Skip to main content

لزوم كفارة المسيح

تفرُّد اللّه بالقدرة على الفداء الحقيقي - أدلة كتابية على تفرُّد اللّه بمهمة الفداء

الصفحة 2 من 5: أدلة كتابية على تفرُّد اللّه بمهمة الفداء

 

2 - أدلة كتابية على تفرُّد اللّه بمهمة الفداء

أولاً - شهادة التوراة قال موسى النبي للّه: «ترشد برأفتك الشعب الذي فديته»(خروج 15: 13). ولم يكن المقصود بفداء اللّه لبعض البشر في العهد القديم، فداء أرواحهم، بقدر ما كان يُراد به فداء أجسادهم، أي إنقاذهم من الموت بوسيلة ما. أما فداء اللّه لنا، بمعى احتماله في نفسه كل خطايانا لإِنقاذنا من القصاص الأبدي الذي نستحقه بسببها فلم يُعلن (كما سيتضح فيما يلي من هذا الباب) إلا في المسيحية.

ولما كان قصد اللّه منذ الأزل أن يقوم بهذه المهمة، ترد الأفعال الخاصة بها في التوراة «فديتَه»في الزمن الماضي، كما يتضح من خروج 15: 13 ، ومما سنقتبسه بعد ذلك. أما إذا وردت في صيغة المضارع، فيكون المُراد بها التحدث عن الفداء أو التكفر كحقيقة من الحقائق الإلهية الثابتة، لأن التعبير عن هذه الحقائق يُصاغ في الفعل المضارع. وقال موسى أيضاً للّه: «اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ»(تثنية 21: 8) ومن هذه الآية يتح لنا أنه لا غفران إلا بعد الفداء - وهذا ما يتفق مع الحق كل الاتفاق.

وقال حزقيا الملك التقي «الرَّبُّ الصَّالِحُ يُكَفِّرُ عَنْ كُلِّ مَنْ هَيَّأَ قَلْبَهُ لِطَلَبِ الله»(2 أيام 30: 18 ، 19).

وقال أيوب عن اللّه «فَدَى نَفْسِي مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْحُفْرَةِ، فَتَرَى حَيَاتِيَ النُّورَ»(أيوب 33: 28).

وقال داود النبي «الرَّبُّ فَادِي نُفُوسِ عَبِيدِهِ»(مزمور 34: 22). وقال أيضاً «إِنَّمَا الله يَفْدِي نَفْسِي مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ»(مزمور 49: 15). كما خاطب نفسه قائلاً عن اللّه: «الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَ الرَّأْفَةِ»(مزمور 103: 4)، لأنه «إِلاهُ خَلاصِي»(مزمو 25: 5). ولذلك خاطب اللّه بالقول «مَعَاصِينَا أَنْتَ تُكَفِّرُ عَنْهَا»(مزمور 65: 3) والخلاص المقصود هنا هو الخلاص من الضيقات والآلام، كما يراد به الخلاص من الخطية ونتائجها.

وقال إشعياء النبي «فَادِينَا رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ»(إشعياء 47: 4). وقال أيضاً: «الرَّبَّ قَدْ فَدَى يَعْقُوبَ»(إشعياء 44: 23). وقال اللّه على لسانه «إِلَهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ. لَيْسَ سِوَايَ»(إشعياء 45: 21) والبار هو العادل، والمخلِّص هو الرحيم، ولا سبيل إلى الجمع بينهما، إلا إذا قبل المخلّص تحمُّل نتائج خطايانا عوضاً عنا تحقيقاً للعدالة. وإلا كان الخلا رحمة لا سند لها من العدالة، ومن ثمّ لا تكون ثابتة أو راسخة. كما قال للشعب الخاطئ «اِرْجِعْ إِلَيَّ لأَنِّي فَدَيْتُكَ»(إشعياء 44: 22).

وقال زكريا النبي عن اللّه «وَيُخَلِّصُهُمُ الرَّبُّ إِلَهُهُمْ»(زكريا 9: 16). وليس هناك إشكال في هذه الآية، إذ يُقصد «بالرب الإله هنا»المسيح من الناحية الجوهرية (كما سيتضح فيما يلي من هذا الصل) وبذلك يكون المعنى أن اللّه يخلّص البشر بواسطة المسيح. وقال اللّه على لسانه «أَجْمَعُهُمْ لأَنِّي قَدْ فَدَيْتُهُمْ»(زكريا 10: 8).

