Skip to main content

شبهات شيطانية حول العهد القديم

شبهات شيطانية حول سفر التكوين

اتهامات ضد أسفار موسى الخمسة

قال المعترض الغير مؤمن: وردت قصة الخلق مرتان في الأصحاحين الأول والثاني من سفر التكوين. في الأصحاح الأول ذكر أن الله خلق الإنسان ذكراً وأنثى، ولكن الأصحاح الثاني يقول إن الله خلق آدم ثم خلق حواء . وهذا تناقض في أصحاحين متتاليين .

وللرد نقول بنعمة الله : القصة تحكي أمراً واحداً هو خلق أبوينا الأولين. وردت القصة مختصرة في الأصحاح الأول ومفصَّلة في الأصحاح الثاني، لأن الأصحاح الأول ذكر القصة كجزء من قصة الخليقة كلها، وفصَّلها النبي في الأصحاح الثاني فذكر كيف خُلق آدم من التراب وحواء من إحدى أضلاع آدم، ووصف لنا مشاعر آدم قبل خلق حواء وبعده، وأورد القصيدة الشعرية الأولى في التاريخ، والتي نظمها آدم لما رأى زوجته، أم كل حي.

القصتان متكاملتان.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 1: 3 وقال الله: ليكن نور فكان نور وفي تكوين 1: 14 وقال الله لتكن أنوار في جَلَد السماء . ألم يخلق الله النور في آية 3؟

وللرد نقول بنعمة الله : الذي يعترض بهذا يكشف جهله العلمي، فكل من درس عن الغيوم السديمية التي يعرفها كل علماء الفلك يدرك أنه كانت هناك عصور أنوار كونية قبل أن تتشكل الشمس. فكانت أضواء الغيوم السديمية تضيء الكون.

قال المعترض الغير مؤمن: في تكوين 2: 2 يقول إن الله استراح وفي إشعياء 40: 28 يقول إن الله لا يكلّ ولا يعيا. وهذا تناقض. فالذي يتعب هو الذي يستريح .

وللرد نقول بنعمة الله : كلمة استراح معناها أنه انتهى من العمل الذي قام به خالقاً. لكن الله لم يتوقف عن العناية بخليقته، فهو ضابط الكل. ويقول المسيح: أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل (يوحنا 5: 17).

راجع تعليقنا على خروج 31: 17.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر التكوين 2: 17 وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت . وهذا خطأ، لأن آدم أكل منها ولم يمت في يوم الأكل، بل عاش بعده أكثر من 900 سنة، كما جاء في تكوين 5: 5 .

وللرد نقول بنعمة الله : هناك ثلاثة أنواع من الموت: (1) الموت الجسدي الذي ينهي الحياة هنا على الأرض. (2) الموت الروحي، وهو الانفصال عن الله نتيجة الخطية، كما وصف الأب ابنه الضال أنه كان ميتاً وضالًا وهو في البُعد عن أبيه، فصار حياً ووُجد لما رجع إلى بيت أبيه (لوقا 15: 24). (3) الموت الأبدي في جهنم النار. وقد مات آدم الموت الروحي لما عصى الله. قال بولس الرسول: وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا (أفسس 2: 1). فلما تعدى آدم الوصية حُرم رضا خالقه، واستوجب سخطه، وأصبح عرضةً للأتعاب والأمراض. ولا ينتهي هذا الحال الأليم إلا بانحلال الجسم وانفصال الروح من الجسد. ففي يوم أكله من الشجرة دبت فيه أسباب الموت، وهذا هو معنى قوله: يوم تأكل منها موتاً تموت . فمن وقت الأكل حُرم من رؤية الله، وخسر صورته المقدسة، واستوجب عقاب خالقه. وليس هو وحده فقط بل ذرّيته معه، لأنه كان نائباً عنها. وهذا هو عهد الأعمال. ونيابة آدم عن ذريته ففي الأعراف 172. إذ أخذ ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وورد في الحديث: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فأكل الشجرة فنسيت ذريته، فخطئ آدم فخطئت ذريته . أخرجه الترمذي وغيره. وعندما أخطأ آدم وحواء جاء الحديث عنهما بصيغة المثنَّى في الأعراف 19-22 ، ولكن العقاب الذي حلّ بهما جاء في صيغة الجمع، لأن آدم وحواء جرّا ذريتهما للخراب، فقال الله لهما في الأعراف 24 اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدو .

ولما أخطأ آدم استوجب سخط الخالق، وهذا هو الموت الأكبر.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 2: 18 ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معيناً نظيره وهذا يتناقض مع وصية بولس في 1 كورنثوس 7: 27 والتي تقول: أنت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا يبحث بولس في 1كورنثوس 7: 27 موضوع الزواج إن كان محللًا أو محرماً. ونجد رأي الرسول في قوله: لكنك وإن تزوجت لم تخطئ وإن تزوجت العذراء فلم تخطئ (1كورنثوس 7: 28). ومن هذا يتضح أن بولس لا ينظر إلى الزواج كخطية أو أمر يعترض عليه.

(2) نجد تفسير نصيحة بولس هذه في عدد 26 لسبب الضيق الحاضر حسنٌ للإنسان أن يكون هكذا (أي غير متزوج). فسبب نصيحة بولس هذه هو الضيق الذي كان واقعاً على المؤمنين في ذلك العصر. ومن له زوجة وأولاد في ذلك كان بالطبع يتألم أكثر كثيراً مما لو كان منفرداً بنفسه، إذ يشعر بعبء الآلام الواقعة على عائلته علاوة على ما يقع عليه شخصياً. فمعنى كلام بولس أنه بإزاء هذه الظروف يكون المسيحي غير المتزوج أخف حملًا من المتزوج. وكل غرضه أن يوفر على المؤمنين أتعاباً كهذه (انظر عددي 28 و40).

(3) قال الرسول بولس في عدد 32 فأريد أن تكونوا بلا همّ. غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضي الرب، أما المتزوج فيهتم بما للعالم كيف يرضي امرأته . فغير المتزوج يستطيع أن يعمل أكثر لامتداد الملكوت من المتزوج، فغير المتزوجين أصحاب المجال الأوسع لخدمة الرب هم الذين لهم موهبة ضبط النفس المشار إليها في آيات 7_9 ومن ليست له هذه الموهبة فالرسول ينصحه بالزواج.

(4) لا يناقض بولس قول الرب ليس جيداً أن يكون آدم وحده بل فقط يقول للكورنثيين إنهم يحسنون إن لم يتزوجوا بسبب تلك الظروف الخاصة بهم، وإن مجال خدمة الرب في هذه الحالة يتسع أمامهم. غير أن هذا موجَّه في أحوال خاصة واستثنائية.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 3: 8 عن آدم وحواء بعد أن أكلا من الشجرة المنهيّ عنها: فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة فهل هناك مكان يهرب فيه الإنسان من وجه الرب، بينما يقول داود النبي: أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب (مزمور 139: 7).

وللرد نقول بنعمة الله : الآية قد تعني (1) أن آدم وحواء هربا من ظهور الرب لهما بصورة فائقة، كما يحاول التلميذ الغشّاش أن يهرب من المعلمّ (2) أو أنهما ابتعدا عن المكان الذي كان الرب يظهر لهما فيه بهذه الصورة الفائقة، كما يرفض الشرير دخول بيت العبادة (3) أو أنهما ظنا أن يختبئا، بينما هما ظاهران لله الذي لا يُخفى عليه شيء.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 3: 16 في عقوبة حواء: إلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك . ولكننا نجد دبورة قاضيةً لبني إسرائيل، وقال لها باراق بخصوص محاربة الملك يابين: إنْ ذهبتِ معي أذهب ( قضاة 4: 4 و5 و14). فكان باراق خاضعاً لدبورة .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لم تكن دبورة زوجة لباراق، وزوجها اسمه لفيدوت. ولابد أن دبورة كانت زوجة فاضلة تخضع لزوجها كما تعلّمها الشريعة التي كانت تقضي بها للشعب. فليس في تصرّف دبورة تناقض مع تكوين 3: 16 .

(2) ولابد أن حالة الرجال كانت مستقرة مطمئنة روحياً واجتماعياً حتى التفَّ الشعب كله حول دبورة لمحاربة سيسرا العدو المغتصِب. كما أن قيادتها للشعب جعلت الملك يابين وقائد جيشه سيسرا يستهينان بقيادة بني إسرائيل، مما ساعد على إيقاع الهزيمة بهما.

(3) تكوين 3: 16 كان عقاباً لحواء على سقوطها. لكن في حالة فدائها يرتفع عنها الحكم القاسي، ويكون قانون الحياة الزوجية خاضعين بعضكم لبعض في خوف الله (أفسس 5: 21).

قال المعترض الغير مؤمن: لما ولدت حواء قايين قالت: اقتنيتُ رجلًا من عند الرب (تكوين 4: 1) والرب هنا هو يهوه في اللغة العبرية. ولكن جاء في خروج 6: 3 وأنا ظهرت لإبراهيم واسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء. أما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم . وهذا تناقض .

وللرد نقول بنعمة الله : هناك ثلاثة احتمالات:

1 - لم يكن اسم يهوه (ومعناه: الكائن) معروفاً عند القدماء بكل معناه العميق.

2 - لم يكن الله قد أعلن للقدماء كل الصفات الكامنة في هذا الاسم المقدس.

3 - لما كتب موسى التكوين سبق التاريخ، وكتب اسم يهوه في سفر التكوين، ولم يكن الله قد أعلن له هذا الاسم إلا وهو في عمر الثمانين، يوم دعاه الله ليخرج شعبه من مصر.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 4: 8 : وكلّم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله . وفي الترجمة السامرية والسبعينية لفظة تعال نخرج إلى الحقل .

وللرد نقول بنعمة الله : قوله: وكلّم قايين هابيل أخاه يعني أن قايين قَبْل جريمته تحدّث إلى أخيه ليخفي عنه القصد الذي يكتمه في قلبه. ويمكن أن يكون كلام الاستدراج إلى حيث لا يراه أحد وهو يقتله. ولا بد أن قايين قال ضمن ما قاله لأخيه: تعال نخرج إلى الحقل . فما جاء في الترجمة السامرية والسبعينية لا يتعارض مع سياق الكلام الوارد في النصّ العبري الأصلي. ولكن المعوَّل عليه هو النصّ العبري طبعاً.

