نشر في تأملات روحية.

عظمة إخلاء المسيح لنفسه

عظمة إخلاء المسيح لنفسه

في لحظة تجسد المسيح حين صار انسانا، نستطيع أن نتأمل بهذه الروعة وبهذا التواضع الذي لا مثيل له، ومن هنا أيضا نستطيع أن نلمس مدى عظمة هذا الإخلاء الذي يفوق المنطق والعقل ويمكننا أن نستنتج من هذا الحدث أن:

1- الطبيعة التي أخذها ترينا إخلاء لنفسه أيضا: على الرغم من أن الطبيعة التي أخذها بلا خطية، إلا أنها كانت عرضة للجوع والعطش والتعب والإلم والموت، وإن كان إصعاد الإنسان للإتحاد مع الله، تعظيما للإنسان، كذلك أن يأخذ الله طبيعة أدنى منه ليست سوى تواضع فائق وعظيم. تنازله إلى أرضنا وهو الذي سماء السموات لا تسعه" لأنه هل يسكن الله حقا على الأرض.

هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت" (1 ملوك 27:8)، وظهوره في شبه الناس، هو قمّة أي تواضع ممكن أن يحصل في تاريخ العالم. فهل يوجد أعظم من هكذا إخلاء؟

2- اختيار المسيح أن يتجسد من أدنى شعب على وجه الأرض: "ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب التصق الربّ بكم واختاركم لأنكم أقل من سائر الشعوب" (تثنية 7:7)، ومن بينهم من أصغر عشائر اسرائيل وأقلها اعتبارا أي يهوذا ومنها من أصغر بيت. هو بيت يسى البيتلحمي، ومن هذا البيت أصغر ولد عنده، أي داود جاء المسيح من هذا النسل، كل هذا دلالة جدية لتواضعه وإخلائه العظيم لنفسه. لا أحد منا يحب أن يذكر اي شخص دنيّ من سلالته وكل البشر ينسبون أنفسهم إلى عظيم ما من أجدادهم. أما المسيح فهو عجيب حتى في تجسده من أدنى العشائر، أفليس هذا دليل دامغ على مدى عظمة هذا الإخلاء؟

3- تواضعه وإخلائه يظهران في كل مراحل حياته الأرضية: تقميطه كباقي المولودين حديثا، إحتياجه لحليب أمه ورضاعته منها ليتمكن من النمو، تحمله لآلام الختان في يومه الثامن، تقديمه إلى الهيكل كباقي الأولاد، تهريبه من مصر كما لا حول ولا قوة له، نموّه جسديا كباقي الأولاد، خضوعه لوالديه، تعلمه مهنة النجارة وعمله بها و لم تكن له فرصة التعلّم كباقي الأولاد، كل هذه الأمور ترينا أنه لم يكن حتى كادم الأول الذي دخل العالم مباشرة بكامل قواه الجسدية والفكرية. فما أروع وما أعظم هذا الإخلاء المميز!!

أيها الصديق العزيز: في إخلاء المسيح لنفسه لم يعد مستحيلا على أحد ان يرى الله ويعرفه، فالمسيح وفي أيام تجسده مازال متساويا مع الآب والروح القدس وهو الله في كل ميزاته الفائقة، ولكنه بتواضع كبير ومن شدّه محبته لنا ضحى بنفسه من أجلنا، فهل تؤمن به؟