Skip to main content

أعظم من جميع الأنبياء

أعظم من جميع الأنبياء - الكهنة واللاويون يسألون يوحنا المعمدان

الصفحة 3 من 6: الكهنة واللاويون يسألون يوحنا المعمدان

الفصل الأول

الكهنة واللاويون يسألون يوحنا المعمدان

حين جاء ملء الزمان .. أو بعبارة أخرى حين كمُل الزمان ، وحان الوقت المعين من الله لولادة المسيح فى بيت لحم .. بدأت عجلة النبوة تدور بعد أن صمتت السماء أربعئمة سنة بعد النبي ملاخي، وتوقف ظهور أنبياء أمناء طيلة هذه القرون.

أجل ! حان ملء الزمان ، وتهيَأ العالم تماماً لظهور المسيح..

فرضت الإمبراطورية الرومانية سيطرتها على دول كثيرة.. ومهدت الطرق لتربط بها أجزاء إمبراطوريتها الشاسعة ، وبهذا كان من السهل على الرسل والمؤمنين بالمسيح أن ينشروا بشارة الإنجيل متنقلين بأمان من مكان إلى مكان بعد صلب المسيح ، وقيامته ، وصعوده إلى السماء .. إطاعة لأمره الكريم :

" اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس . وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به . وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (متى 28: 19و 20) .

كذلك أضحت اللغة اليونانية لغة الثقافة والفلسفة، وهى لغة تتميز بالجمال والدقة فى التعبير .. وهذه اللغة كتب الرسل رسائلهم وكتب البشيرون الأناجيل.

ومع هذا كله ، كان العالم قد يأس من أن يجد فى وثنيته إشباعاً لحاجاته .. فلم تستطع الوثنية أن تعطي الناس غفراناً تاماً لخاطاياهم ، ولا أن ترسم لهم طريقاً صحيحاً للحياة اليومية ، ولا أن تعطيهم يقيناً بالحياة الأبدية .. فلما وصل إنجيل المسيح إلى هذا العالم الرازح تحت آثامه وأثقاله بواسطة رسل المسيح ، وجد الناس في المسيح الخلاص ، والغفران ، والحياة الأبدية ، والسلام والشبع التام.

صمتت السماء كما ذكرنا آنفاً أربعمئة سنة ، ولم يظهر خلال هذه المدة أنبياء في أرض اسرائيل : وإسرائيل هم الشعب الذى خصَه الله بالنبوة والأنبياء .

كان ملاخي آخر أنبياء العهد القديم ، وقد تنبأ عن ظهور يوحنا المعمدان ، الذي يسميه القرآن يحيى ابن زكريا ، وأعلن أن ظهور يوحنا سيكون لتهيئة الطريق لإعلان حقيقة المسيح.

وهذه كلمات نبوة ملاخي :

" هأنذا أرسل ملاكي فيهيَئ الطريق أمامي" (ملاخي 3: 1). وقبل النبي ملاخي تنبأ النبي إشعياء عن مجئ يوحنا المعمدان لإعداد الطريق للمسيح بالكلمات " صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب . قوِّموا فى القفر سبيلاً لإلهنا" ( إشعياء 40: 3).

وقد أكد مرقس البشير في بشارته أن هاتين النبوتين تمتا حرفياً فى يوحنا المعمدان : فقال فى غرة بشارته:

" بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله كما هو مكتوب فى الأنبياء . ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذى يهيئ طريقك قدامك . صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة . كان يوحنا يعمد فى البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا " ( مرقس 1: 14).

وذاع صيت يوحنا المعمدان ..

" وخرج إليه أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن . واعتمدوا منه فى الأردن معترفين بخطاياهم " ( متى 3: 5و 6).

فى ذلك الوقت " أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت ، فاعترف ولم ينكر وأقرَ أن لست أنا المسيح . فسألوه إذاً ماذا . إيليا أنت؟ فقال لست أنا . النبى أنت ؟ فأجاب لا. فقالوا من أنت لنعطي جواباً للذين أرسلونا. ماذا تقول عن نفسك . قال أنا صوت صارخ فى البرية قوّموا طريق الرب كما قال إشعياء النبي" (يوحنا 1: 19-23).

نقرأ فى هذه الآيات أن الكهنة واللاويين قدموا ليوحنا المعمدان ثلاثة أسئلة :

السؤال الأول : هل أنت المسيح ؟

السؤال الثاني : هل أنت إيليا؟

السؤال الثالث: هل أنت النبي؟

وكانت إجابة يوحنا المعمدان صريحة " لست أنا المسيح : ولا إيليا ، ولا النبي".

ويجدر بنا فى هذا المقام أن نسأل: على أي أساس سأل الكهنة واللاويون يوحنا المعمدان هذه الأسئلة ؟

والجواب : إن هناك ثلاث نبوات في العهد القديم كان اليهود ينتظرون إتمامها..

وفي الوقت الذي وُلد فيه المسيح ، كانت النفوس الأمينة تترقب إتمام هذه النبوات كما يترقب راصدوا الكواكب كوكباً حان موعد ظهوره .

·       النبوة الأولى خاصة بمجئ المسيح وموته ، وسجلها دانيال النبي بالكلمات :

" وبعد اثنين وستين أسبوعاً يُقطع المسيح وليس له " (دانيال 9: 26).

·       النبوة الثانية خاصة بمجئ إيليا النبي ، وسجلها ملاخي النبي بالكلمات:

" هاأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجئ يوم الرب العظيم والمخوف " (ملاخي 4: 5).

·       النبوة الثالثة خاصة بمجئ النبي – الذى مثل موسي – وسجلها موسي النبي بالكلمات:

" يقيم لك الرب إلهك نبياً نبياً من وسطك من إخوتك مثلى. له تسمعون . حسب كل ما طلبت من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلاً : لا أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أري هذه النار العظيمة أيضاً لئلا أموت . قال لي الرب : قد أحسنوا في ما تكلموا.

أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك : وأجعل كلامي فى فمه ، فيكلمهم بكل ما أوصيه به . ويكون أن الذى لا يسمع لكلامي الذى يتكلم به باسمي أنا أطالبه" (تثنية 18: 15-19) .

ويبدو من أسئلة الكهنة واللاويين أنهم لم يعرفوا أن المسيح الذى تنبأ عنه دانيال النبي هو بذاته النبي الذى تنبأ عنه موسي . ولذلك سألوا يوحنا المعمدان : هل أنت المسيح .. هل أنت إيليا ؟ هل أنت النبي؟

ونرى في أسفار الأنبياء مثالاً لذلك هو يوحنا المعمدان ، فقد تنبأ عنه إشعياء النبي فقال : " صوت صارخ فى البرية" ( إشعياء 40: 3) ، وتنبأ عنه ملاخي النبى فقال : " هأنذا أرسل ملاكي فيهي الطريق أمامي" (ملاخي 3: 1) .. والنبوتان تتحدثان عن ذات الشخص الواحد " يوحنا المعمدان " .. فهو الصوت الصارخ وهو ذاته الملاك الذى يهيئ طريق الرب.

لم يعرف الكهنة واللاويون أن المسيح هو بذاته النبي فسألوا يوحنا " النبي أنت؟ " ونرى لزماً علينا أن نحلل نص نبوة موسي تحليلاً دقيقاً ، وسنرى فى هذه النبوة الثمينة عدة حقائق تقودنا للتحقق التام من شخصية النبي الذى تنبأ موسى بمجيئه.

أولاً: أن النبي الذي تنبأ موسي بمجيئه كان لا بد أن يكون إسرائيلياً لا عربياً ، وهذا يتأكد لنا من نص الكلمات " يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك" (تثنية 18: 15). فالنبي الذي تنبأ عنه موسي لا بد أن يكون " إسرائيلياً" .. أن يكون من وسط شعب اسرائيل، لا من جنسية غريبة ، وشعب غريب، وهذا الشرط اشترطه الرب فى اختيار الملك الذي يملك على الأمة الاسرائيلية فقال : " متى أتيت إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك ، وامتلكتها وسكنت فيها ، فإن قلت : أجعل عليّ ملكاً كجميع الأمم الذين حولي. فإنك تجعل عليك ملكاً. لا يحلّ لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك" (تثنية 17: 14و 15).

فكما أن الملك الذى يملك على اسرائيل كان لا بد أن يكون من شعب اسرائيل وليس أجنبياً من شعب آخر ، كذلك النبي الذى تنبأ عنه موسي لا بد أن يكون من وسط الشعب الإسرائيلى، وأي نبي يأتى من شعب آخر غير شعب اسرائيل لا يمكن أن تنطبق عليه هذه النبوة .

ثانياً : أن النبي الذى تنبأ عنه موسي هو نبي مرسل إلى بنى اسرائيل كما تقول النبوة بوضوح لا غموض فيه.

" يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي . له تسمعون" ( تثنية 18: 15).

فالنبي الذى تنبأ موسي بمجيئه مرسل إلى بني اسرائيل وليس إلى شعب الجزيرة العربية.. وقد قال المسيح: " لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " ( متى 15: 24)، وقال عنه يوحنا البشير : " إلى خاصته جاء " (يوحنا 1: 11) ، وشهد القرآن أن المسيح جاء " رسولاً إلى بني إسرائيل " (سورة آل عمران 3: 49).

كانت النفوس العطشي فى اسرائيل تتطلع بشوق لمجيء هذا النبي الذى تنبأ عنه موسي.. وعندما أجرى المسيح معجزة إطعام الألوف بخمسة أرغفة وسمكتين ، يقول يوحنا البشير : " فلما رأي الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا أن هذا هو بالحقيقة النبي الآتى إلى العالم " (يوحنا 6: 14).

أما النبي محمد فقد جاء للعرب ، ومن العرب ، وبلغة العرب كما يقول القرآن :

" كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " ( سورة البقرة 2: 151).

" إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" (سورة يوسف 12: 2).

" وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى (مكة ) ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق فى السعير" (الشورى 42: 7).

فنبوة موسي هي بالقطع عن المسيح لا عن محمد .

ثالثاً: إن النبي الذى تنبأ موسي بمجيئه لا بد أن يكون مثل موسي.

" يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلى " ، وتستمر النبوة قائلة :

" أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك " (تثنية 18: 15و 18).

وهنا لننظر عن قرب فى أوجه الشبه بين موسي والمسيح، وهي تؤكد لنا أن المسيح هو النبي الذى مثل موسي، وإنها لا تنطبق على النبي محمد بأي وجه من الوجوه .

نبي مثل موسي
الصفحة
  • عدد الزيارات: 28965

الإنجيل المقدس مجانا

إحصل على نسختك المجانية من الإنجيل المقدس يصل إلى عنوانك البريدي أو بواسطة صديق.

شاهد فيلم المسيح

شاهد فيلم المسيح بلهجتك الخاصة متوفر بعدة لهجات من مختلف الدول العربية مثل اللهجة الجزائرية والتونسية والمصرية وغيرها.

إتصل بنا عبر سكايب

إلى زوارنا في البلاد العربية بامكانكم الإتصال بأحد مرشدينا مباشرة من الساعة التاسعة صباحا حتى الثالثة مساء بتوقيت مصر.

شاهد قصص الأنبياء

سلسلة قصص درامية باللغة العربية عن أنبياء الله في العهد القديم تبدأ من قصة آدم وحواء حتى قصة الملك داود.