قال المعترض الغير مؤمن: يقول تكوين 4: 15 كل من قتل قايين فسبعة أضعاف يُنتقم منه. وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده . وهذا يناقض تكوين 9: 6 سافك دم الإنسان، بالإنسان يُسفك دمه .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لم تتقرر شريعة القتل كقانون للمجتمع إلا بعد الطوفان (تكوين 9: 5 و6)، فلا يمكن سنّ قانون قبل أن توجد جريمة! ولم يعرف قايين أن القتل جريمة إلا بعد أن قتل أخاه، فاستيقظ ضميره وخاف من أن يقتله أحد. ولم يسمح الله بقتل قايين لأنه لم يكن يعرف الشريعة.

(2) كان قايين يتمنى أن يقبل الله تقدمته، فينال رضى الرب. ولما قتل أخاه غضب الله عليه، ولكنه لم ينسَ له حُسن نيته، ومقاييس الله غير مقاييس البشر، وموازينه أكثر حساسية من موازين بني آدم.

(3) لا بد أن الله رأى أن إماتة قايين ستضاعف حزن آدم وحواء، إذ يُفجعان في قايين وهابيل معاً! فأخذ آدم الأبوين في حسابات رحمته.

اعتراض على تكوين 5: 24

انظر تعليقنا على يوحنا 3: 13

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين التكوين 5: 32 و 11: 10 ففي الأول: وكان نوح ابن 500 سنة وولد نوح ساماً وحاماً ويافث وفي الثاني لما كان سام ابن مائة سنة ولد أرفكشاد بعد الطوفان بسنتين مع أن الطوفان حصل إذ كان نوح ابن 600 سنة (تك 7: 11) .

وللرد نقول بنعمة الله : لا يُفهم من قوله ولد نوح ساماً وحاماً ويافث أن ساماً كان الأكبر، فليست العِبرة هنا بتقديم الأسماء. فقد ذُكر سام في الأول لأنه سيكون أباً لإبراهيم ويعقوب وداود والمسيح. وفي تكوين 10 ذُكرت مواليد الثلاثة، فذُكر أولًا يافث (عدد 2) وحام (عدد 6) وثالثاً سام (عدد 21). فإذا لا عبرة من تقديم الأسماء وتأخيرها. ويُفهم من تك 10: 21 أن أكبر أولاد نوح يافث، ومن تك 9: 24 أن أصغر أولاده حام. فإذاً يكون سام الابن الثاني.

وقول الكتاب: وكان نوح ابن 500 سنة وولد نوح ساماً وحاماً ويافث أي لما كان ابن 500 سنة ابتدأ أن يلد أولاده، فولد أولًا يافث سنة 500 ، وسام سنة 501 ، ثم ولد سام ابنه أرفكشاد لما كان عمره 100 سنة (أي في منتصف السنة 101). فيكون أنه ولده بعد الطوفان بسنتين، باعتبار السنة التي وُلد فيها هو والسنة التي وُلد فيها ابنه تتوسطهما المئة سنة التي جاء بعدها الطوفان لما كان نوح أبوه ابن 500 سنة.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 6: 2 أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات، فاتخذوا لأنفسهم نساءً من كل ما اختاروه . فهل لله الأبناء وللناس البنات؟!

وللرد نقول بنعمة الله : هناك أربعة تفسيرات للتعبير أبناء الله (1) الشرفاء والنبلاء (2) الملائكة، ويؤيد هذا التفسير ما جاء في 2بطرس 2: 4 ويهوذا 6. وليس هذا هو المعنى المقصود هنا، فالملائكة لا يتزوجون (لوقا 20: 27_36) (3) أبناء شيث الصالح الذي وُلد بعد موت هابيل، عوضاً عن هابيل، وأن نسل هذا الرجل الصالح تزوج من بنات الناس أي نسل قايين القاتل. ولكن هذا التفسير لا يشرح كيف تكون مواليد هؤلاء جبابرة! (4) أبناء الله يعني الأقوياء، كما يُقال للجبل المرتفع جبل الله ولأشجار الأرز العالية أرز الله (خروج 3: 1). وأن هؤلاء تزوجوا من شريرات، فكان نسلهم متجبّراً في الأرض.

فليس لله الأبناء وللناس البنات! ولكن النبلاء تزوجوا من شريرات، والصالحون تزوجوا من غير صالحات. فجاء النسل بعيداً عن مخافة الله، يرفض توبيخ روح الله (راجع تكوين 6: 3) ووصفهم الله بأنهم زائغون، كثُر شرّهم في الأرض (تك 6: 5).

غير أننا نشكر الله أن الله من قبل الطوفان دعا البشر أولاده، وقد علّمنا المسيح أن ندعو الله قائلين: يا أبانا الذي في السموات (متى 6: 9).

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر التكوين 6: 3 فقال الرب: لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد. لزيغانه هو بشر، وتكون أيامه 120 سنة . وهذا خطأ، لأن أعمار الذين كانوا في سالف الزمان طويلة جداً. عاش نوح إلى 950 سنة، وعاش سام إلى 600 سنة، وعاش أرفكشاد 338 سنة، وهكذا .

وللرد نقول بنعمة الله : لما كان الله عازماً على إهلاك الإنسان بالطوفان لشرّه، لم يشأ أن يهلكه حالًا، بل تأنّى عليه، وحدَّد مدة ذلك التأني 120 سنة. فلم يقصد أن عمر الإنسان سيكون 120 سنة، بل أن الطوفان لا يأتي لهلاك البشر إلا بعد 120 سنة، وبعد ذلك ينجو التائب من الهلاك وتهلك كل نفس عاصية.

فإذا اعترض أنه ذُكر في تك 5: 32 أن نوحاً كان ابن 500 سنة، ثم جاء الطوفان وعمره 600 سنة، فيكون الفرق هو 100 لا 120 سنة فنجيب: لا ريب أن قول الرب عن الإنسان: وتكون أيامه 120 سنة كان قبل أن يبلغ عمر نوح 500 سنة. وإن كان قيل في 5: 32 وكان نوح ابن 500 سنة قبل أن يقول الرب عن الإنسان وتكون أيامه 120 سنة إلا أننا نجزم أن القول الثاني قيل قبل الأول لأن تك 5 خُصِّص كله للمواليد، وكانت الضرورة تحتم أن يُختَم بذِكر نوح وأولاده. إلا أن ما قيل من عددد 1_5 كان قبل أن يبلغ نوح السنة ال 500 من ميلاده، لأن الكلام من 6: 1 _ 7: 9 تاريخ لمائة وعشرين سنة. وكل ما قيل في 5: 32 من أن عمر نوح كان 500 سنة حين ابتدأ أن يلد بنيه، من المحتمل جداً أن الإنذار بالطوفان حصل قبله.

و في 1بطرس 3: 19 و20 إنها مدة أناة الله في أيام نوح، وهي ثلاثة أمثال مدة تجربة اليهود في البرية، وثلاثة أمثال المدة التي أعطاها الله لليهود بعد صلب المسيح إلى خراب أورشليم، فكان نوح كارزاً للبر لما كان عمره 480 سنة.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 6: 6 و7 فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه. فقال الرب: أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته، الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم . وورد في مزمور 106: 44 و45 : فنظر إلى ضيقهم إذ سمع صراخهم، وذكر لهم عهده، وندم حسب كثرة رحمته . وورد في 1صموئيل 15: 11 : ندمت على أني جعلت شاول ملكاً لأنه رجع من ورائي ولم يُقم كلامي . وفي آية 35 أن الرب ندم. فهل يندم الله؟! علماً بأن هذا يناقض ما جاء في سفر العدد 23: 19 ليس الله .. ابن إنسان فيندم .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) كتاب الله ناطق من أوله إلى آخره أن الله منزّه عن الندم والحزن والأسف وغيرها. ورد في عدد 23: 19 ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل، أو يتكلم ولا يفي؟ وفي 1 صموئيل 15: 29 : نصيح إسرائيل لا يكذب ولا يندم، لأنه ليس إنساناً ليندم . وفي يعقوب 1: 17 : كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران . وفي إشعياء 46: 9 و10 : لأني أنا الله وليس آخر، الإله وليس مثلي. مخبرٌ منذ البدء بالأخير، ومنذ القديم بما لم يُفعَل. قائلًا: رأيي يقوم وأفعل كل مسرتي . وفي ملاخي 3: 6 : لأني أنا الرب، لا أتغيّر .

(2) ندم الله لا يعني تغييره. إن الله لا يتغيَّر، فهو يكره الخطية ويعاقبها. فلو غيَّر إنسان موقفه من الخطية بالتوبة، فهل يبقى الله بدون تغيير في معاقبته للإنسان المخطئ التائب؟ .. والله يبارك المؤمن المطيع. فلو غيَّر مؤمن موقفه من الله وعصى، فهل يستمرالله يباركه؟ إن الله لا يتغيّر، لكن معاملته للإنسان تتغيَّر بتغيير موقف الإنسان من وصايا الله.

لقد سُرَّ الله بالإنسان لما خلقه، ثم حزن وتأسف وندم لما سلك الإنسان سبيل الشر.

ويقولون: يا حسرةً على العباد (يس 36: 30) والحسرة هي الندم. فالله في محبته يطيل أناته على العباد والكافرين ليتوبوا، ويرزق الصالحين والطالحين لينتبهوا إليه. فإذا لم يندموا ويتحسروا على خطاياهم يتحسر هو ويندم على سوء أفعالهم.

(3) القول: ندم الرب أو حزن معناه الشفقة والرقة والرحمة عند الرب. فلو أن أباً محباً أدّب ابنه لمخالفته إياه، فلما رأى ما حل به توجع لوجعه وتألم لألمه وتأسف وحزن وندم، مع أن الأب عمل الواجب في تقويم ابنه وتأديبه وخيره، فوضع كل شيء في محله. إنما أسفه وندمه وحزنه كله ناشئ من الشفقة والرحمة. ولا يجوز أن نقول في مثل هذا المقام إن أباه رحمه أو شفق عليه، بل نقول إن أباه ندم، وإن كان المراد بذلك الرحمة والشفقة. فعلى هذا القياس قال النبي إن الله ندم، والمراد به إعلان شفقة الله ورحمته وجوده وكرمه. ولا يمكن أن يؤتى بلفظة غيرها للتعبير عن رحمة الله في هذا المقام، فلا يجوز أن نقول: رحمهم بعد عقابه لهم . بل نقول ندم بعد العقاب والعذاب دلالة على رحمته. والدليل على ذلك أن النبي داود قال: وندم حسب كثرة رحمته .

