شبهات شيطانية حول سفر نشيد الأنشاد - قال العلماء: كل صفة تستحيل نسبتها إلى الله تعالى تُفسّر بلازمها
وقال العلماء: كل صفة تستحيل نسبتها إلى الله تعالى تُفسّر بلازمها . (راجع تعليقنا على مزمور 78: 65 و66).
فإذا وردت في سفر النشيد بعض تشبيهات أو استعارات، وجب أن تُحمل على غايتها لا على أوائلها. وسبب قول المعترض إنه عشق فسقي هو استعمال هذه الاستعارات فيه. ولو ادّعى أحد الغربيين هذه الدعوى لعذرناه لجهله باصطلاحات أصحاب السلوك، بخلاف الشرقي الذي تواترت عنده قصائد محيي الدين بن العربي، وقصائد ابن الفارض وغيرهما، فإن قصائدهم في العشق الإلهي أشهر من أن تُذكر. وقالوا في ابن الفارض:
جُزْ بالقرافة تحت ذيل العارض وقلِ السلامُ عليك يا ابنَ الفارض
أبرزتَ في نظم السلوك عجائباً وكشفتَ عن سرٍّ مصونٍ غامض
وشربتَ من بحر المحبة والولا فرُويتَ من بحرٍ محيطٍ فائض
قال المعترض الغير مؤمن: يشير القول: حلقه حلاوة وكله مشتهيات (نشيد 5: 16) إلى محمد لأن كلمة محامديم في العبري، المترجمة مشتهيات في العربي، مشتقة من حمد وهي المادة المشتق منها محمد.
وللرد نقول بنعمة الله : الكلمة العبرانية محامديم اسم نكرة لا معرفة، بدليل أنه جاء في صيغة الجمع. ووردت هذه الكلمة في أكثر من موضع من التوراة بصيغة النكرة (انظر هوشع 9: 6 و16 و 1ملوك 20: 6 ومراثي 1: 10 و11 و2: 4 ويوئيل 3: 5 وإشعياء 64: 11 و 2أخبار 36: 19 وحزقيال 24: 16 و21 و25). وجاءت في حزقيال 24: 16 شهوة عينيك وكانت الإشارة إلى زوجة حزقيال (قابل حزقيال 24: 18). واستُعْمِلَت أيضاً للإشارة إلى بني وبنات عبدة الأصنام من جماعة إسرائيل (حزقيال 24: 25).
فإن صحَّ إسناد كلمة مشتهيات في سفر نشيد الأنشاد إلى محمد لأنها مشتقة من حمد، فيصح أن يُسند إليه أيضاً كلمة شهوة المشار بها إلى زوجة حزقيال، وبني وبنات عبدة الأصنام، لأنها مشتقة من حمد كذلك.
وفي اللغة العربية كلمات كثيرة مشتقة من حمد ولكن هذا لا يجعلها خاصة بمحمد، فإن قال أحد إن محمداً مشارٌ إليه في سورة الفاتحة بكلمة الحمد في قوله الحمد لله رب العالمين لأن الحمد ومحمداً مشتقان من مادة حمد، فهل يكون استدلاله صحيحاً؟ وكذلك إن استدل الهندي بأن أحد آلهته المدعو رام قد ذُكر في القرآن في سورة الروم في قوله غلبت الروم بدليل أن الاسمين مشتقان من مادة رام (كما في القواميس العربية). ألا يكون استدلاله مجلبة للسخرية عند أهل العلم والتمييز؟
- عدد الزيارات: 9646