ثانياً: شهادة الإنجيل قالت العذراء مريم عن اللّه «الله مُخَل ِّصِي»(لوقا 1: 47). قاصدة بذلك أنه مخلِّصها من الخطية، لأنه لم تكن لديها وقتئذ مشكلة دنيوية ترجو الخلاص منها.

وقال زكريا عندما ألهمه اللّه أنَّ ابنه يوحنا سيُعدّ الطريق أمام المسيح «مُبَارَكٌ الرَّبُّ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ»(لوقا 1: 68).

وقال بولس الرسول عن اللّه إنه يفدينا من كل إثم (تيطس 2: 14)، وإنه افتدانا من لعنة الناموس (غلاطية 3: 13) وإنه يكفّر الخطايا (عبرانيين 2: 17) وإنه خلصنا (من خطايانا) ودعانا دعوة مقدسة (2 تيموثاوس 1: 9). وإنه بمقتضى رحمته خلصنا من خطايانا (تيطس 3: 5).

وقال بطرس الرسول إنَّ «الَّذِي مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا»(1 بطرس 3: 21) و «أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لا بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلا عَيْبٍ وَلا دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفاً سَابِقاً قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ»(1بطرس 1: 18 - 20).

وقال يوحنا الرسول عن اللّه إنه «يُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ»(1 يوحنا 1: 9) - وهذا يتضمَّن الخلاص منه. وقال عن المسيح إنه «كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً»(1 يوحنا 2: 2).

(6) وقال يهوذا عن اللّه إنه «الإِلاهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا»(آية 25).

والفعل «كفَر»(بوجود فتحة على الفاء) معناه في اللغتين العبرية والعربية «ستر». فنحن نقول: كفر الفلاح الحبوب، أي «سترها»بالتراب. والفعل «كفَّر»، بوجود شدة على الفاء، يراد به المبالغة في الستر مثل الفعلين: فتح وقفل. أما إذا استعمل حرف الجر «عن»بعد كفّر فيكون المراد به تقديم التعويض اللازم عن الخطية أو عن إنسان مذنب. فنحن نقول: «كفَّر فلان عن ذنوبه»، أي قدَّم التعويض اللازم عنها حتى تُرفع عنه عقوبتها. ونقول «كفَّر فلان عن المذنبين»أي قدّم التعويض اللازم عنهم حتى لا يلحقهم أذى من جراء ذنوبهم (لاويين 5: 5 - 19 ، 16: 30 - 34).

والتكفير وإن لم يكن هو ذات الغفران، لكنه مقترن به، فلا غفران إلا ويسبقه تكفير (أياً كان نوع هذا التكفير)، ولا تكفير إلا ويتبعه غفران. ولما كان الإنسان لا يستطيع التكفير عن خطاياه بالدرجة التي تفي مطالب عدالة اللّه التي لا حد لها، كان اللّه وحده هو الذي يستطيع القيام بهذه المهمة، فإن تكفير اللّه بنفسه عن خطايانا بمعنى احتمال نتائجها في نفسه (على نحوٍ ما) عوضاً عنا قبل أن يغفرها لنا، أمر لا يجوز الإختلاف بشأنه على الإطلاق. ولا غرابة في ذلك، فنحن نرى أنه إذا أساء بد إلى سيده، فإن لسيده الحق أن يعاقبه، أو يعفو عنه. فإذا أبت نفسه أن تتحمل إِساءة العبد، عاقبه من أجلها. لكن إذا رضيت نفسه أن تتحمل هذه الإِساءة عطفاً وشفقة على العبد، فإنه يعفو عنه. وفي هذه الحالة يكون قد فداه أو كفَّر عن إساءته، لأنه حمل الألم في نفسه عوضاً عن أن يصبّه على رأسه ناراً حامية. وكل ما في الأمر أن اللّه في عفوه عنا يتحمل إساءتنا في نفسه، ليس فقط بسبب العطف علينا، بل أيضاً لإِيفاء مطالب عدالته، لأن هذه ليست مجرد شريعة لديه كما هي الحال معنا، بل إنها صفة من الصفات التي تتميز بها ذاته، من الضروري إيفاء مطالبها بأي حال من الأحوال.

قانونية قيام اللّه بالفداء
الصفحة
  • عدد الزيارات: 16596

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.