(4) كأن المعترض لم يعرف أن استعمال مثل هذه الألفاظ البشرية في جانب الله جائز، ليقرّب لعقولنا الأمور المعنوية، فإن الله لا يخاطبنا بلغة الملائكة بل بلغتنا واصطلاحاتنا لندرك حقائق الأمور. وعلى هذا فهو يقول لنا إن الله ندم، بمعنى أنه غيَّر قضاءه بسبب تغيير الشروط التي سبق ووضعها. ولو أن هذا الندم يختلف عن ندم الإنسان، فالإنسان يندم بسبب عدم معرفته لما سيحدث. وهذا لا ينطبق على الله، الذي ليس عنده ماضٍ ولا مستقبل، بل الكل عنده حاضر.

فعندما نقول إن الله يحب ويكره ويتحسَّر ويندم، لا نقصد أن له حواس مثل حواسنا، وإنما نقصد أنها مواقف لله إزاء ما يفعله البشر.

(5) نسب القرآن لله النسيان والمكر والكيد وغيره. ورد في التوبة 9: 67 : نسوا الله فنسيهم . وورد في السجدة 32: 14 : فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنّا نسيناكم .

ونسب إليه صفة العجب: بل عجبتُ (الصافات 12) وقوله: إن تعجب فعجبٌ قولهم (الرعد 5). وصفة الرحمة كثيرة الورود في القرآن. وقال علماء المسلمين: كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تُفسَّر بلازمها . قال الإمام فخر الدين الرازي: جميع الأعراض النفسانية، أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء، لها أوائل ولها غايات. مثاله الغضب، فإن أوله غليان دم القلب، وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب. فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هو غليان دم القلب، بل على غرضه الذي هو إرادة الإضرام. وكذلك الحياء له أول وهو انكسار يحصل في النفس، وله غرض وهو ترك الفعل، فلفظ الحياء في حق الله يُحمَل على ترك الفعل لا على انكسار النفس . وقال الشيخ محيي الدين ابن العربي في الباب الثالث من الفتوحات: جميع ما وصف الحق تعالى به نفسه من خلق وإحياء وإماتة ومنع وإعطاء ومكر واستهزاء وكيد وفرح وغضب ورضا وضحك وتبشيش وقدم ويد ويدين وأيد وعين وأعين، وغير ذلك كله نعت صحيح لربنا، ولكن على حد ما تقبله ذاته وما يليق بجلاله .

ونسب القرآن إلى الله المكر، فورد في الرعد 13: 42 : فلله المكر جميعاً . وفي آل عمران 3: 54 : ومكر الله، والله خير الماكرين . قال المفسرون: أقواهم مكر الله وأحذرهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب . وفي الأعراف 7: 99 : أفأمنوا مكر الله . وفي الأنفال 8: 30 ويمكرون ويمكر الله . وفي النحل 27: 50 : ومكرنا مكراً .

ونسب القرآن إلى الله الكيد، فورد في الأعراف 7: 183 : إن كيدي متين . قال المفسرون إن أخذي شديد، وإنما سماه كيداً لأن ظاهره إحسان وباطنه خذلان. وفي القلم 68: 45 إن كيدي متين . وفي الطارق 86: 16 : وأكيد كيداً .

قال المعترض الغير مؤمن: في تكوين 6: 19 أمر الله نوحاً أن يأخذ معه إلى الفلك من الطيور كأجناسها ومن البهائم كأجناسها ومن كل دبابات الأرض كأجناسها اثنين من كل . وورد في تكوين 7: 8 و9 : من البهائم الطاهرة والبهائم التي ليست بطاهرة ومن الطيور وكل ما يدب على الأرض، دخل اثنان اثنان إلى نوح إلى الفلك ذكراً وأنثى . ولكن في تكوين 7: 2 و3 كان أمر الرب من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكراً وأنثى. ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكراً وأنثى .

وللرد نقول بنعمة الله : الأمر الأول كان أمراً عاماً (زوجين من كل البهائم والطيور) ولم يبين إذا كانت طاهرة أو غير طاهرة. ثم أوضح بعد ذلك بسطرين أن يأخذ من الطاهرة سبعة لاستبقائها ولتقديم الذبائح منها.

ونقدم الآيات بحسب ترتيبها، كالآتي:

1 - الله يأمر نوحاً أن يأخذ معه من كل أنواع الطيور والبهائم وذوات الأربع اثنين اثنين. فقال في تكوين 6: 19 و20 ومن كل حي من كل ذي جسد اثنين من كل تدخل الى الفلك لاستبقائها معك. تكون ذكراً وأنثى. من الطيور كأجناسها، ومن البهائم كأجناسها، ومن كل دبابات الأرض كأجناسها اثنين من كل تُدخل إليك لاستبقائها .

2 - على أن يزيد نوح عدد ما يمكن تقديمه كذبائح الطاهر طقسياً إلى سبعة، فيقول في تكوين 7: 2 و3 من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكراً وأنثى. ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكراً وأنثى. ومن طيور السماء أيضاً سبعة سبعة ذكراً وأنثى لاستبقاء نسل على وجه كل الأرض .

3 - أطاع نوح أوامر الرب، فيقول في تكوين 7: 7-9 فدخل نوح وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه إلى الفلك من وجه الطوفان. ومن البهائم الطاهرة والبهائم التي ليست بطاهرة ومن الطيور وكل ما يدب على الأرض دخل اثنان اثنان الى نوح الى الفلك، ذكراً وأنثى. كما أمر الله نوحاً .

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 7: 17 : وكان الطوفان أربعين يوماً على الأرض . وفي الترجمة السبعينية أربعين يوماً وليلة. زيدت لفظة ليلة على الأصل .

وللرد نقول بنعمة الله : المراد باليوم هو 24 ساعة، والدليل على ذلك قوله (آية 12): وكان المطر على الأرض 40 يوماً وأربعين ليلة . ثم اكتفى في آية 17 بأن قال: أربعين يوماً . وبصرف النظر عن هذه القرينة المأخوذة من الكلام السابق، فاليوم المصطلح عليه بين الناس هو 24 ساعة. ورد في القرآن في البقرة 2: 51 : وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة . وورد في الأعراف 7: 142 : وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر، فتم ميقات ربه أربعين ليلة . فهل كان موسى عند الله في الليالي فقط، وكان في النهار مع بني إسرائيل؟ كلا! فلو كان كذلك لما اتخذوا العجل. فإنهم اتخذوه لغيابه عنهم. وعليه فالمراد بالليلة 24 ساعة. وما أحسن عبارة التوراة : وكان عند الرب أربعين نهاراً وأربعين ليلة (خروج 34: 28).

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر التكوين 8: 4 و5 واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال أراراط. وكانت المياه تنقص نقصاً متوالياً إلى الشهر العاشر. وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال . فبين الآيتين اختلاف، لأنه إذا ظهرت رؤوس الجبال في الشهر العاشر، فكيف استقر الفلك في الشهر السابع على جبال أرمينية؟ .

وللرد نقول بنعمة الله : يبلغ ارتفاع جبل أراراط نحو 17750 قدماً عن سطح الأرض، فهو أعلى جبل في تلك الجهة. فلما استقر الفلك عليه لم تكن رؤوس الجبال الأقل منه ارتفاعاً قد ظهرت. وقد ظهرت بعد ثلاثة أشهر تقريباً. وقد عهدنا أنه لما يفيض النيل وتعم مياهه بلاد مصر، وينقطع نزول الأمطار في أواسط أفريقيا، تمكث المياه على الأراضي نحو ثلاثة أشهر على الأقل. هذا مع أنها تصب في البحر المتوسط. وهذا مثال تقريبي يوضح فساد اعتراض المعترض.

ثم أنه ليس شرطاً أن تكون رؤوس جبال أراراط ظاهرة فوق الماء حتى يمكن للفلك أن يستقر فوقها، إذ يمكن أن تكون رؤوس الجبال هذه تحت الماء، وأمكن لغاطس الفلك أن يستقر فوقها في الشهر السابع، حتى انحسرت مياه الفيضان في الشهر العاشر، فظهرت رؤوس الجبال.

قال المعترض الغير مؤمن: قال الله مخاطباً نوح وأولاده في تكوين 9: 3 كل دابة حية تكون لكم طعاماً كالعشب الأخضر . مع أن الشريعة الموسوية حرمت حيوانات كثيرة، منها الخنزير كما في لاويين 11 وتثنية 14 .

وللرد نقول بنعمة الله : المراد بقوله: كل دابة حية كل الحيوانات الطاهرة التي أمره أن يُدخل منها إلى الفلك سبعة سبعة ذكراً وأنثى (تكوين 7: 2). ولم يأمره الله بالإكثار من الحيوانات الطاهرة إلا للأكل وتقديم الذبائح، فإنه ورد في تكوين 8: 20 : وبنى نوح مذبحاً للرب، وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح . فكان نوح يعرف البهائم الطاهرة من غير الطاهرة.

وحتى إذا صرفنا النظر عن هذه القرائن لقلنا: إن المراد بلفظة كل هنا بعض كما في كليات أبي البقاء. قال: قد يكون كل للتكثير والمبالغة دون الإحاطة وكمال التعميم . كقول القرآن: وجاءهم الموج من كل مكان . ويُقال: فلان يقصد كل شيء أو يعلم كل شيء، فالمراد به البعض . فقوله: وكل دابة حية أي بعض. والمراد بهذا البعض الحيوانات الطاهرة.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 9: 20-27 أن نوحاً لما أراد أن يلعن ابنه حام، لعن حفيده كنعان بن حام وقال: ملعون كنعان! عبد العبيد يكون لإخوته (آية 25). فلماذا يتحمَّل الابن وزر أبيه، مع أن التثنية 24: 16 تقول إن الابن لا يناله العقاب بسبب أبيه؟ وهل توافق التوارة على أن الأخ يستعبد أخاه؟ .

