين الأديان هو الذي دفع أصحابه في القرن الثامن عشر إلى تحميل المشابهات والمقارنات فوق طاقتها . كما قال ليس من الصواب أن يقال إن الأناجيل جميعاً عمدة لا يعول عليها في تاريخ السيد المسيح، وإنما الصواب أنها العمدة الوحيدة في كتابة تاريخه، وسواء رجعت هذه الأناجيل إلى أصل واحد أم إلى أكثر من مصدر، فمن الواجب أن يدخل في الحسبان أنها هي العمدة التي اعتمد عليهم قوم هم أقرب الناس إلى عصر المسيح، وليس لدينا نحن بعد قرابة ألفي عام عمدة أحق منها بالإعتماد (عبقرية المسيح ص 126 وكتاب اللّه ص 149-153) .

  • عدد الزيارات: 15141

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.