وللرد نقول بنعمة الله : لا يوجد ما يدل على أن لعن كنعان جاء نتيجة خطية أبيه حام، فقد جاءت اللعنة نتيجة خطأ كنعان نفسه، وهو خطأ نراه في آية 24 التي تقول: علم (نوح) ما فعل به ابنه الأصغر . والابن الأصغر لنوح هو يافث. ولما كان نوح هنا لا يقصد يافث فيكون قصده أصغر فرد في العائلة، وهو كنعان، وهكذا لا يكون كنعان قد تحمّل وزر أبيه، بل تحمّل وزر نفسه.

ثم أن نوحاً كنبي استطاع بروح النبوَّة أن يرى الاتجاهات الروحية لأولاده وأحفاده،فقال ما قاله من بركة ولعنة وهو يرى بالروح ما سيفعلونه. فلم يتحمل كنعان وزر خطية أبيه حام.

أما من جهة العبودية، فقد كان هناك نوع من الاستخدام الرفيق من الإسرائيلي للإسرائيلي، حسب وصية لاويين 25: 46 أما إخوتكم بنو إسرائيل فلا يتسلّط إنسان على أخيه بعنف . كما يأمر خروج 21: 16 بقتل من يسرق إنساناً ليبيعه أو ليحتفظ به كرهينة. ويقول إشعياء إنالعبادة التي يقبلها الرب هي إطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كل نير (58: 6).

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 11: 5 فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما . وتكررت نفس الفكرة في تكوين 18: 20 ، 21 . فكيف ينزل الله؟ .

وللرد نقول بنعمة الله : كان بُناة برج بابل، وكذا أهل سدوم أردياء، وأبعد ما يكون عن مراحم الله، فكان الله بعيداً عنهم جداً، فأخذ الله سيف العدالة و نزل إلى دائرة مشاعرهم بطريقة مخيفة، ليعاقبهم. وقال علماء اليهود إن الله نزل من عرش رحمته إلى عرش قضائه، لأن الرحمة أعلى من القضاء.

وهذا تعبير إنساني يشرح لنا تدخُّل الله ليفعل ما يريد في دنيا البشر.

انظر تعليقنا على تكوين 18: 21

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 11: 26 وعاش تارح سبعين سنة وولد أبرام وناحور وهاران . وجاء في 11: 32 وكانت أيام تارح 205 سنين. ومات تارح في حاران . وجاء في 12: 4 فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط. وكان أبرام ابن 75 سنة لما خرج من حاران . وجاء في أعمال الرسل 7: 4 فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران، ومن هناك نقله بعد ما مات أبوه إلى هذه الأرض التي أنتم ساكنون فيها . وهذه الآيات متناقضة، لأنه إن كان تارح ابن 70 سنة لما ولد إبراهيم، ومات وعمره 205 سنة، فتكون سن إبراهيم عند موت أبيه 135 سنة. وإن كان قد ترك حاران عند موت أبيه فلا بد إذاً أن عمره كان 135 سنة عند وصوله إلى أرض الموعد. وهذا بحسب الظاهر يناقض ما جاء في تكوين 12: 4 حيث يقال إن عمر إبراهيم كان 75 سنة لما خرج من حاران .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) هذا الاستنتاج يستند على مجرد زعم لا يقتضيه النص وهو أن إبراهيم كان بكر أبيه ووُلد في سنة السبعين من عمر أبيه. صحيح أن تك 11: 26 يقول: وعاش تارح سبعين سنة وولد أبرام وناحور وهاران وهنا يذكر إبراهيم أولًا، ربما لأنه البكر، وربما أيضاً لأن إبراهيم أهم أولاد تارح، وهذا يكفي لذكره أولًا. فإذا قلنا (وهذا جائز) إن إبراهيم كان أصغر أولاد أبيه، وإنه وُلد لما كان عمر أبيه 130 سنة، فيكون عمره عند موت أبيه 75 سنة. وبناء عليه يكون تكوين 12: 4 وأعمال 7: 4 متفقين كل الاتفاق.

(2) وهناك وجهٌ آخر للمطابقة بين هذين الفصلين وهو أيضاً يلاشي الصعوبة: من المحتمل أن استفانوس لم يقصد من كلامه أن يدوّن بالترتيب الحوادث التاريخية في تاريخ إبراهيم البكر، ولكنه يراعي في ذكرها الترتيب الوارد في سفر التكوين، بصرف النظر عن التتابع التاريخي، لأن استفانوس في أعمال 7: 4 لم يكن غرضه أن يدوّن أحداث حياة إبراهيم بالترتيب، بل أن يذكر فقط الحوادث المهمة الواردة عنه. وهذا الحل لا يتعارض مع الحل المتقدم. وإذا قبلناه لا نجد تناقضاً بين ما جاء في التكوين وما ورد في سفر الأعمال.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 12: 1_5 أن الله دعا إبراهيم وهو في حاران، بينما يقول أعمال الرسل 7: 2_4 إن الله دعاه قبل أن يجيء إلى حاران .

وللرد نقول بنعمة الله : الذي يفتش عن الأخطاء يختلقها. لقد وجَّه الله الدعوة لإبراهيم ليذهب لأرض الميعاد قبل أن يجيء إلى حاران. ولما وصل إلى حاران أقام فيها، فعاد الله يدعوه من جديد ليتابع السَفَر إلى حيث دعاه أولًا ، وكانت المدة بين الدعوة الأولى والثانية خمس سنوات.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 12: 6 : وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وكذلك ورد في تكوين 13: 7 : وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض . فهاتان الآيتان ليستا من كلام موسى بل هما ملحقتان .

وللرد نقول بنعمة الله : ما هو الدليل على أنهما ليستا من كلام موسى؟ فهل هما تنافيان حقيقة تاريخية، أو هل هما تنافيان صفات الله وكمالاته؟ أو هلَّا توجد مناسبة بينهما وبين العبارات السابقة؟

إن كلام الله منزّه عن ذلك، ففي تكوين 12 قال موسى إن ابرام ولوطاً تغربا من وطنهما وقصدا أرض كنعان (ا ية 4)، ثم ذكر أن أبرام سافر إلى شكيم وكان الكنعانيون حينئذ في تلك البلاد. ففي آية 5 أفاد أن أبرام سافر إلى أرض كنعان وفي آية 6 قال إن الكنعانيين كانوا موجودين في تلك الجهة، وكذلك قال في تكوين 13: 7 فإن الكتاب أفادنا أن الأرض لم تسع لوطاً وابراهيم لكثرة مواشيهما، ومما زاد الأمر صعوبة وجود الكنعانيين والفرزيين في تلك البلاد.

راجع تعليقنا على تثنية 1: 1-5 .

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في التكوين 12: 11_13 أن إبراهيم طلب من زوجته سارة أن تقول إنها أخته ليكون لي خير بسببك، وتحيا نفسي من أجلك . ألا يدفع ذِكر هذه الحادثة القارئ على تقليد إبراهيم وارتكاب الكذب؟ .

وللرد نقول بنعمة الله : لو كان موسى (كاتب سفر التكوين) مدفوعاً بتفكيره الشخصي لحذَفَ هذه القصة التي تُخجل جده الأكبر. ولكن ذِكرها دليل على أن روح الله هو الذي ساقه ليسجّلها.

أما هدف الروح القدس من تسجيلها فهو أن يرينا أن كل البشر خطاؤون لأنه لا فرق، إذ الجميع أخطأوا .. متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بالمسيح. وليس هناك إنسان كامل إلا المسيح. وهذا يكشف لنا محبة الله التي ترحّب بالخاطئ الراجع إلى الله، كما يشجّعنا على التوبة، فلا توجد خطية مهما عظمت تحرمنا من رحمة الله عند التوبة عنها.

ومن المؤسف أن خطية إبراهيم هذه تكررت من ولده إسحق مع زوجته رفقة. كما كان يعقوب حفيد إبراهيم مخادعاً حتى توَّبه الله إليه. وهذا يكشف لنا شناعة الخطية.

وقد حاول البعض أن يدافعوا عن خطية إبراهيم بقولهم إنها كذبة بيضاء، فقد كانت سارة أختاً غير شقيقة لإبراهيم. وهذا صحيح أنها أخته غير الشقيقة. لكن الوحي المقدس يدين الكذب كله أبيضه وأسوده، وقد سجَّل لنا هذه الكذبة البيضاء على أنها خطية تستحق الإدانة.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 13: 16 وأجعل نسلك كتراب الأرض، حتى إذا استطاع أحد أن يعد تراب الأرض نسلك أيضاً يُعَد . وفي 22: 17 وأكثِّر نسلك تكثيراً كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر . وأولاده لم يبلغ مقدار عددهم رطل رمل في الدنيا في وقت من الأوقات، فضلًا عن مقدار رمل شاطىء البحر ورمل الأرض .

وللرد نقول بنعمة الله : لما كانت غاية الله أن يفهمنا الحقائق، خاطبنا بلغتنا المعروفة عندنا. وقد أنجز الله وعده، فنسل إبراهيم هم العرب واليهود. كما أن نسل إبراهيم المؤمن، هم الذين يؤمنون إيمانه، وقد صار عددهم لا يُحصى، ولا سيما أن المسيح الذي تباركت فيه قبائل الأرض هو من نسل إبراهيم. فما أكثر نسل إبراهيم الجسدي، وما أكثر نسله الروحي!

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 13: 18 و35: 27 و37: 14 لفظة حبرون، وهو اسم قرية كان اسمها في سالف الزمان قرية أربع. وادّعى المعترض أن بني إسرائيل بعدما فتحوا فلسطين في عهد يشوع غيّروا هذا الاسم إلى حبرون (يشوع 14: 15). فيكون ما ورد في سفر التكوين كلام شخصٍ عاش بعد هذا الفتح، فهو إذاً ليس من كلام موسى .

وللرد نقول بنعمة الله : كان يُطلق على تلك القرية اسم حبرون (بمعنى تحالف) قبل موسى بأجيال، بسبب التحالف الذي أبرمه إبراهيم مع الأموريين. وكان هذا الاسم شائعاً في عصر يعقوب (قبل موسى بمدة طويلة) والدليل على ذلك أنه ورد في تكوين 37: 14 أن يعقوب أرسل يوسف من وطاء حبرون وورد في عدد 13: 22 : وأما حبرون فبُنيت قبل صوعن مصر بسبع سنين . فدعاها موسى حبرون لأن هذا هو اسمها قبل عصره بأجيال. وكانت تسمى أيضاً قرية أربع لأنها كانت مسكن أربعة من العمالقة الجبابرة. ولم يقل في سفر يشوع 14: 15 إنه لما استولى بنو إسرائيل عليها سمّوها حبرون، وغيّروا اسمها الأصلي الذي هو قرية أربع، بل قال اسم حبرون قبلًا قرية أربع . ويُفهم من هذه العبارة أن بني إسرائيل أطلقوا عليها الاسم القديم وهو حبرون الذي كانت تُسمّى به وقت إبراهيم.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في التكوين 14: 14 لفظة دان مع أنها اسم بلدة عُمِّرت في عهد القضاة، فإنه بعد موت يشوع فتح بنو إسرائيل في عهد القضاة مدينة لايش وسموها باسم دان، كما في القضاة 18: 29 .

وللرد نقول بنعمة الله : دان الواردة في تكوين 14: 14 هي بلد غير المذكور في سفر القضاة 18: 29 ، وهي أقدم من لايش المذكورة في سفر القضاة، والدليل على قدمها هو أن كلمة أردن مؤلفة من كلمتي أور أي نهر، و دان أي القضاء. فاطلقت لفظ دان على الجهة المذكورة في تكوين 14: 14 وفي تثنية 34: 1 . أي أن موسى استعملها في محال كثيرة. أما لايش التي استولى عليها سبط دان وسماها باسم أبيهم فهي غير تلك الجهة.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 14: 14 أن لوطاً هو أخو إبراهيم، بينما جاء في تكوين 14: 12 إنه ابن أخيه! .

وللرد نقول بنعمة الله : كلمة أخ لها معنى أوسع من المعنى الحرفي، فالأخ هو القريب روحياً أو جسدياً (قارن العدد 40: 14 وراعوث 4: 13).

إن لوطاً هو ابن أخ إبراهيم (تكوين 11: 31) ولكن لما حدث الهجوم على لوط أسرع إبراهيم في تقديم العون له لأنه أخوه أي قريبه.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 15: 13 فقال (الرب) لأبرام: اعلم يقيناً أن نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم ويُستعبَدون لهم، فيذلونهم 400 سنة . وورد في الخروج 12: 40 وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت 430 سنة . فبين الآيتين اختلاف، فإما سقط من الأولى لفظ30 ، وإما زيد في الثانية .

وللرد نقول بنعمة الله : لا زيادة ولا نقصان ولا اختلاف ولا تناقض، فالنبي في سفر التكوين أخذ في الاعتبار زمن وعد الله لإبراهيم أن يرزقه بابن هو اسحق. ومن وقت مولد إسحق إلى خروج بني إسرائيل من مصر 400 سنة. أما في سفر الخروج فأخذ النبي في الاعتبار وقت تغرُّب إبراهيم من وطنه طاعةً لأمر الله، وهي مدة 430 سنة. فاختلاف المدة لاختلاف الاعتبارات.

فمن دعوة إبراهيم (أعمال 7: 2) إلى انتقاله من حاران (تكوين 12: 5) 5 سنين. ومدة إقامته في كنعان قبل مولد إسحق (تكوين 21: 5) 25 سنة. ولغاية مولد يعقوب (تكوين 25: 25 و26) 60 سنة، ولغاية المهاجرة إلى مصر (تك 46: 2 و3 و 47: 28) 130 سنة. ومدة إقامة بني إسرائيل في مصر 210 سنوات. فمجموع هذه السنين 430 سنة. فإذا طرحنا منها مدة الخمس السنين التي أقامها إبراهيم في حاران والخمس والعشرين سنة لغاية مولد إسحق كان الباقي 400 سنة كما في تك 15: 13 .

وقال الرسول بولس في غلاطية 3: 17 إنه من الوعد الذي وعد الله به إبراهيم كما في سفر التكوين 12: 1_5 إلى إعطاء الشريعة هو 430 سنة.

وإذا قيل: كيف ورد في سفر الخروج أن إقامة بني إسرائيل في مصر كانت 430 سنة؟

قلنا: في ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط، يُكتفى بأحدهما عن الآخر. وقد ورد في القرآن قوله: سرابيل تقيكم الحر أي والبرد، وخصّ الحرّ بالذكر لأن الخطاب للعرب وبلادهم حارة، والوقاية عندهم من الحرّ أهمّ لأنه أشد عندهم من البرد. والمقصود من الآية الوادرة في التوراة هو إقامة بني إسرائيل في مصر وفي كنعان أيضاً، والدليل على ذلك قول الرسول بولس إن ابراهيم وذريته أقاموا في أرض الموعد كأنهم في أرض غريبة (عبرانيين 11: 9) أي أنهم تغربوا في أرض كنعان.

وإذا قيل: لماذا اقتصر على ذكر مصر؟

قلنا: لأنها كانت مظهر آيات الله ومراحمه على بني إسرائيل، فقاسوا فيها الذل والعبودية وسامهم فيها المصريون سوء العذاب، فأنقذهم الله من ذلك بعجائبه الباهرة فرأوا في مصر حرجاً وفرجاً ويسراً وعسراً وعجائب تذهل العقول، بحيث أن تغرّبهم في أرض كنعان لم يكن شيئاً يُذكر بالنسبة إلى إقامتهم في أرض مصر. فاقتصر على ذكر مصر تنبيهاً لهم على مراحم الله التي لا تُستقصى. والمترجم في الترجمة السامرية واليونانية أدرج في أثناء ترجمته خروج 12: 40 لفظة كنعان و آباؤهم من باب الشرح، فقال: وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها (وآباؤهم) في مصر و(كنعان) فكانت 400 سنة . ولكن الأصل العبري موجود على أصله بدون زيادة ولا نقصان.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 17: 8 وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكاً أبدياً، وأكون إلههم . هذا خطأ، لأن جميع أرض كنعان لم تُعط لإبراهيم قط، وكذا لم تُعط لنسله مدة إلى الدهر، ولم يقع في الأراضي الأخرى مثل الانقلابات التي وقعت في هذه الأرض، ومضت مدة مديدة وقد زالت الحكومة الإسرائيلية عنها .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) جاءت هذه النبوة عندما كان إبراهيم بلا ذرية، وهذا شرط مهم في صحتها، فوعد الله إبراهيم أن يكون له ولذريته إلهاً، ويكثر نسله ويباركهم بالبركات الأرضية، فيعطيهم أرض كنعان ملكاً لهم إلى الأبد. وقد تمم الله وعده فنمت ذريته (خروج 1: 7 ، 9 ، 12 وعدد 23: 10 وتثنية 1: 10 و11) وأعطاهم أرض كنعان وأذل أعداءهم وفضّلهم على العالمين. ولكن لما انحرفوا عن شريعته ولم يتخذوه إلهاً لهم، أذلهم وأزال ملكهم لأن الرب اشترط دوام بركاته عليهم بأمانتهم لعهده. إن الله أمين مع البشر، غير أن الناس هم المتمردون. فلو أبقاهم وهم في حالة العصيان والشر والطغيان لكان ذلك منافياً لقداسته، والقرآن شاهد بأن المولى فضلهم على العالمين وفي محل آخر قال: ضربت عليهم الذلة والمسكنة .

وقد تمَّت هذه النبوات بنوع غريب (أنظر سفر العدد 22 وتثنية 2 ويشوع 3) فتمتع بنو إسرائيل بهذه الأرض نحو ألف سنة. ولما قضى الله على سبطي يهوذا وبنيامين بالسبي، أعلن أن ذلك يكون لمدة سبعين سنة. وتم ذلك فعلًا. ولما رفضوا المسيا وصلبوه، حكم عليهم بسبي أعظم ابتدأ على يد تيطس الروماني. شلمنأصر سبى العشرة أسباط، وتيطس سبى سبطي يهوذا وبنيامين.

(2) لم يعط الله الأرض لإبراهيم شخصياً، بل أعطاها له باعتباره مؤسس الأمة الإسرائيلية ونائبها، فأُعطيت له الأرض بصفته مؤتَمناً عليها. فهو المخاطب والمراد ذرّيته، فكان ما تمتلكه ذريته بمنزلة امتلاكه هو.

ووجوه المخاطبات في القرآن كثيرة، منها خطاب العين والمراد به الغير. كقوله: يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين (الأحزاب 33: 1). فقالوا إن الخطاب له والمراد أمته.

(3) قد يراد بقوله: أعطيك هذه الأرض إلى الأبد الإشارة إلى النعيم في السماء، لأن أرض كنعان كانت تشير إليه، فورد في عبرانيين 11: 8 و9: بالإيمان تغرَّب في أرض الموعد كأنها أرض غريبة، ساكناً في خيام مع اسحق ويعقوب الوارثَيْن معه لهذا الموعد عينه، لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله .

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 17: 20 وأما اسماعيل فقد سمعتُ لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً. اثني عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة . وقوله: اثني عشر رئيساً يلد نبوة عن الاثني عشر إماماً .

وللرد نقول بنعمة الله : جاء في تكوين 25: 13_16 إن هذا الوعد قد تم، وولد اسماعيل 12 رئيساً، وذُكرت أسماؤهم. وبعدهم قيل: هؤلاء هم بنو إسماعيل وهذه أسماؤهم بديارهم وحصونهم، اثنا عشر رئيساً حسب قبائلهم .

قال المعترض الغير مؤمن: هناك تناقض بين تكوين 18: 17 حيث يقول إن الرب ظهر لإبراهيم، وبين عبرانيين 13: 2 حيث يقول إن الذين ظهروا له كانوا ملائكة .

وللرد نقول بنعمة الله : ورد في التكوين 18 أن ثلاثة رجال زاروا إبراهيم، هم ملائكة ظهروا له بشكل رجال. وقد توجَّه اثنان منهم إلى سدوم وعمورة لتوقيع عقوبة الدمار على المدينتين.

أما أولهم وقائدهم المتقدم في الكلام فقد كان صاحب مكان متميّز،سجد له إبراهيم وقال له: يا سيد (تك 18: 2 و3) وعرف أن سارة قد ضحكت في باطنها (تك 18: 12). وله رفع إبراهيم طلبة العفو عن سدوم وعمورة، قائلًا: شرعت أكلّم المولى (تك 18: 27).

فرواية التكوين توضح أن الرب السيد و المولى الذي سجد له إبراهيم. ورواية العبرانيين تتحدث عن ظهورهم في شكل ملائكة. وكلاهما صحيح.

قال المعترض الغير مؤمن: في تكوين 18: 21 يقول الرب أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إليَّ، وإلا فأعلم . كيف لا يعلم الله إلا إذا نزل؟! .

وللرد نقول بنعمة الله : الحديث عن الله باللغة التي تُستعمل عند الإنسان كثير في الكتب المقدسة لتقريب الفكرة للناس. فقد اقترب الله من شعبه ليسمع صراخهم. والحديث بالطبع مجازي، فالله عالم بكل شيء ويدير الكون كله بقدرته التي لا ستوجد كلمات بشرية قادرة على وصفها. (راجع تعليقنا على تكوين 6: 6 و7 و11: 5).

قال المعترض الغير مؤمن: تزوجت الأخوة بالأخوات في عهد آدم، وسارة زوجة إبراهيم كانت أخته كما في تكوين 20: 12. هي أختي ابنة أبي، غير أنها ليست ابنة أمي، فصارت لي زوجة . وهو محرم كما في لاويين 18: 9 و20: 17 وتثنية 27: 22 فحدث نسخ. اللاويين نسخ التكوين .

وللرد نقول بنعمة الله : روى موسى حوادث حدثت قبل الوحي بنزول الشريعة، فروى أن إبراهيم اقترن بأخته من غير أمه. ولكن موسى لم يأت بشريعة تسمح بزواج الأخت من غير الأم ثم نسخها.

ثم أنه لم يوحَ لآدم ولا لإبراهيم شريعة بجواز زواج الأخت الغير الشقيقة ثم حرمها في شريعة موسى، وإنما هذا الزواج كان من العادات التي اصطلح عليها القدماء قبل شريعة موسى. وعلى كل حال فلا يوجد ناسخ ولا منسوخ.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 22: 1 وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم. فقال الله يا إبراهيم فقال. ها أنا ذا . ولكن جاء في يعقوب 1: 13 لا يقُلْ أحدٌ إذا جُرِّب: إني أُجرَّب من قِبَل الله، لأن الله غير مُجرَّب بالشرور وهو لا يجرب أحداً . كيف يجرب، وكيف لا يجرب؟! .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يجرب لها معنيان: صالح ورديء. فمعناها الصالح عندما تفيد امتحان الإنسان أو فحصه بحيث تظهر نيَّات قلبه حتى يستدل الناس ببرهان عملي على حقيقة أخلاقه. أما معناها الرديء فعندما تفيد إغواء الإنسان وإسقاطه في الشر لإهلاكه. وعليه فكل الضيقات التي يسمح الله بوقوعها علينا يمكن أن نسمّيها امتحانات وتجارب يُقصد بها خيرنا، فيليق بنا والحال هذه أن نرحب بها ونقبلها. ويعقوب الذي يقول إن الله لا يجرب أحداً، يقول في فاتحة رسالته: احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة، عالمين أن امتحان إيمانكم ينشيء صبراً (يعقوب 1: 2 ، 3). فمن هذا النوع كانت تجربة الله لإبراهيم، فبرهنت صدق وشدة إيمانه.

(2) أما المعنى الآخر للتجربة فهو مساعي الشيطان المستترة التي يقصد بها إيقاع الأذى روحياً على الناس فيعقوب بقوله إن الله لا يجرّب أحداً يقصد نوع التجربة السيء، أي جرّ الإنسان إلى الشر لجلب الشقاء عليه. فتجارب كهذه لا يمكن طبعاً أن تصدر من الله، الذي علّمنا أن نتلو الطلبة السادسة من الصلاة الربانية: لا تدخلنا في تجربة . قد أساء البعض فهم هذه الطلبة ظانين أنها تفيد أن الله يأتي بالتجارب على أولاده، بينما هي في الواقع لا تفيد هذا مطلقاً، ومعناها الحقيقي التوسل إلى الله أن يقودنا بحيث يفشل أعداؤنا الروحيون في مساعيهم التي يقصدون بها جذبنا إلى الخطية. فنقول: ارشدنا يا الله وقُدْنا حتى لا يجد الشيطان سبيلًا إلى وضع عثرة في طريقنا . فهذه الطلبة السادسة تشرح قول يعقوب إن الله لا يجرب أحداً.

قال المعترض الغير مؤمن: في امتحان الله لإبراهيم ناسخ ومنسوخ، فبعد أن أمر الله إبراهيم أن يقدم ابنه محرقة (تكوين 22: 2)، نسخ ذلك بتقديم الكبش عوضاً عن ابنه .

وللرد نقول بنعمة الله : نورد ملخص قصة امتحان الله لإبراهيم كما وردت في تكوين 22 ، وهو أن الله امتحن ابراهيم، فأمره أن يأخذ ابنه ويقدمه محرقة، فأطاع الأمر. ولما شرع في ذلك أمره أن يمتنع، ودبَّر له كبشاً قدمه محرقة عوضاً عن ابنه، فوعده الله أن يباركه ويبارك نسله. والغاية من امتحان الله لإبراهيم أن يُظهر للجميع إيمان ابراهيم بالله ومحبته له، وأن طاعة أمره كان عنده أفضل حتى من ابنه وحيده، وليظهر للعالمين أن الله لا يتخلى عن المحبين له المتكلين عليه، وأنه يجازيهم أحسن الجزاء. فلو لم يمتحنه الله هكذا لما عرف أحد مقدار إيمان ابراهيم وتقواه.

ونجد القصة نفسها في الصافات 37: 102_110 ، ولم يقل أحد إن فيها ناسخاً ولا منسوخاً.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 22: 2 أمر الرب لإبراهيم: خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق .. وأصعده محرقةً على أحد الجبال الذي أقول لك . ألا يُفهم من هذا أن الله يطلب الذبائح البشرية كما تطلب أوثان الوثنيين؟ .

وللرد نقول بنعمة الله : نرجو أن يراجع القارئ إجابتنا على الاعتراض أعلاه. ونقول أيضاً: لم يكن تقديم إسحق ذبيحة أمراً وارداً، ولا كان الله يمتحن إسحق، لكنه كان يمتحن طاعة إبراهيم. ربما يكلّف أب ولده أن يحمل ثقلًا يعلم أن ولده لن يقدر أن يحمله، وهو لا يريده أن يحمله، لكنه يريد أن يختبر طاعة ولده.

ولقد جاز إبراهيم الامتحان بنجاح، لأنه كان يعلم أنه حتى لو ذبح ولده فسيقيمه الله من الموت ويعيده إلى إبراهيم، حتى أن إبراهيم وهو صاعد للجبل لتقديم ابنه قال لخادميه: أنا والغلام نذهب ونسجد، ثم نرجع إليكما (تك 22: 5).

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 22: 14 فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرأه، حتى أنه يُقال اليوم: في جبل الرب يُرى . ولكن لم يُطلق على هذا الجبل جبل الله إلا بعد بناء هيكل سليمان .

وللرد نقول بنعمة الله : الجبل الذي قدم إبراهيم عليه ابنه اسحق يُسمى جبل الله لأن الله تجلى لإبراهيم عليه، وهناك أمره أن لا يمد يده على ابنه اسحق، ووعده بالبركات، وأنه سيتبارك بنسله جميع البشر. ففي أي مكان يتجلى الله يُنْسَب إليه تعالى على سبيل التعظيم والتكريم. ولما ظهر الله ليعقوب في مكان، ووعده بالمعونة والمساعدة سمَّى هذا المكان بيت إيل أي بيت الله (تكوين 28: 18 و19). وكذلك لما ظهر الله لموسى أمره أن يخلع حذاءه لأن الأرض التي تجلى فيها الله تقدست (خروج 3: 5) فتسمَّى جبل المريا جبل الله لأن الله ظهر فيه لإبراهيم. وبعد ذلك بنى سليمان الهيكل على هذا الجبل المقدس لأنه جرت العادة أن يبنوا المعابد في الأماكن المقدسة. ونتيجة لظهور الله لإبراهيم بهذه البركات خرج مَثَل كان متداولًا في عصر موسى هو في جبل الرب يُرى . فموسى ذكر ظهور الله لإبراهيم قبل موسى بنحو 350 سنة تقريباً، ثم أيدها بتداوُل هذا المثل.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 25: 23 وعد الله يعقوب بالبركة. وفي تكوين 27 نرى تحقيق هذه البركة بكذب رفقة ويعقوب على إسحق. هل يحقق الله بركته بالخداع؟! .

وللرد نقول بنعمة الله : لابد أن تتحقق مواعيد الله. فإذا تحققت بوسيلة خاطئة فلا ننسب ذلك إلى الله، بل إلى البشر. ولو لم تخدع رفقة ويعقوب إسحق لمنح الله البركة ليعقوب بوسيلة أفضل. وتحقيق البركة بواسطة الخداع لا يعفي المخادع من مسئوليته أمام الحق وأمام التاريخ.

لقد وعد الله العالم بالخلاص في المسيح المخلّص، وقام يهوذا الإسخريوطي بتسليم المسيح لشيوخ اليهود فصلبوه، وهذا لا يبرّر فعلة يهوذا. ولكن الخلاص جاء للعالم.

ويمكن أن نقول إن الله بارك يعقوب بالرغم من شره وخداعه. وأليست هذه قصتنا؟! نعم، هناك خداع كثير في قصة يعقوب، فهو المتعقّب الذي يتعقَّب الآخرين من نقط ضعفهم. ولكن الله كان قد اختاره ليكون أباً للشعب الذي تتحقق فيه المواعيد المُعطاة لإبراهيم، والذي منه يجيء المسيح، وقال: أحببت يعقوب (ملاخي 1: 2 و3). وهي محبة عجيبة موهوبة ممنوحة وليست مكتسبة. وكان الله سيبارك يعقوب لو أنه سَلَك بالاستقامة. ولو كان يعقوب صادقاً لنال البركة بدون متاعب، ولكن لأنه كان مخادعاً نال البركة (لأن الله وعد بها) ومعها الضيق والتعب. لقد خدع أباه وأخذ بركة عيسو، ولذلك خرج تائهاً في الصحراء حتى وصل إلى بيت خاله. ولكن الله كان قد جهّز له البركة بدون ذلك (تكوين 27 خداع الأب، وتكوين 28 رؤيا الله والسلم). وخدع يعقوب خاله بمحاولة تقشير القضبان (علمياً: كشط البياض عن قضبان اللوز لا يجعل الغنم تلد مخططات). ولكن الله منحه الكثير من الثروة. أما خداعه فأورثه الهروب الخائف من خاله (تكوين 30: 37_43 و31: 17_21).

إن الله لا يسمح بالالتواء، فليس فيه ظلمة البتّة. وكل من يلتوي قد يربح ماديات لكنه يدفع الثمن الذي يبدأ من نقص الاستقرار إلى بُغْض الآخرين له. لقد دفع يعقوب الكثير من الثمن مقابل ما أخذه من بركات الجسد. وكان تعبه يفوق ما ربحه من غنم أو بقر! يكفي أن بصره ذهب حزناً على يوسف!

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 29: 2 ونظر وإذا في الحقل بئر، وهناك ثلاثة قطعان غنم رابضة عندها، لأنهم كانوا من تلك البئر يسقون القطعان، والحجر على فم البئر كان كبيراً . وفي آية 8: فقالوا لا نقدر حتى تجتمع جميع القطعان . في الآية 2 و8 وقع لفظ غنم، والصحيح لفظ الرعاة بدلهما كما في النسخة السامرية واليونانية. لعل لفظ ثلاثة رعاة كانوا هناك.

وللرد نقول بنعمة الله : الضمير في قوله: كانوا من تلك البئر يسقون القطعان عائد إلى الرعاة. ورد في الواقعة 56: 83 : فلولا إذا بلغت الحلقوم أي النفس. وورد في القيامة 75: 26 : كلا إذا بلغت التراقي أي النفس. قال علماء المسلمين: أضمر الروح أو النفس لدلالة الحلقوم والتراقي عليها. وورد في سورة ص 38: 32 : حتى توارت بالحجاب أي الشمس. ففي هذه الأمثلة عاد الضمير على اسم ظاهر غير مذكور في الكلام، وإنما فُهم من سياقه. وقد يدل على الاسم الظاهر سياق الكلام، كقوله في الرحمن 55: 26 : كل من عليها فان (أي الأرض) وهي غير مذكورة في الكلام السابق. وكذلك ورد في الرحمن 35: 45 : ما ترك على ظهرها (أي الدنيا) وهي غير مذكورة في الكلام السابق. وفي النساء 4: 11 : ولا لأبويه (أي الميت) ولم يتقدم له ذكر. قال علماء المسلمين: لابد للضمير من مرجع يعود إليه، ويكون ملفوظاً به سابقاً مطابقاً، نحو ونادى نوح ابنه و عصى آدم ربه ، أو متضمناً له نحو اعدلوا هو أقرب فإنه عائد على العدل المتضمن له: اعدلوا، أو دالًا عليه بالالتزام نحو إنَّا أنزلناه (أي القرآن) لأن الإنزال يدل عليه التزاماً.

فيتضح للمتأمل أن عبارة التوراة العبرية صحيحة، أما المترجم في السامرية أو اليونانية فأراد التوضيح، فذكر الاسم. والمترجم تارة يزيد بعض عبارات من عنده للتوضيح والبيان، إذ يتعذر عليه مطابقة الأصل تماماً.

قال المعترض الغير مؤمن: جمع يعقوب الأختين ليئة وراحيل (تكوين 29: 30) مع أن هذا حرام حسب شريعة موسى في لاويين 18: 18 ولا تأخذ امرأة على أختها للضّرّ . فتكون آية اللاويين ناسخة لآية التكوين .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) روى النبي موسى حادثة تاريخية جرت لأحد الأفاضل، ولم يأت بشريعة ثم نسخها.

(2) لم يعط الله للقدماء شريعة ثم نسخها موسى، بل اصطلح القدماء على عادات عاشوا بحسبها.

(3) كان يعقوب قد خطب راحيل، فمكر به أبوها وزوَّجه ليئة. غير أنه استمر على خدمته حتى تزوج راحيل. وعلى كل حال لا يوجد شيء يقال له ناسخ ولا منسوخ في كتاب الله.

قال المعترض الغير مؤمن: قال يعقوب في تكوين 32: 30 لأني نظرتُ الله وجهاً لوجهٍ ونُجِّيت نفسي بينما يقول إنجيل يوحنا 1: 18 الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر . وهذا تناقض .

وللرد نقول بنعمة الله : مع الفصلين المُشار إليهما أعلاه يجب النظر في جملة فصول أخرى ففي خروج 33: 20 يقول الله لموسى: لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش ومن الجهة الأخرى نجد في خروج 24: 9 و10 ثم صعد موسى وهرون وناداب وسبعون من شيوخ إسرائيل ورأوا إله إسرائيل قد يظهر أن هذه الفصول يناقض بعضها بعضاً مناقضة صريحة. غير أن التوفيق ليس عسيراً البتة.

قال المسيح (له المجد) في يوحنا 4: 24 الله روح الأمر الذي يُستفاد منه أن الله لا يمكن أن يُرى، فجوهره غير منظور وهذه حقيقة ثابتة. ولكن هذا الإله المجيد غير المنظور قد يمنح الناس أن يروه بطرق وكيفيات مخصوصة، فيرون ظل مجده وحضوره بصورة منظورة. فقد يتخذ لنفسه، حباً في خير الناس، هيئة بشرية وهكذا يصير منظوراً لهم. لأن كل شيء مستطاع له. فيمكنه أن يكون كما يشاء. وحيث يراه الناس بهذه الكيفيات يكونون صادقين أنهم قد رأوا الله، مع أنهم لم يروا هذا الروح المبارك الكامل في علمه وحكمته، غير أنهم رأوه بهيئة خاصة أو في صورة اتخذها لنفسه وقتياً. ونذكر مثلًا: إذا رأينا شرارة تتطاير من سلك كهربائي، أو إذا شهدنا البرق عند المطر نقول: قد رأينا الكهرباء، مع أننا في الواقع لا يمكن أن نرى الكهرباء، بل كل ما رأيناه هو علامة تثبت وجود هذه القوة السرية المحيطة بنا. فبمعنى كهذا يمكن أن يُرى الله كلما تنازل بإعلان نفسه في هيئة منظورة. ولكنه لا يمكن أن يُرى في جوهره غير المحدود بصفته روحاً.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 35: 16-20 أن راحيل ولدت بنيامين بن يعقوب في كنعان. ولكنه في نفس الأصحاح والآية 26 ذكر أسماء أبناء يعقوب وقال إنهم وُلدوا في فدان أرام .

وللرد نقول بنعمة الله : ذكر النبي موسى بالتفصيل قصة ولادة بنيامين في كنعان (آيات 16-20). ثم ذكر في 23-26 أسماء كل أبناء يعقوب (بمن فيهم بنيامين) وقال بالإجمال إنه وُلدوا في فدان أرام، تاركاً للقارئ أن يدرك أنه استثناءً من ذلك وُلد بنيامين في كنعان، الأمر الذي كان قد ذكره بالتفصيل في العدد السابق.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 35: 22 و حدث إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض أن رأوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية أبيه. وسمع إسرائيل واليهود يسلّمون أن شيئاً سقط من هذه الآية، والترجمة اليونانية تتممها هكذا: وكان قبيحاً في نظره .

وللرد نقول بنعمة الله : قوله وسمع إسرائيل يدل دلالة عقلية على أن إسرائيل استقبح هذا العمل الذميم، فجمعت هذه العبارة بين الأدب واستقباح الفسق، فإذا قال المترجم فقبح في عينه كان من عنده لتوضيح الترجمة، والأصل في العبري باق على حاله.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 36: 2 أن عيسو تزوج أهوليبامة ابنة عَنَى الحوِّي، ولكنه يقول في تكوين 36: 20 إن عَنَى حوري .

وللرد نقول بنعمة الله : هناك أكثر من شخص حمل اسم عَنَى، نعرف منهم على الأقل اثنين، أحدهما رجل (تكوين 36: 20) والا خر أنثى (تكوين 3: 2). فربما كان عنى الوارد في آية 2 غير عنى الوارد في آية 20.

وقد يكون أن عنى حوري بمعنى ساكن كهوف، فيعزوه إلى محل إقامته، وهو في نفس الوقت حوي فيعزوه إلى قبيلته.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 36: 31 وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبلما مَلَكَ مَلِكٌ لبني إسرائيل . ولا يمكن أن تكون هذه الآية من كلام موسى، لأنها تدل على أن كاتبها عاش في زمان قام فيه ملك على بني إسرائيل. وأول ملوكهم شاول كان بعد موسى بنحو 356 سنة. وقال آدم كلارك إن تكوين 36: 31-39 مأخوذ من 1أخبار 1: 43-50 وإنما كانت مكتوبة على الحاشية، فظن الناقل أنها جزء من الأصل .

وللرد نقول بنعمة الله : هذه الآية من أقوال الله لموسى النبي، وليست من سفر أخبار الأيام. والدليل على ذلك أن موسى ذكر في تكوين 17: 6 قول الله لإبراهيم: وأثمرك كثيراً جداً وأجعلك أمماً، وملوك منك يخرجون . وقال الله لإبراهيم في آية 16 عن سارة: تكون أمماً، وملوكُ شعوبٍ منها يكونون . وقال الله ليعقوب في تكوين 35: 11 أنا الله القدير. أثمر وأكثُرْ. أمة وجماعة أمم تكون منك، وملوكٌ سيخرجون من صُلْبك . فموسى النبي هو الذي ذكر هذه المواعيد الصادقة، وبالنتيجة كان عارفاً أن الله وعد إبراهيم أن سيكون من ذريته ملوك بني إسرائيل قبل أن يقوم ملك منهم. ولو قارن آدم كلارك أو من حذا حذوه أقوال الله ببعضها لما وقع في الخطأ. فموسى النبي كان متأكداً أنه سيقوم من بني إسرائيل ملوك في المستقبل، لتصديقه مواعيد الله التي وعد بها إبراهيم.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 37: 25 أن الذين اشتروا يوسف كانوا إسماعيليين، ولكنه في نفس الأصحاح في آيتي 28 و36 يقول إن الذين اشتروه كانوا مديانيين .

وللرد نقول بنعمة الله : الإسماعيليون والمديانيون تناسلوا من إبراهيم، وكانوا متشابهين في العادات وأسلوب الحياة. والأغلب أن القافلة كانت مملوكة للإسماعيليين، ومعظم العاملين فيها من المديانيين، فأمكن للنبي موسى أن يطلق على القافلة التي اشترت يوسف الاسمين معاً.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 41: 56 و57 و42: 1-5 أن الجوع كان شديداً في مصر وفي كنعان، ولكننا نقرأ في تكوين 43: 11 و15 أن كنعان كان بها طعام أرسل منه يعقوب هدية ليوسف .

وللرد نقول بنعمة الله : كان النقص في إنتاج الحبوب كالقمح، وليس في الفستق واللوز والبلسان، لأن الأشجار لا تتأثر بما يؤثر على زراعة الحبوب. نعم كانت هناك مجاعة في القمح، وليس في الفواكه وباقي منتجات الأرض.

قال المعترض الغير مؤمن: قال المفسر هارسلي في تفسير تكوين \44: 5 يُزاد في أول هذه الآية: لِمَ سرقتم طاسي؟ .

وللرد نقول بنعمة الله : من تأمل هذه الآية والتي قبلها يرى أن النبي عبّر عن سرقة الطاس بالكناية اللطيفة بقوله: لماذا جازيتم شراً عوضاً عن خير؟ أليس هذا هو الذي يشرب سيدي فيه؟ أسأتم فيما صنعتم . أي أن أخذكم للطاس هو أعظم السرقة، لأن سيدي أغاثكم وأنقذكم من الجوع، وأنتم جازيتموه شراً عوضاً عن الخير. فقالوا كما في (آية 8): فكيف نسرق من بيت سيدك فضة أو ذهباً؟ فعبارة الأصل واضحة وكافية.

راجع تعليقنا على تكوين 15: 13.

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 46: 4 أن الله سيُصعد يعقوب من مصر، لكننا نقرأ في تكوين 49: 33 أن يعقوب مات في مصر .

وللرد نقول بنعمة الله : لقد أصعد الله يعقوب في مصر إلى درجة عليا، ومنحه الفرصة أن يبارك فرعون (تكوين 47: 7). ثم أصعد الله جسد يعقوب من مصر ليُدفن في مغارة المكفيلة بكرامة عظيمة بعد تكفينه في مصر ليرقد جسده في انتظار القيامة مع أبيه اسحق وجدّه إبراهيم. ثم أصعد الله نسله من مصر إلى أرض كنعان بمعجزات باهرة (تكوين 50: 1-13 وخروج 14).

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 46: 15 هؤلاء بنو ليئة الذين ولدتهم ليعقوب في فدان أرام مع دينة ابنته. جميع نفوس بنيه وبناته 33 . وهذا خطأ، فلو عددنا الأسماء وأخذنا دينة كان 34 .

وللرد نقول بنعمة الله : لا يوجد خطأ، فورد في آية 8 وهذه أسماء بني إسرائيل الذين جاءوا إلى مصر: يعقوب وبنوه ثم ذكر أسماءهم، ولكنه قال في آية 12 : وأما عير وأونان فماتا في أرض كنعان . وعليه فلم يأتيا إلى مصر، فيكون الذين أتوا إلى مصر 32 من أولاد يعقوب وبناته، فإذا أضفنا إليهم يعقوب، لأنه كان من الذين أتوا إلى مصر (حسب الآية 8) كان عددهم 33 نفساً. وقوله: جميع بنيه وبناته 33 أي يعقوب معهم أيضاً.

تكوين 46: 21 : عدد أولاد بنيامين

انظر تعليقنا على أخبار أيام أول 6 ، 7

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 46: 27 أن عدد نفوس بيت يعقوب التي جاءت مصر كان سبعين نفساً. وهذا يناقض ما جاء في أعمال 7: 14 من أن عددهم كان 75 .

وللرد نقول بنعمة الله : يتضح من تكوين 46: 26 أن عددهم 66 ما عدا نساء بني يعقوب أما سفر الأعمال فيضيف زوجات أبناء يعقوب، وعددهن تسع، لأن زوجتي يهوذا وشمعون كانتا قد ماتتا (تكوين 38: 12 و46: 10). فيكون العدد الكلي 75 .

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 47: 31 أن يعقوب سجد على رأس السرير ولكن جاء في عبرانيين 11: 21 أنه سجد على رأس عصاه .

وللرد نقول بنعمة الله : في الحالتين كان يعقوب عجوزاً ضعيف الجسد وقد كلَّت عيناه. وقد سجد مستنداً على رأس السرير قبل مرضه الأخير (تكوين 48: 1). وقبل أن يسلم الروح سجد مستنداً على رأس عصاه. لا تناقض، فقد كان السجود في مناسبتين مختلفتين.

اعتراض على تكوين 49: 33

راجع تعليقنا على تكوين 46: 4

قال المعترض الغير مؤمن: جاء في تكوين 50: 13 حمله بنوه إلى أرض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة . وجاء في يشوع 24: 32 وعظام يوسف التي أصعدها بنو إسرائيل من مصر دفنوها في شكيم في قطعة الحقل التي اشتراها يعقوب من بني حمور أبي شكيم بمئة قسيطة، فصارت لبني يوسف ملكاً . وجاء في أعمال 7: 15 و16 فنزل يعقوب إلى مصر ومات هو وآباؤنا. ونُقلوا إلى شكيم ووُضعوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم بثمنٍ فضةٍ من بني حمور أبي شكيم . وفي هذا تناقض. تقول العبارة الواردة في التكوين إن يعقوب دُفن في المقابر التي اشتراها إبراهيم من عفرون الحثي، وأما استفانوس فيقول إن يعقوب دُفن في شكيم. ويقول يشوع إن يوسف دُفن في الأرض التي اشتراها يعقوب في شكيم، بينما استفانوس يقول إن الآباء (أي بني يعقوب الذين منهم يوسف) دُفنوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم من بني حمور أبي شكيم .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) لا يقول أعمال 7: 15 و16 إن يعقوب من الذين دُفنوا في شكيم، لأن المشار إلى دفنهم هنا لا يدخل ضمنهم يعقوب بصريح اللفظ. ويجوز أن يُستفاد أن المقصود بهذه العبارة دفن بني يعقوب. ويمكننا أن نفهم عددي 15 و16 هكذا: فنزل يعقوب إلى مصر ومات هو وآباؤنا، وهؤلاء الآباء نُقلوا إلى شكيم . وهذا يفيد أن الذين دُفنوا في شكيم هم بنو يعقوب، ولم ترد في الكتاب إشارة أخرى إلى هذا الدفن، كما أنه لم يرد ما ينفيه. ويقول تقليد يهودي إن إخوة يوسف دُفنوا في شكيم حيث استقرت جثته هو أيضاً، وليس هناك ما يحمل على رفض مدلول هذا التقليد.

(2) يقول سفر يشوع إن المكان الذي دُفن فيه يوسف في شكيم اشتراه يعقوب، بينما استفانوس يقول إن إبراهيم هو الذي اشترى هذا المكان. ولهذا حلول مختلفة: الحل المعقول هو أن إبراهيم لما جاء إلى كنعان في الغالب اشترى قطعة أرض من حمور أبي شكيم ليقيم فيها مذبحاً، ثم ارتحل إلى أماكن أخرى. فقطعة الأرض التي كان قد اشتراها عاد فاحتلها أصحابها الأولون وأولادهم من بعدهم. وبعد هذا بنحو مائة أو 85 سنة جاء يعقوب إلى هذا الإقليم، واشترى نفس القطعة التي كان جدُّه إبراهيم قد اشتراها. وعلى هذا الفرض الذي لا اعتراض عليه تزول العقدة الظاهرة بين النصين. صحيح أن العهد القديم لا يذكر أن إبراهيم اشترى قطعة أرض في شكيم، ولكن من المحتمل أن يكون استفانوس قد علم أمراً كهذا، إما عن طريق التقليد أو عن طريق الوحي المباشر من الله.

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في تكوين 50: 25 فاذهبوا بعظامي من هنا . وفي بعض التراجم اذهبوا بعظامي من ههنا معكم .

وللرد نقول بنعمة الله : الترجمة الموافقة للأصل هي قوله فتصعدون عظامي من هنا . وعلى كل حال إذا لم تذكر لفظة معكم فهذه العبارات تدل على معنى المصاحبة. قال في الجزء الأول من تاج العروس في مادة ذهب إن التعدية بالباء تلزم المصاحبة، وبغيرها لا تلزم. فإذا قلت ذهب به فمعناه صاحبه في الذهاب.

  • عدد الزيارات: 24502

راديو نور المغرب

تابعوا وشاركوا في برنامج مسيحي حواري مباشرة على الهواء من راديو نور المغرب، تواصلوا معنا عبر الواتساب أو اتصلوا بالرقم: +212626935457

شهادات صوتية

تعالوا معنا لنستمع إلى شهادات واختبارات لأشخاص آمنوا بالسيد المسيح من كافة أنحاء العالم العربي، وكيف تغيرت حياتهم عندما تقابلوا مع المسيح.

إستمع واقرأ الإنجيل

أستمع واقرأ الإنجيل مباشرة عبر موقعنا لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح ومميزة أفكار القلب ونياته.

شهادات بالفيديو

تعالوا معا نشاهد هنا قصص واقعية لأشخاص إنقلبت حياتهم رأسا على عقب وعبروا من الظلمة إلى النور بعدما تعرفوا على السيد المسيح مخلص العالم.